Thursday, May 22, 2008

تخريف 1 :

بما أن الشـِّعر للأسف الشديد أصبح في خبر كان وحتي في اسم إن أيضاً قراءة ً وكتابة ً .. أصبح كمحاولة اللحاق بجواد شارد .. شارد صحيح ولكنه ثائر مجنون يقفز قفزات يختفي في كل قفزة منها كنقطة لا نهائية في الأفق .. كنقطة تلاشي الأشياء في المنظور المعماري لها كما يقول هؤلاء المعماريون الذين أنتمي إليهم بحكم شهادتي الدراسية .. كجزء ملون بديع من قوس قزح يقترب من نافذة غرفتك ويتسلل عبرها ليداعب وجهك المرهق وأنت تصحو من نومك لتتستعد لمواجهة همومك ومشاكلك كما كان يواجهها بائع العيش المنقرض الذي كان يحمل فوق رأسه تلالاً منه فوق تلك الأقفاص الظريفة وهو يلوي بالنداء عليه صوته العريض في صباح ضبابي يبحث المرء فيه عن شعاع منعش .. فإذا بهذا القوس الملون يداعب عينيك واعداً إياك بحلم فضي علي ذهبي علي وردي في برتقالي حتي .. ثم إذا به يتسلل من غرفتك طائراً نحو الفراغ والفضاء والضباب وليالي العذاب ! .. وكأنه وجدك شاعراً كحياناً مش علي قد المقام .. ويتركك كما كنت بل في حال أسوأ لأنه كمن مد يديه بكوب مليء بالماء ثم سحبه .. تماماً كما لو كان أخرج لك لسانه بعدما ظننت أنه يبتسم لك .. بما أنه لا أحد عاد يقرأ الشعر أو يهتم لسماعه فسأضطر لذلك أنا أيضاً مؤقتاً .. وسأضطر لأن أعزف ألحان الوداع الإغريقية علي قيثارة قديمة لتلك الأشعار الملهمة التي كانت .. ولخيال هؤلاء الشعراء المجانين في ضوء القمر ولقرض الشعر الذي انقرض قبل أن يقرض أي شيء !


لمياء مختار

Wednesday, May 14, 2008


مذكرات فنان

( قصيدة من قصائد ديواني الشعري المطبوع " ضفائر الورد والندي الباكي )

بقلم : لمياء مختار

كم هي عبث ٌ أعمالي ..
كم هي زَبـَد ٌ آمالي ..
روحي تمتلك جناحين ِ ..
نسـْـجـُهما من قرص الشمس ِ ..
لكنّ الموج يحاصرني ..
يسكب ظلمات ٍ في عيني ..
ويذيبهما في قطراته ْ ..
وإذا نبت لي غيرهما ..
يبتلعهما ..
ويعود القلب لزفراته ْ ..
ويعود الصدر لنفثاته ْ ..
ويعود الحال كما بالأمس ِ ..
* * *
تقول صبية ٌ بضفيرتين عني :
إنني فنان ْ ..
لكنني أرتاب ْ ..
إذ كيف يعاقب بالنسيان ْ ..
من قدم آيات الحسن ِ ..
وتـُغـَلــَّـق ُ دوني الأبواب ْ ..
وتـُـكـَـدَّس ُ أستارُ تراب ْ ..
فوق تماثيلي في الدكان ْ ..
يُثقل سمعي وقع الخطوات ..
تذهب وتجيء بلا وقفة ..
قد تتبعها بعض اللفتات ..
بعيون ٍ طائرة ٍ حيري ..
ووراء زجاج ٍ كضباب ْ ..
تتوافد أشباح ٌ تـتـْـري ..
لكن لا تلمع أعينهم ..
أبداً ببريق الإعجاب ..
ما أنصفني إلا الطفلة ..
أعجبها نحت ٌ لصبي ٍ ..
في الغابة يعزف بالمزمار ْ ..
من تحت الرمش المتثني ..
تبرق عيناها كشقي ٍ ..
تدنو مني ..
يتدفق من وردة فمها ..
عطر الأزهار ْ ..
حين تغني ..
وتدور وفي يدها التمثال ..
أيُّ خيال ..
قد أيقظ روحاً تتبلور ..
في ليلة عيد ..
ولعلكِ يا بنتي خـِلت ِ ..
أن النحت دمية ُ سُـكـّر ْ ..
وأظنك ِ إذ أنت ِ كبرت ِ ..
قد تبتعدين ..
وبعذب القول علي كهل ٍ ..
سوف تضنين ..
كهل ٍ مثلي ..
ما سامره وقت َ الليل ِ ..
إلا التنهيد ..
* * *
أنصفني يوماً آخر طفل ٌ ..
يطفو بؤبؤه المتلون ..
ألواناً زرقاءَ رمادية ..
فوق بحيرات ٍ سحرية ..
من دمع العين ..
ويقول أنا حزن كـُوِّن ْ ..
من زَبـَد بحار ٍ همجية ..
تتعلق عيناه بصورة ..
لامرأة ٍ في نصف العمر ِ ..
ما تلك المقلة بخبيرة ..
لكن َّ بأوتار القلب ِ ..
روحاً تدفعه للسير ِ ..
في وجهة قطرات الحب ِ ..
تتدفق من عين المرأة ..
يلصق طفلي دوماً أنفـَه ْ ..
في كل مساء ْ ..
بزجاج ٍ واللوحة خلفـَه ْ ..
ترتعش ملامحه الشقراء ْ ..
يحمل كل مساء ٍ عبئـَه ْ ..
كان الطفل يتيم الأم ِ ..
أدرك ما فيه من ألم ِ ..
دوماً أتمني أن أمسح ..
من فوق الشعر المتناثر ْ ..
لكن الفرصة لا تسنح ْ ..
فسريعاً ما سوف يغادر ْ ..
من غير كلام ٍ أو سر ِّ ..
إلا نظرات ٍ بالعين ِ ..
لا تعدلها قصص الدهر ِ ..
من رفق ٍ لا يغمض جفني ..
إلا مع نسمات الفجر ِ ..
وضياء أذان ..
يغشي الدكان ..
* * *
من أعجب لفتات الزمن ِ ..
عند القـَدَر ِ ..
أن تسقط قطرات الطل ِّ ..
من فوق الوردات الذبـْـلي َ ..
تتحدر كدموع الرجل ِ ..
فوق جبين ٍ قاس ٍ خشن ٍ ..
أصبح من حزن ٍ لا يَبلـَي ..
مثل الصخر ِ ..
فأنا الليلة مثل الطائر ْ ..
قد رقص بقدم ٍ واحدة ٍ ..
قد نثر حبوباً وبشائر ْ ..
في موجة سحب ٍ صاعدة ٍ ..
إذ أني اليوم بدكاني ..
قد داعب نومٌ أجفاني ..
فرأيت التمثال الأسمر ْ ..
يمسح دمعات ٍ تتحدر ْ ..
من فوق جفوني المرخاة ..
ورأيت يد المرأة تدنو ..
تمسح قطرات ٍ من عرقي ..
وترتب لوحات الورق ِ ..
قد بدت اللوحة والفرشاة ..
نجيمات ٍ .. تلمع ُ .. تعلو ..
تاجاً برؤوس المنحوتات ..
قد قالت لي كل اللوحات ..
إنا نبضات ..
تقفز من وتر ٍ للروح ..
كشهاب ٍ قد قرر قدرَه ْ ..
وأفاق وقد ضيّع عمرَه ْ ..
من غير جنون ٍ وجموح ْ ..
من غير خلود ٍ للحظات ..
قفزت ببحيرة ألحان ..
فاهتز لها كل الشجر ..
واتسعت منها العينان ..
ومضي يرشف منها القمر ..
ويضيف لها بعض الألماس ..
من نظراته ْ ..
كي يسكب منها في عينيك ..
بريقاً ..
قد ذاب الصخر بلمحاته ْ ..
فتـَحـُول الصخرة بين يديك ..
عذاباً حلواً مسروقاً ..
من نار النفس المضطرمة ..
من بين خمود نفوس الناس ..
يا مبدعنا ..
إنا نبضات ٌ للخلد ِ ..
للفن ِ ترانا مخلوقات ْ ..
هل تــُبدل بخلود العهد ِ ..
بضع نقود ٍ وريالات ْ ؟ ..

( تمت )
* * *