Friday, June 05, 2009

لينكات قصصي القصيرة ومقالاتي بمجلة وسط البلد الإلكترونية - إلي الآن


أصدقائي الأعزاء

أكتب في مجلة وسط البلد الإلكترونية الجديدة الواعدة كتابة حرة تتنوع ما بين القصة القصيرة والمقال بمعدل مقال كل أسبوعين في تجربة جديدة مختلفة عن نوعية الكتابة الصحفية في مجلة آخر ساعة

وهذه هي لينكات قصصي القصيرة ومقالاتي بمجلة وسط البلد والتي أنشرها منذ حوالي ستة أشهر تقريباً

أرجو أن تحوز قصصي ومقالاتي إعجابكم وأنتظر آراءكم التي أتشرف بسماعها وتمثل مؤشراً قوياً لي في كتاباتي فأنا لكم وبكم يا أصدقائي وأرجو أن أظل دائماً عند حسن ظنكم في الكتابة بعون الله وبإذنه

هذا هو لينك التوبيك الذي قمت بعمله داخل جروب مسرحيتي ( ولكنه موتسارت ) ووضعت به لينكات القصص القصيرة والمقالات التي نشرتها بمجلة وسط البلد حتي الآن بترتيب نشرها من الأقدم للأحدث

http://www.facebook.com/topic.php?topic=9231&post=36696&uid=35495319280#post36696


وهذه هي اللينكات بالتفصيل وبترتيب نشرها - إلي الآن - من الأقدم إلي الأحدث


خواطر إيمانية



http://www.wostelbalad.com/index.php?option=com_content&view=article&id=240:2009-04-03-11-55-21&catid=54:2009-03-19-20-44-13&Itemid=80


المقال كاملاً



لم أكن أنوي الكتابة في موضوع ديني ، لسبب بسيط هو أن الدين له رجاله الذين تلقوا دراسة وافية في الأزهر أو غيره من المؤسسات الكبري ولا ينبغي أن يقحم أي إنسان نفسه فيه بغير أن يكون مؤهلاً .. ولسبب آخر هو أن ميولي أدبية في المقام الأول فالأحري بي أن أتحدث عن أديب أو شاعر عربي أو غربي أو كتاب أو موقف أو حدث ثقافي ، ولكنه رمضان .. رمضان الذي يأتي فيطمئن النفوس الدائرة في رحي الحياة بغير هوادة ويجعلها تركن إلي التأمل ولو قليلاً وتنشر أجنحتها متطلعة إلي السماء في رجاء وخوف وحب وطلب للرحمة والهداية كل ذلك في آن واحد ..

خطر ببالي شيء فجأة .. لابد أن لكل منا آية كريمة أو حديثاً شريفاً أثر في نفسه بشكل بالغ .. حتي إذا لم يتغير الإنسان للأفضل فور سماعه لهذه الآية أو الحديث إلا أن أياً منهما يترسب في أعماقه كلؤلؤة مكنونة تنتظر أن تخرجها أحداث الحياة من مكمنها لتعود النفس صافية خاشعة لله تجنح إلي تذكر أيام براءتها الأولي حين كانت تبكي وتتأثر في نهايات الطفولة وبدايات الصبا .. قبل أن تحولها دوامات الحياة التي كثيراً ما تكون تافهة إلي صخر أصم في أغلب الأحيان ..

فلا أعرف ما الذي ذكرني فجأة بحديث شريف أثر في نفسي كثيراً كثيراً .. قرأته ذات مرة مكتوباً بقلم د. أحمد عمر هاشم وكان يستشهد بالحديث للدلالة علي فضل الكرم والجود وإطعام الطعام ، ولكن الحديث فجر في نفسي معاني أخري .. ولا أعرف ما الذي جعلني أتأثر به بشدة فأبكي فور قراءته مذهولة من الأحداث المتتابعة للقصة التي يرويها الحديث والتي تشبه الدراما العنيفة الصاخبة والمثيرة للشجن النبيل والحزن والدمع في آن واحد ، فماذا كان يقول الحديث الذي عثرت علي نصه اليوم بعد أن تذكرته فجأة ؟

عن أبي ذر رضي الله عنه ، أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : " تعبد عابد من بني إسرائيل فعبد الله في صومعة ستين عاماً ، فأمطرت الأرض فاخضرت ، فأشرف الراهب من صومعته فقال : لو نزلت فذكرت الله فازددت خيراً ، فنزل ومعه رغيف أو رغيفان ، فبينما هو في الأرض لقيته امرأة فلم يزل يكلمها وتكلمه حتي غشيها ، ثم أغمي عليه فنزل الغدير يستحم ، فجاءه سائل فأومأ إليه أن يأخذ الرغيفين ، ثم مات .. فوزنت عبادة ستين سنة بتلك الزنية فرجحت الزنية بحسناته ، ثم وضع الرغيف أو الرغيفان مع حسناته فرجحت حسناته فغفر له " ..

يا للهول .. أيمكن أن يزل الإنسان مرة واحدة في حياته فيُمحي كل عمله في لحظة ؟ .. كان هذا أول ما خطر ببالي أول ما سمعت الحديث .. ثم تذكرت أن هذا يحدث كثيراً بالفعل .. فكثير من الناس خاصة في سن الشباب ورعونته ينتحرون لأسباب نراها تافهة ويرونها عظيمة أو هكذا يبديها لهم الشيطان وقانا الله الوقوع في مثل ذلك .. فالبعض يعتبر أن فقدان بسكلتة أو وجود ملح زائد في الطعام تعقبه مشاجرة أو الحصول علي تقييم في الامتحان ينقص درجتين عن تقييم الشهر الماضي أو ما شابه ذلك أمر تهتز له الدنيا .. بالطبع لا تكون الأسباب تافهة هكذا ولكنها أمثلة .. بل إن البعض تدفعهم رقة المشاعر إلي النار دفعاً .. كالفتاة التي تنتحر لأن خطيبها أو حبيبها تركها مثلاً .. عادة ما تكون رقيقة ساذجة فياضة المشاعر .. ولكن كل هذا لن يجدي ولن ينفعها فقد أصبحت النار من نصيبها .. مثلاً ..

ثم خطر ببالي الخاطر الأهم وهو الذي أعتقد أن الحديث يشير إليه من طرف خفي ، بخلاف الأمر الذي ذكره د. أحمد عمر هاشم وقتها من أن لإطعام الطعام أجراً عظيماً في الإسلام ومن أن الراهب قدم الرغيفين وكانا كل ما يملكه أي أنه تبرع بكل ما يملك من أجل أن تصدق توبته لله ، لقد ذكر د. أحمد عمر هاشم هذا وفكرت فيه كثيراً طبعاً ، ولكن خاطراً جديداً خطر ببالي وأعتقد أنه من أهم ما جاء في الحديث الشريف ، إنها الجملة التي تقول : (فأمطرت الأرض فاخضرت ، فأشرف الراهب من صومعته فقال : لو نزلت فذكرت الله فازددت خيراً ) ، لقد نظر الراهب من نافذة الصومعة فأعجبه اخضرار الأرض بالزرع ولونها الزاهي البديع ، فلم يفكر في النزول من صومعته للاستمتاع بالعشب والماء والهواء .. بل قال في نفسه قبل أن ينزل : سأنزل من صومعتي لأري آثار قدرة الله في الأرض وأذكره وأسبحه وأمجده فأتقرب إليه وتزداد حسناتي ، إذن لقد كانت نيته من الأساس صافية وهدفه سليماً ، ثم اختلطت هذه النية المضيئة بتراب الدنيا فعلق بها قليلاً ثم ما لبث أن انزاح عنها فعاد إليها بهاؤها ونقاؤها وبقي أصل الصفاء في نفس ذلك الراهب القديم ، وهذا يعيدنا إلي الحديث الشريف الآخر ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امريء ما نوي ) ، وهو الحديث الذي يقول عنه العلماء إنه أخطر حديث في الإسلام .. لقد بدأت أخيراً أفهم لماذا يعتبرونه كذلك ..

                                     
لمياء مختار




جوته الذي ضحك علي الشباب

http://www.wostelbalad.com/index.php?option=com_content&view=article&id=199:2009-04-03-01-29-28&catid=50:2009-03-19-20-42-26&Itemid=76


جوته




المقال كاملاً




لا تصدق كل ما يقال .. ولا تتأثر بكل ما تقرأ .. خاصة أولئك الكتاب المجانين ذوي العقول الكبيرة " اللي يودوا الواحد البحر ويرجعوه عطشان " .. ولا " تعش في الدور " أكثر من اللازم .. وقبل أن تفعل شيئاً أو تعتنق فكرة ما فكر فيها جيداً أولاً واعرضها مراراً علي " عقلك الحلو الزين المليح الملعلع ده " بتعبير عبد الرحيم بك كبير الرحيمية وهو ينصح زينات صدقي ! ..

خطر هذا ببالي وأكثر منه حينما وقعت في يدي مؤخراً بالصدفة قصة " آلام فرتر " الشهيرة للشاعر الألماني الكبير الرائع " جوته " والتي ألفها عام 1774 ، لم يكن فرتر إلا شاباً شاعراً متقد العاطفة ، أحب فتاة رقيقة ناضرة فإذا بها تـُخطب لصديق له ، فأحدث ذلك في نفسه ضروباً شتي من الانفعالات فهو يتأرجح بين الرضا والسخط والأمل واليأس والإذعان والثورة ، وتصور قصة " آلام فرتر " هذه المشاعر جميعها بعمق وصدق شديدين ، وانتهت القصة نهايتها المأساوية المتوقعة بانتحار فرتر مخلياً السبيل للجميع ، وفي الحقيقة لم يكن فرتر إلا جوته نفسه ! ..

نعم .. كان الكتاب يحكي قصة حب جوته الحزينة مع فارق أن جوته لم ينتحر في الحقيقة ، وإنما استمد فكرة الانتحار من حادثة وقعت لشاب رقيق انتحر بعدما أخفق في حبه لفتاة ، فاتخذ جوته من هذه الحادثة ما ختم به حياة فرتر المسكين الذي أوقعه حظه العاثر في يد المؤلف الذي قسا علي نفسه - فرتر يعني - في وقت كان فيه متوعك المزاج ! ..

ما الجديد في هذا ؟ .. الجديد والمفاجأة أن الأديب الراحل طه حسين يعلق في مقدمته للكتاب الذي كان قد ترجمه الأديب أحمد حسن الزيات متحدثاً عن ذلك ( العدد الوافر الذي انتحر من الشباب في ألمانيا وفرنسا وغيرهما من بلاد أوروبا عند قراءته .. لأن ظروف الحياة الاجتماعية كانت من الشدة والضيق في أوروبا بحيث تجعل نفوس كثير من الناس ضعيفة رخوة وخانعة مستسلمة لا تستطيع مقاومة ولا احتمالاً ) ! ..

شيء غريب يثير الدهشة .. أكان تأثير الكتاب قوياً إلي هذا الحد سواء إيجاباً أو سلباً لدرجة أن الكثيرين كانوا ينتحرون في ذلك الوقت لمجرد قراءة رواية عاطفية ؟ .. لقد كانوا شعوباً قارئة .. صحيح أن هذا تأثير بغيض .. إلا أنه في الجانب المقابل يمكن أن يدل علي مدي التأثير لو كانت النهاية إيجابية أو لو أراد الكاتب بث أفكار جيدة ، أما نحن فلا نتأثر بأدبنا العربي مهما " انشال البطل أو انهبد " وتلاطمته أمواج القصة العاصفة أو هوت به الريح في مكان سحيق ، فنحن قوم " قلبنا جامد " ولا يهمنا " هنادي اللي راحت في الوبا " ولا " أمينة اللي السوارس صدمتها " ولا غيرهما ، ولم نعد نحاول أن نجعل حياتنا أفضل برغم قراءتنا لمئات الروايات العربية التي تنتقد أوضاعاً أو تقاليد وعادات معينة من أجل تغيير الأوضاع للأفضل ، فنحن لم تعد تؤثر فينا إلا تأوهات وتثنيات مغنية الفيديو الكليب الفلانية أو تسبيلات عيون الممثل التركي العلاني ! .. ورب ضارة نافعة فقد يكون لأميتنا الثقافية الفضل في ألا تتسلل الأفكار السيئة إلي عقولنا الهشة .. والأفضل ألا تتسلل أية أفكار بالمرة فهذا أضمن ! ..

والحقيقة أن جوته كان بالغ الرقة بالفعل في كتابته لهذه القصة الجميلة ، وله تعبيرات خيالية فريدة شديدة العذوبة لا تخطر علي بال ، فمثلاً يقول حين يري فرتر خادمه وقد عاد لتوه من مقابلة تلك الفتاة الحبيبة ليبلغها باعتذار سيده فرتر عن موعد ما : ( لقد كان فيما زعم الناس أن حجر " بولونيا " إذا عرض للشمس اقتبس من أنوارها واختلس من أشعتها حتي ليبقي هزيعاً من الليل مضيئاً ، وتلك كانت حال هذا الخادم معي ، فإن شعوري بأن عينيها وقعتا علي وجهه ووجنتيه وأزرار ثوبه وطوق عباءته ، جعل هذه الأشياء في عيني ثمينة مقدسة ، وأنزله من قلبي منزلة سامية حتي لتأبي نفسي في تلك اللحظة أن أبيعه بألف دينار .. يالله ! .. كم كنت سعيد النفس بحضوره ! ) .. تخيلوا ! .. لأي درجة وصل حبه للبنت ! .. بالطبع هو حب لا يختلف كثيراً عن حب " س " من الأزواج لزوجته مثلاً حين يضربها صباحاً ومساء مع كل وجبة أو يحل الضرب محل الطعام أحياناً حين يفلس جيبه .. أليس كذلك ؟ ..

ثم يقول ذلك الرومانسي المغفل فرتر أيضاً وهو يصف حفلاً التف فيه المدعوون في حلقة تضم الرجال والنساء وقد قرروا أن يفعلوا شيئاً يقطعون به الملل فقام كل منهم بلطم جاره في الحلقة ثم العدْو لئلا يلحق به المضروب : ( وقد نالني منها لطمتان كانتا كما لاحظت أشد من لطمات الآخرين فطبت بذلك نفساً ونعمت عينا ً ) .. ، والحقيقة أن جوته لو كان حياً لقاضيته في المحاكم فقد انتحل فكرتي ! .. لأني ألفت وأنا في الرابعة أو الخامسة من عمري قصيدة عن " اللطش بالقلم " ما زلت أذكر كلماتها إلي الآن ولا أعرف ما الذي جعل ذهني الغريب يفكر في هذا في مثل هذه السن ! .. لابد أنها العبقرية المبكرة أو " الصياعة المبكرة " علي رأي عادل إمام ! ..

 بالطبع هذه الرومانسية المفرطة في جملة فرتر تقع في مكان بعيد جداً عن فتاوي ضرب الأزواج والزوجات بعضهم بعضاً ومَن منهما يمكنه أن يرد للآخر الصفعات أو لا يمكنه خلال ماتشات المصارعات اليابانية الذي اتضح أن الكثيرين يقومون بها للأسف في وقتنا الحاضر  ! ..

ما علينا .. المهم .. خلاصة كل هذا اللت والعجن أن جوته في حياته الفعلية لم يفكر في الانتحار بل عاش حتي سن الثالثة والثمانين ومات ميتة هادئة علي مقعده ، وفي نهايات حياته اتجه اتجاهاً إيمانياً متعمقاً في الكون وخالقه وأحب الإسلام والقرآن الكريم بصفة خاصة والرسول صلي الله عليه وسلم ويقال إنه أسلم بالفعل وإن كان هذا غير مؤكد ، أي أنه أنهي حياته الطويلة بالإيمان بالله - أياً كان دينه - وليس بالانتحار كما فعل فرتر ، وبهذا يكون بغير أن يقصد قد " ضحك علي " مئات الشباب الأوروبيين الذين انتحروا تقليداً لفرتر وضيعوا أعمارهم الغضة بكل بساطة ، بينما فرتر نفسه يقضي وقته خاشعاً مؤمناً مطمئناً ، فالكاتب تتغير أفكاره ومذاهبه الفنية والفكرية وتتجدد دائماً كمياه النهر .. وما يكتبه في فترة ما قد لا يكون معبراً عن شخصيته الحقيقية التي ستستقر في النهاية علي وضع ما قد لا نعرفه وقت قراءتنا لما كتب آنفاً .. ولدينا في مصر أمثلة كثيرة للكتاب الذين تتغير أفكارهم بين مرحلة وأخري وربما يحضر ذاكرتي منهم الآن د. مصطفي محمود علي سبيل المثال .. وغيره كثيرون من الكتاب الذين تغيرت أفكارهم ربما حتي إلي الاتجاه المضاد .. أم أقل لك يا عزيزي القاريء : فكر جيداً أولاً ولا تطبق علي نفسك كل ما تقرأ ؟! ..



لمياء مختار






أكل البلح حلو

http://www.wostelbalad.com/index.php?option=com_content&view=article&id=189:2009-04-03-01-12-35&catid=49:2009-03-19-20-39-47&Itemid=75




القصة كاملة



حملقت " أمل " بشدة وهي تشاهد أغنية في فيلم قديم لفريد الأطرش يقول فيها : " أكل البلح حلو .. بس النخل في العالي .. مش طايله إيدي البلح .. يا رب كان مالي " ، ثم قضمت قضمة صغيرة من الرغيف المحشو ببيضة والذي أعدته لها أمها كنوع من التغيير بدلاً من الفول الذي يتكرر كثيراً ، وقالت لأمها وهي تضحك : هو لازم يعني ياكل بلح ؟ .. طب ما ياكل بيض زيي ؟ .. لم ترد أمها التي كانت تغسل الأطباق حينذاك وإنما هزت رأسها ومصمصت شفتيها في هدوء ولم تلتفت حتي إلي البنت ..

" أمل " .. بنت لطيفة فقيرة في الحادية عشرة من عمرها تعيش في شقة صغيرة تقع في أحد البيوت القديمة هي وأمها وإخوتها الخمسة .. لديها دمية قبيحة الشكل للأسف .. فشعرها خفيف متقطع يأتي في خطين رفيعين في رأسها بحيث لو أمسكت خصلة منه وقامت بليها جانباً فستبدو العروسة صلعاء .. وفستانها خشن مزين بنقوش قليلة فقيرة الألوان وفجتها أيضاً .. عينا العروسة جاحظتان بشدة .. بحيث تخيفان " أمل " كلما وضعتها بجوار وسادتها كل ليلة قبل أن تنام .. فتغمض عينيها وتستدير لتنام علي الجانب الآخر لكي لا تفزع منها إذا ما استيقظت ليلاً فجأة ..

مرت " أمل " بدكان البقالة الصغير بجوار منزلها .. هناك " سيد " ذو الأربعة عشر عاماً صبي البقال الذي يلف للزبائن بضائعهم في أكياس .. إنه فتي لطيف .. حين لا يكون في المحل عشرة قروش فكة تسد باقي ما دفعته أمل في شراء شيء ما  ، يبحث لها بدلاً من القروش العشرة عن مجموعة منتقاة من اللبان والملبس والبونبون .. ويحرص علي أن يكون أغلبها بطعم الفراولة الذي يعرف أن " أمل " تحبه كثيراً .. وإذا لم يجد لباناً بطعم الفراولة يعتذر لها ويحرص علي وجوده في المرة التالية ..

كانت " أمل " في ذلك اليوم تمسك بدميتها الهزيلة المخيفة لفرط نحافتها كأنها هيكل عظمي بشعر أصفر وفستان ، أخذتها معها لأنهم في الفصل قد خطرت لهن كبنات فكرة طريفة هي إحضار دماهن مخبأة في حقائبهن المدرسية للمقارنة ومعرفة أية دمية هي الأجمل .. ستكون المسابقة بين الدمي في الفسحة طبعاً .. حينما سألها " سيد " عن سبب وجود الدمية معها في الشارع حكت له فقهقه قائلاً :

وفاكره إن العرجا دي هتكسب ؟ .. اسمعي .. ما ترميها أحسن يا شيخة ؟ ..

وفي هذه اللحظة .. حضر صاحب المحل فجأة وإذا به ينهر " سيد " بشدة وصوت عال ٍ قائلاً :

إيه ده انت غبي والا إيه ؟ .. حطيت باكو بسكوت في الكيس بدل الشيكولاتة اللي طلبتها الهانم .. مفيش فايدة منك ياله ! .. أنا عارف أهلكم بيحدفوكم علينا ليه ؟ .. بلاوي ع الصبح ! ..

تابعت " أمل " بعينيها المتسائلتين اضطراب " سيد " واعتذاره لكل من صاحب المحل والهانم وتعديله لخطئه غير المقصود ، وبعد أن رحلا نطقت " أمل " أخيراً قائلة لسيد في صوت خافت :

هو بيزعق لك كده ليه هو حصل إيه يعني ؟ .. انت أحسن من إنك تشتغل هنا .. ما تسيب الشغلانة دي ليه ما بتسيبهاش ؟ ..

" سيد " بانكسار وصوت خفيض :

هو أنا لقيت غيرها وقلت لأ ؟ ..

بعد فترة صمت قصيرة لمعت عينا " أمل " كأن فكرة قفزت إلي رأسها وقالت مبتسمة ابتسامة خفيفة بها شقاوة طفولية مريرة بلهجة جادة وكأنها اكتشفت شيئاً خطيراً :

عرفت دلوقتي ليه ما بارميش عروستي ؟ .. طب ما ناكل جاتوه بدل العيش ؟ .. ما تزعلش ما هو فريد الأطرش برضه عمل زينا قعد يقول عايز بلح في الغنيوة وبعدين لما ما لقاش حاجه قعد ساكت ..

هز " سيد " رأسه في ابتسامة بها بعض الحزن .. ضحكا بعد هنيهة .. ثم مضي كل منهما لشأنه وقد ضمت " أمل " دميتها إلي صدرها في احتواء واستسلام معاً ..

                                                تمت

                                        بقلم : لمياء مختار


خواطر شتوية



http://www.wostelbalad.com/index.php?option=com_content&view=article&id=221:2009-04-03-09-13-20&catid=50:2009-03-19-20-42-26&Itemid=76




الخاطرة كاملة




رياح شديدة هذه الليلة .. كتل الهواء البارد الضبابية تغلف المحلات كورق السلوفان اللامع الذي يحتوي الدمي والزهور فيجعل كل قطعة منها كأنها نجمة هبطت من السماء إلي يد متلقي الهدية الجميلة ، إنه شعور لذيذ حين ينكمش كل شخص في ملابسه الثقيلة المكونة من ثلاث أو أربع قطع وكأن الهواء البارد يدغدغه وكأن كتل البشر المتقاربة في الشوارع والمنكمشة جميعاً من البرد تتحرك في اتجاه واحد وبمشاعر واحدة غير إرادية وكأنها تدفع عنها كياناً مجهولاً غير مرئي .. ومن هنا ينبثق الدفء .. في ذلك الشعور العام بالتكاتف معاً من أجل دفع شيء مجهول .. حتي لو كان ذلك التكاتف وهمياً أو غير مقصود ..

ما الذي يبعث البهجة في هذه الليالي ؟ .. ربما يكون كوب كابوتشينو دافيء .. أو أغنية روك سريعة الإيقاع جداً .. أو في همسات المحبين التي ترسم دوائر فوق الزجاج .. دوائر تشبه ساحة جليد واسعة ترقص بها قلوب محبة علي موسيقي من المشاعر المحتدمة .. المليئة بالحب وبالأمل .. وربما تأتي البهجة من حقنة ساخنة اللسع في هذا الشتاء البارد يأخذها طفل يربت بعدها أبوه أو أمه فوق ظهره أو يمسح شعره فينسي البرد واللسع معاً .. أو من قرصة مداعبة علي الخد بين صديقتين تمرحان .. أو حتي ربما يأتي شعور بالراحة مع صفعة بين اثنين من الأصدقاء أو المحبين تسيل معها دموع العتاب ثم التسامح ..

وحبذا لو نزل المطر .. فألقي بشحناته الكهربية الرحيمة علي رؤوس الناس وأكتافهم .. فبعضهم يلتقط القطرات في سعادة غامرة ناثراً ما يستطيع التقاطه منها علي وجهه .. وبعضهم يجري ليختبيء في مدخل إحدي العمارات ليرقب وهو آمن من البرد والمطر مشهد غيوم الليل البنفسجية وقطرات المطر تقفز من حولها كأنها صغار يلعبون حول أمهم .. والبعض لا يهتم بهذه المناظر بل يقف تحت كشك جرائد ويشتري بعض البسكويت والسجائر في ظل صوت شادية المنبعث من الكشك يقول : لو قلنا في البعد ارتحنا .. نبقي بنضحك علي روحنا ، وقد لا يهتم البعض بهذه التفاصيل التي لا تعني له شيئاً فيضغط علي معطفه بقوة ضاماً أجزاء جسمه المتناثرة من البرد ويدفع نفسه في أقرب تاكسي يرضي أن يقف له ..

المهم في كل هذه المناظر الجميلة أن تكون المشاعر المصاحبة لها - إن وجدت أصلاً - صادقة وأن تدوم .. لا أن تكون كسحابات الصيف العابرة .. فإذا ما عاش الإنسان طويلاً .. فإن الأماكن التي شهدت ذكرياته الجميلة قد تتحول إلي أماكن طاردة .. إما لأنه لا يقوي علي تذكر أيام سعادته .. أو لأنه اكتشف أنه كان مخدوعاً في الذين أحب هذه الأماكن والذكريات لأجلهم .. فقد تكتشف الحبيبة المسكينة مثلاً أنها نسخة من " نادنكا " بطلة قصة قصيرة كتبها العبقري " تشيكوف " : تلك الفتاة الروسية الغضة الرقيقة التي ظل فتي في سنها يهمس في أذنها بصوت غير مسموع علي الإطلاق " أحبك " في كل مرة تزمجر فيها الرياح .. فتحار الفتاة هل نطق الكلمة أم لا .. وتنظر إليه فإذا به هاديء ثابت الملامح كأنه لم يقل شيئاً .. ظنت هي أنه يحبها .. وكان هو في الحقيقة لاعباً يلهو ويتسلي بمشاهدة مشاعرها الحائرة ..




                                        بقلم : لمياء مختار




يعني إيه أديب



http://www.wostelbalad.com/index.php?option=com_content&view=article&id=274:--q--q-&catid=50:2009-03-19-20-42-26&Itemid=76



المقال كاملاً





شيء محير بالفعل .. هذا السؤال علي بساطته فهو صعب للغاية أيضاً ..

ماذا نعني بكلمة " أديب " ؟ ..

إنني أطرح هذا السؤال لأنني خيل إليّ فجأة أن تعريف الأديب يتغير كل عشر سنوات أو عشرين عاماً علي الأكثر .. كيف ذلك ؟ .. خذ عندك : مثلاً في أوائل القرن العشرين كان أسلوب مثل أسلوب المنفلوطي وكتابات مثل كتاباته تعتبر مثالاً أعلي في الأدب ، والآن لو كتب أحد بمثل هذا الأسلوب لكان مصيره مثل مصير إسماعيل ياسين حينما دخل مستشفي المجانين ! .. فقد أصبح أسلوب المنفلوطي اليوم للأسف رمزاً للجمود والتخلف بعدما كان يعد رائداً ومتميزاً في عصره .. فمن يكتب الآن جملاً مثل هذه : " أيها الكوكب المطل من علياء سمائه : أأنت عروس حسناء تشرف من نافذة قصرها وهذه النجوم المبعثرة حواليك قلائد من جمان ؟ أم ملك عظيم جالس فوق عرشه وهذه النيرات حور وولدان ؟ " .. إن من يكتب مثل هذا الآن مجنون تقريباً ..

ثم جاءت مرحلة أصبح فيها العقاد وطه حسين نجمي الكتابة والأدب والفكر ، ولقب طه حسين بعميد الأدب العربي ، وكانت مكانتهما لا تدانيها مكانة ، وإذا بهما اليوم يصنفان تصنيفاً أقرب إلي تصنيف " المفكر " وليس الأديب وتمت زحزحتهما عن مكانتهما الأدبية ليدخلا في زمرة المفكرين أكثر من كونهما أدباء ، فلا يكتب لغة ملتفة مليئة بالشك الديكارتي سوي مفكر كطه حسين الذي يقول مثلاً في إحدي هذه الجمل التي لم تعد تستعمل طريقة سردها اليوم في الكتابة : " لا يعرض لي شيء غريب أو مألوف إلا حاولت أن أتبين أصله وأرده إلي علته ، وقد أبلغ من ذلك ما أريد فأرضي ، وهذا نادر ، وقد أعجز عن التعليل والتأويل فأسخط ، وهذا كثير ، وأنا علي كل حال ساخرة من نفسي لهذا المرض الذي لا أجد منه برءاً ، مرض التماس العلة والانتهاء إلي المصادر والأسباب " .. من يتحمل الآن كل هذا الالتفاف في الكتابة ؟ ..

ثم انتشرت روايات يوسف السباعي وإحسان عبد القدوس في فترة من الفترات انتشاراً كبيراً ، وكانا يعدان أديبين من الطراز الأول في عصرهما .. ولكنهما الآن تراجعت مكانتهما الأدبية بعض الشيء في حين ظل نجيب محفوظ ويوسف إدريس مثلاً محتفظين بمكانتهما في الدرجة الأولي إلي الآن .. لماذا صعدت أسهم هؤلاء وهبطت أسهم هؤلاء ؟ .. لا أحد يعرف علي وجه التحديد .. الأمر يحتاج إلي نقد وتحليل كبيرين ..

وسادت في فترة أخري مسرحيات العبث المترجمة ، التي تسخر من كل شيء في محاولة للإصلاح والارتقاء بالمجتمع الذي تفكك ودمرته الحرب العالمية ، وبرزت أسماء مثل يوجين يونسكو وصمويل بيكيت وغيرهما ، وأصبح الرمز والعبث يسودان عالم الكتابة .. ومازال الجميع للآن يذكرون جملة " ما زالت المغنية الصلعاء صلعاء ! " وهي مسرحية شهيرة ليوجين يونسكو المجنون هذا ! .. والموهوب في نفس الوقت ! ..

وبعد النكسة المريرة ، أصبحت أشعار أمل دنقل وأحمد فؤاد نجم في المكان الأول ، وصارت الصدارة للأدب الثوري الذي يرفع من روح الأمة ويحيي النفوس التي انهارت ، وأصبح الشعار الأدبي في تلك الفترة هو " لا تصالح " .. وكان لكتاباتهما أثر كبير بالفعل في إحياء روح مقاومة جديدة .. روح ثائرة برومنسية المحب لوطنه الذي يري في هذا الوطن الحبيبة التي تقبع أميرة ً في قصر عال ٍ بعيد محاولاً أن يصل إليها مهما كلفه ذلك من بذل نفسه وروحه في سبيل ذلك الحلم المأمول ..

ثم جاءت مرحلة أخري أظنها حديثة العهد .. وهي انتشار أدب أمريكا اللاتينية بين جيلنا نحن الشباب بالذات بشكل لا مثيل له ، وبدأت أسماء مثل بورخيس وماركيز وباولو كويلو تزحف علي الساحة الأدبية لتحتل مكاناً مرموقاً ، بإيغالها في أحلام البسطاء وثوريتها الشاعرية وواقعيتها السحرية الشهيرة التي قدمت أفقاً جديداً يرضي خيال القاريء ويشبعه بروح الجديدة ..

والآن في مصر ، ساد الأدب الساخر في العام الماضي .. الأدب الذي يسخر من كل شيء حوله في المجتمع ، لأن الناس بصراحة " زهقت " .. يريدون آمالاً تتحقق .. آمالاً بسيطة في معيشة لائقة وكيان متحقق وحياة أفضل .. لهذا لقي الأدب الساخر ترحيباً من الجميع هذه الأيام .. وظهرت جمل عجيبة الشكل والتكوين صادمة ومفاجئة في الوقت نفسه تصف إحداها مصر بزوجة الأب علي سبيل المثال ، والأغرب من ذلك روايات جديدة بها وصف مفصل لاصطلاحات المدمنين و" السيم " المتبادل بينهم وأنواع المخدرات .. بالإضافة إلي الكم الهائل من الروايات التي تتضمن أوصافاً جنسية خارجة لدرجة أن هذا صار هو الشائع والمعتاد والسائد وصار كسر التابوهات جميعها هو الموضة لدرجة حتي التابوهات الدينية أحياناً للأسف الشديد وهي التي من المفترض ألا يجرؤ أحد علي الاقتراب منها .. كيف حدث ذلك وتسللت هذه التغيرات شيئاً فشيئاً ؟ .. لا ندري .. ولكنه الواقع حالياً ..

الخوف الآن فقط من عدم وجود تعريف أو معيار واضح في الأذهان لكلمة " الأدب " .. وهذا التعريف الهلامي يتغير كل عدة سنوات .. ويتغير تغيراً عشوائياً مثل منحني يصعد ويهبط مخالفاً كل التوقعات .. وإن استمر الأمر علي هذا الحال فربما بعد عشر سنوات نكتشف أن أغنيات شعبان عبد الرحيم مثلاً - وسط هذه الهوجات الأدبية وليس الهوجة - قد صارت قطعاً من الأدب الراقي المتعارف عليه ! .. من يدري .. آهو كله ماشي ! ..

ولكن هناك فكرة أخري خطرت ببالي ، ماذا لو أقمنا مسابقة لتقليد أساليب الأدباء المختلفة في موضوع واحد ، فنتخيل مثلاً وصف حديقة ونحاول أن نكتب هذا الوصف بلغة كل أديب ، مثل فكرة تقليد الفنانين التي تظهر وتختفي من حين لآخر ، أم أن هذه الفكرة تحولت إلي نكتة بايخة وموضوع إنشائي سخيف ؟ ..

وهناك فكرة أخري أسخف : وهي التمرد علي أجيال جميع السابقين علي طريقة : انظر خلفك في غضب ! .. وبالتالي القول بأن الكتاب الجدد هم جيل بلا أساتذة .. فهل هم كذلك فعلاً ؟ .. أم أنهم تأثروا وُأشربوا رشفة من رحيق كل كاتب قرأوا له بدون أن يدروا ؟ ..


                                             بقلم : لمياء مختار


حكاية غير معقولة للؤلؤة حزينة



http://www.wostelbalad.com/index.php?option=com_content&view=article&id=294:2009-05-05-16-05-36&catid=50:2009-03-19-20-42-26&Itemid=76



القصة كاملة




لماذا لا تلتفت إلي ؟ ، قالتها بصوت عال لنفسها ثم بصوت أخفض فأخفض ، لم يسمعها أحد في المرة الأولي لكي يسمعوها في المرات التالية الخفيضة ، فلأحاول أن ألفت انتباهها إذن ، انكمشت علي نفسها لتعصر و تركز طاقتها في بؤرة واحدة صغيرة تشع علي الجميع ، نجحت ، وانبرت تتلألأ وتزهو بالأنوار الماسية والذهبية ، انتشر شعاعها في كل فستان الأميرة ، لكن الأميرة لم تلمحه ، لأنها كانت مشغولة بما هو أهم ، صورة سموها الغالية المصونة المعظمة ، في المرآة ، بالطبع لم تكن رموشها و عيناها لتنظرا إلي أسفل قليلا لتتأملا لؤلؤة غلبانة في فستانها العريض الفخم ،
لؤلؤة وسط اللؤلؤ هي بمثابة نملة بين النمل ، مهما كانت النملة مجتهدة أو تستلطف أصحاب البيت الذي تقيم فيه ، فإنهم لن يدروا عنها شيئا ، فهي ببساطة ، نملة ليس أكثر ، لا تعرف تلك اللؤلؤة المسكينة لم كانت تحب الأميرة ، كانت تحبها وحسب ، ربما لأنها رأت صورتها المرسومة بشكل ملائكي شاعري في بهو القصر قبل أن تراها علي الطبيعة ، ومن أول وهلة وأول شعاع دلفت إلي قلب اللؤلؤة ، فهي جميلة بسيطة بريئة في وداعة الأطفال في تلك اللوحة ، لابد أن يحبها كل من يراها ، آه ما أشقي القلوب الغضة الهشة الساذجة ، ما أشقاها ، كانت اللؤلؤة تريدها أن تلتفت إليها ،
تشيد بجمالها وتضعها في مكان الصدارة وتوشوشها كل حين بأسرارها الصغيرة ، تحكي لها وتداعبها ، وتصبحان أختين ، واحدة من لحم ودم ، والأخري من رمل وصدف ، وفي حركة عصبية لا إرادية ، مسحت الأميرة ثوبها الأبيض الناصع المتلألئ بيديها فأطاحت دون أن تدري بأربع لآلئ ، تدحرجت لؤلؤتنا الحزينة علي الأرض إلي أن سكنت ، بجوار فتاة فقيرة رثة الثياب كانت قد حضرت علي أمل أن تري طلعة الأميرة البهية من بعيد أو تشهد موكبها أو تشهد الناس الذين شهدوا موكبها ، أو حتي الخيول التي شهدت ذلك الموكب العظيم ، كانت الفتاة حزينة بشدة ، لدرجة أنها أرادت أن تبكي فلم تستطع ، لم يكن حزنها لفوات موكب الأميرة ، بل الأمر جدي حقا ، فأبوها وأخوها مريضان بشدة والدنيا موحشة والضباب مطبق ، قال لها الجميع : ابكي .. ابكي وإلا ستضار عيناك بشدة ، حاولت المسكينة أن تبكي فلم تستطع ، فقد كان الحزن أكبر من ذلك ، اقتربت اللؤلؤة من الفتاة أكثر وأكثر ، وحكت الشجرة التي تستند إليها الفتاة المسكينة قصتها للؤلؤة التي أصغت باهتمام للغة الشجرة الواضحة بالنسبة لها ، وتمنت ، تمنت لو تحولت إلي دمعة تنساب علي خد الفتاة إنقاذا لها من كتم الحزن الشديد الذي يمكن أن يضر عينيها الجميلتين المعتادتين علي الحزن والألم بدلا من البكاء المنهمر الذي يكون أحيانا بلا معني ، وفي لحظة صفاء ورضا ، فوجئت اللؤلؤة بنفسها وكأنها تصعد ، تصعد وسط سحب عالية جميلة تحتضنها وكأنها تدغدغها ، ضحكت مسرورة ، وأحست بنفسها وكأنها تتبخر لتدخل في مسام الفتاة المسكينة ، ومرة ثانية وجدت نفسها التي تطايرت شعاعا تعود لتتجمع وتلتحم من جديد لتصبح قطرة واحدة كبيرة تطل من شباك عين الفتاة ، ثم تسقط لتشعر كلتاهما بالراحة والسلام والرضا ، صارت اللؤلؤة دمعة باردة كبيرة سعيدة ، تريح وتستريح ، وعندما اقترب رسام فنان علي باب الله ، كان دائما يتردد بالقرب من القصر ، وطالما رأي موكب الأميرة
وفستانها الرائع الفخم فلم يرسم شيئا ولم يثر ذلك خياله ، عندما اقترب ولمح الدمعة علي خد الفتاة ، هتف لنفسه قائلا : ما أجمل هذه الدمعة علي هذا الوجه الجميل ! ، وشرع يرسم أخيرا بحماس  ..                         

                                                   بقلم : لمياء مختار
 


من يكون أول من يصفق



http://www.wostelbalad.com/index.php?option=com_content&view=article&catid=50%3A2009-03-19-20-42-26&id=323%3A2009-05-18-21-38-00&Itemid=76





المقال كاملاً





لا أعرف لِمَ تذكرت اليوم مشهداً من مسلسل " أسمهان " لفت معناه انتباهي وقتها ونسيته .. وتذكرته اليوم .. إنه ذلك المشهد الذي كان من المفترض فيه أن أسمهان تغني علي الأوبرا لأول مرة .. خائفة بالطبع تحاول ألا يبدو في صوتها أي أثر للقلق أو التوتر .. وبالفعل استطاعت أن تتغلب علي خوفها وتغني باقتدار قطعة جميلة لا أذكرها الآن .. وبمجرد انتهائها من الغناء .. ساد صمت بين الجمهور الذي امتلأت به الأوبرا .. صمت لوهلة قصيرة جداً ولكنها تكفي لأن تـُلاحظ .. هل هو صمت المفاجأة من جمال الصوت الجديد ؟ .. صمت التردد قبل تقييم الموهبة فيثبت خطأ الرأي المتسرع لمن قام بالتصفيق ؟ .. صمت التأمل وإعادة التقييم ؟ .. أم صمت الانتظار فربما تكون هناك وصلة غناء إضافية يتمكنون فيها من إعطاء فرصة ثانية لأنفسهم أكثر من كونها للمغنية قبل أن يصدروا حكمهم النهائي عليها ؟ .. ربما كان شيئاً من هذا وربما كان كل هذا .. وأخيراً قطع هذا الصمت في المسلسل أول تصفيق من شقيقها فريد الأطرش .. وبمجرد هذه التصفيقة الصغيرة من شخص واحد انهمرت القاعة بضجيج التصفيق المدوي من الجميع .. ونجحت المغنية الجديدة وكـُتبت لها شهادة ميلاد ..

هذا المشهد القصير جداً لا يعبر فقط عن الوسط الغنائي وإنما يعبر عن كيفية النجاح والشهرة في جميع المجالات .. فالوسط الأدبي لا يختلف عن هذا .. يبدع المؤلف الشاب ويضع عصارة جهده في عمل أدبي نفترض جدلاً أنه رفيع المستوي .. ويرسم له خياله أجنحة تطير به في سماء الشهرة ويتخيل جميع وسائل الإعلام وهي تتصارع من أجل أن يظفروا منه بحديث .. ويمضي في شططه فيظن أن عمله سيترجم وسيدعي إلي ندوات ومعارض عالمية وسيفوز بجوائز عدة وربما قفز به خياله المجنون إلي نوبل ذاتها .. ثم يفيق فيجد نفسه لا يختلف في شيء عن صاحب قصة " جرة العسل " الشهيرة .. لأنه سيصطدم أول شيء بسؤال بسيط : مَن أنت ؟ .. وهي نفس الفكرة الطريفة لفيلم قديم اسمه " قطر الندي " سألت فيه زينات صدقي أنور وجدي وشادية بتهكم قائلة : يطلع مين وحيد وقطر الندي ؟ .. كام واحد يعرف وحيد وقطر الندي ؟ .. كام واحد كتب عن وحيد وقطر الندي ؟ ..

ورغم بساطة الفكرة إلا أنها حقيقية وتتكرر في كل العصور وفي جميع المجالات .. وإذا طبقنا هذه النظرية علي كاتب ناشيء مثلاً فالمحك هنا فيمن يكون أول من يمنح الفرصة والتقدير والشهرة لهذا الكاتب الناشيء .. أما المشكلة الحقيقية فهي أنه لا توجد حركة نقد جادة واسعة للأدب في الوطن العربي .. ولهذا حينما يتحرك ناقد ما متثاقلاً ومتثائباً ليكتب عن كاتب شاب فإنه لن يفعل ذلك غالباً إلا بعد أن يشيب شعر هذا الشاب وتسقط أسنانه .. وحين يبدأ الكتابة عن هذا الشاب الذي أصبح الآن في السبعين من عمره مثلاً فإنه يعتبر أنه تسرع بالكتابة عن كاتب ما زال شاباً ناشئاً ! .. ويسأل نفسه ألف مرة : هل أنا علي حق بكتابة سطرين عن هذا الناشيء ؟ .. إن كتابته جميلة حقاً .. ولكن .. ربما كان زملائي النقاد مختلفين معي في هذا الرأي .. فماذا يكون موقفي لو هاجمه البعض ؟ .. سيقولون إن مستواي النقدي قد تراجع .. ولكني ينبغي عليّ أن أشجع الشباب .. ولكن ماذا لو شجعته ثم لم يأت بجديد ولم يكتب شيئاً بعد ذلك ؟ .. فلأقرأ ما كتب مرة أخري .. ولكن عملاً واحداً ليس بكاف ٍ .. إذن فلأنتظر عمله الثاني .. ، وهنا يهز الناقد رأسه مقتنعاً ومسروراً بوصوله إلي هذا الحل الذهبي ثم يذهب لينام ..

وحينما يصدر للكاتب الناشيء المسكين هذا عمله الثاني ينتظر النقاد عمله الثالث ثم الرابع وهكذا .. إلي أن يكتبوا عنه بعد أن تصبح المقالات النقدية لا تعني له شيئاً فقد زهدها وزهد الحياة نفسها .. ويكتشف أنه كان من الأفضل له في مجال الفن - والأدب جزء منه - أن يحاول الغناء ويقدم أي أغنية بلهاء فيجد نفسه قد امتلك كل شيء في لحظة .. فليس هناك بخل في المدح والتلميع في مثل هذه المجالات بل علي العكس ينهال التكريم والتشجيع حتي لو كان المطرب أو الممثل فاشلاً .. هو حد فاهم حاجه والا حد هيقيس بالمسطرة ؟ .. آهو كله ماشي .. حد يلاقي الدلع وما يتدلعش ؟ ..

ولهذا تكمن مشكلة الأديب الشاب كما قلت في : مَن يكون أول من يصفق ؟ .. مَن هذا الناقد الشجاع الذي يتحمس لكاتب شاب ويقدمه للقراء .. ومَن هذا الصحفي أو الإعلامي اللماح الذي يميز المواهب الحقيقية فيفرزها عن غيرها ويعرّف الناس بها ؟ ..

أما العامل في أي مجال علمي فله الله .. فلا تقدير من البشر ولا راتب يكفيه ولا أجهزة علمية تتوفر .. فحظ الأديب بالنسبة لحظ هذا العالـِم المسكين كحظ الممثل بالنسبة للأديب .. أضعاف مضاعفة ..

ربما أكون قد بالغت قليلاً بالنسبة لأوضاع الكتاب الشباب فقد كان الوضع كذلك وأسوأ ربما منذ بضع سنوات .. ولكن الآن مع دور النشر الجديدة وازدهار الإقبال علي الكتابة نسبياً ونشوء تقاليد أدبية جديدة كحفلات التوقيع وغيرها .. ربما لا يكون الأمر مظلماً تماماً .. فقد تسرب شعاع ضوء صغير إلي حجرة الأدب المظلمة الباردة ..فهل تنفتح النافذة تماماً ويغمر النور الحجرة أم تعود النافذة للانغلاق وتعود الظلمة لتغمر المكان ؟ ..


                                 بقلم : لمياء مختار





24 ساعة فقط



http://www.wostelbalad.com/index.php?option=com_content&view=article&id=354:24-&catid=49:2009-03-19-20-39-47&Itemid=75




القصة كاملة





-        مَن أنت ؟

كانت هذه أول كلمة قلتها لذلك الكائن الغريب الذي انبثق منبعجاً من المرآة وانبري يناديني بوقاحة لم يحدثني بها أحد من قبل ما عدا موظفاً بأحد المصالح الحكومية كان ما زال محتفظاً بساعة جده .. ما علينا ..

-        أنت الذي يجب أن تعرف من أنت ! ..

هكذا واصل وقاحته وغموضه .. لولا أنه يشبهني تماماً لفتحت دماغه بالفازة .. ولا أعرف ما الذي جعل دماغي تلف هكذا لتتخيل مسخاً مثل هذا الرجل .. أنا لا اشرب ولا أتعاطي ممنوعات ولم أكن قط مسطولاً أو مخرفاً .. ولكنه علي أي حال ليس مسخاً بالضبط .. سأسحب كلمتي .. إنه يشبهني تماماً .. وأنا رجل جميل الوجه ..

نظرت إليه بتحد ٍ وأنا أزُمّ عينيّ .. تجاهل نظراتي وقال :

-        سأنزوي في ركن مؤقتاً لأترك لك فرصة النظر جيداً في المرآة ..

قلت ساخراً :

-        النظر جيداً في المرآة ؟! .. وماذا سأري يا حسرة ؟ .. فالنتينو ؟! ..

-        فالنتينو .. فرانكنشتاين .. أي شيء .. لا يهم .. ( قالها بابتسامة ساخرة هو الآخر واختفي ) ..

اكتشفت أن كلام ذلك المجنون قد أثــّر فيّ .. فقد أخذت أحملق رغماً عني في صورتي في المرآة .. بحثاً عن أي شيء غريب .. هل تغير وجهي ؟ .. هل مسخت ؟ .. هل كبرت ؟ .. هل صرت أكثر وسامة ؟ .. هل هناك نمش أو حبوب في وجهي ؟ .. هل هناك ؟ .. آآآه ! ..

مددت يدي إليها في عجلة ولهفة واقتلعتها من جذرها منزعجاً .. شعرة بيضاء ! .. لقد ظهرت شعرة بيضاء في رأسي .. كارثة .. ولكن لماذا ؟ .. لا يهم .. إنني رجل ولست امرأة لأتباكي علي شعري الفاحم ..

ولكن .. هل كان للرجل الغريب نفس الشعرة البيضاء ؟ .. لا أذكر .. فلأتذكر جيداًً .. لا لا .. لا أذكر ..

ها هو يظهر مرة أخري .. إنه يظهر ويختفي كما الشيطان ..

نظرت إليه ملياً ثم قلت :

-        أنت مثلي تماماً ولكن ..

أخذت أدور حوله باحثاً عن الشعرة البيضاء في رأسه .. فلم أجدها للأسف ! ..

-        هل .. هل قمت بتمشيط شعرك اليوم ؟ .. ( سألته في حذر وشك ) ..

-        كلا .. ( قالها بابتسامة خبيثة ) ..

صمت ّ وساد جو هاديء مترقب بيننا .. ثم نطق قائلاً :

-        أنا أعرف عم تبحث .. وأعرف ماذا فعلت في غيابي .. لا تنزعج لظهورها فأنت ما زلت شاباً ! ..

شعرت بالقلق فعلاً من كلامه .. وتوترت وتوترت أكثر ثم قلت أخيراً :

-        من أنت ؟ .. بدون لف أو دوران ؟ ..

-        أنا ؟ .. ! .. أنا أنت .. وأنت أنا !! .. ( قالها بابتسامة أكثر صفاء هذه المرة ) ..

لم أحتمل هذا المزاح السخيف فنفخت في وجهه مشيراً بيدي في ضجر وكدت أغادر الغرفة ..

-        انتظر .. انتظر .. ( قالها بجدية ) .. لدي حديث جاد وشرح لك ..

-        يا سلام ! ..

-        اسمعني .. أنا لا أكذبك .. اعتبرني جئت من عالم المستحيل أو الخيال المحض أو الوهم الكبير أو حتي من نسج خيالك أو شخصاً قفز من وسط صفحات الإنترنت المجنونة .. رغم أنني أؤكد لك أنني حقيقة .. ولكنك لن تصدق أو تدرك ذلك ..

-        خلصني .. ماذا تريد أن تقول ؟ ..

-        اسمع .. أنا بالفعل أنت .. ولكن منذ 24 ساعة فقط ! ..

-        ماذا تقول ؟ ..

-        كنت أفضل أن أبقي في عالم الغيب أو المجهول بالنسبة لك .. ولكني شعرت بشيء من الملل اليوم حتي أنني تثاءبت ثلاث مرات .. ولهذا قفزت إليك لندردش سوياً بعض الوقت ..

-        أنت مجنون ! ..

-        يا مسكين .. أنت لا تفهم ولا تدرك ما أقول حتي الآن .. هل درست التفاضل والتكامل من قبل ؟ ..

-        ماذا ؟!! ..

-        لا عليك .. انس يا عمرو ! ..

-        إنك مخرف ..

-        اسمع القول الجد : ألم يخطر ببالك من قبل أنك تولد كل يوم من جديد ؟ ..

كدت أفتح فمي للكلام ولكنه ظل مفتوحاً قليلاً بدون كلام .. ولمعت عيناي بينما واصل هو كلامه :

-        سأوصل لك المعني بطريقة أخري .. ألم يسبق لك أن تأملت صورك وأنت طفل في الخامسة من عمرك مثلاً ؟ ..

-                     هذا سؤال بديهي ومكرر وسخيف ..

ضحك قائلاً :

-         علي رِسلك .. ألم يخطر ببالك أنك تود أن تحمل هذا الطفل الجميل وتداعبه .. أو يكون متواجداً معك في نفس المكان وتحادثه ؟ ..

     صمت ّ مرة أخري وقلت سارحاً :

-                     لا .. لم يخطر ببالي هذا بالضبط ..

-                     هذا لأنك تنظر للأمور بسطحية يا عزيزي .. علي العموم فلتجعل هذا يخطر ببالك الآن ..

سرحت قليلاً ثم قلت :

-                     ولكن هذا مستحيل ..

-                     بالضبط .. أتعرف لـِمَ ؟ .. لأن هذا الطفل قد مات ! ..

فزعت بشدة حين خرقت سمعي هذه الجملة .. رغم أنني فهمت المعني الرمزي الذي يقصده .. إلا أن مجرد تخيل جزء مني وقد مات أرعبني .. بلعت ريقي وظللت صامتاً ساهماً .. وواصل هو كلامه :

-         هذا الطفل قد مات بمعني أنه لم يعد له وجود .. لا تستطيع أن توجده مرة أخري في هذه اللحظة ولا في أي لحظة .. أنت تستطيع أن تفهم هذا المثال الآن لأنه بعيد وواضح وصادم .. والآن .. هل تستطيع أن توجد لي الآن شخصك منذ 24 ساعة ؟ ..

قلت باستغراب :

-                     ماذا تعني ؟ .. أنا كما أنا منذ 24 ساعة ..

-                     هذا غير حقيقي .. والدليل : الشعرة البيضاء ! ..

نظرت إليه في شك وحيرة وقد بدأت أستوعب ما يقوله :

-                     إذن أنت ؟ ..

-         أنا هو أنت منذ 24 ساعة فقط .. أنا لم أنزع الشعرة البيضاء كما تتخيل أنت .. إنها لا وجود لها لديّ .. أنت الذي تغيرت َ عني وصارت لك شعرة بيضاء !! ..

-                     ماذا تريد أن تقول من كل هذا ؟ ..

-         أنا لا أهدف إلي أي شيء يا عزيزي .. أو يا حبيبي .. أو يا أنا .. إنها مجرد مغامرة .. رحلة صغيرة .. شقاوة .. سمها ما شئت ! .. ألا تفهم حتي الآن أنك تتحول إلي كائن آخر جديد كل يوم .. كل ساعة .. بل كل لحظة .. كائن مختلف بخلايا جسده التي تتغير وبروحه وأفكاره التي تتقلب دائماً محلقة تارة وهابطة تارة أخري ..

ظللت أحدق فيه في رد فعل يتأرجح بين السخرية وعدم التصديق حيناً .. والدهشة والتأمل والاستغراب حيناً آخر .. كدت أتكلم ولكنه سبقني وبادرني فلمس المرآة بكفيه .. ومن ثـَم ظهرت في كل كف كف أخري .. إحداهما صغيرة والأخري كبيرة .. ووجدت كائنيـْن آخريـْن يقفزان من المرآة ويقفان بجواره .. صحت عندما رأيت أحدهما :

-                     هذا أنا .. طفلاً ! ..

ابتسم وقال :

-                     نعم .. والآخر هو أنت منذ عشر دقائق ..

قالها ثم فوجئت بجيش صغير ينضم إليهم خارجاً من المرآة .. واحد هو أنا منذ ساعتين .. وواحد هو أنا منذ أسبوع .. وواحد هو أنا منذ ثلاث سنوات .. وعشرات هم أنا منذ أزمنة مختلفة متفاوتة في القدم .. شعرت بدوار في البداية ثم تمالكت نفسي وغادرت الغرفة سريعاً ثم عدت في ثوان ٍ وفي يدي مقشة كبيرة .. قمت بكنسهم جميعاً ودفعهم إلي داخل المرآة ليعودوا من حيث أتوا .. تدافعوا إلي داخل المرآة ضاحكين كأنهم يلعبون لعبة جميلة مسلية أو يرقصون تحت المطر ! .. كان آخر من دخل المرآة فيهم صديقي الأول الفيلسوف المشاكس الذي يقول إنه أنا منذ 24 ساعة .. ضحك بشدة وأشار إليّ بيده مودعاً - بشكل مؤقت - وقال :

-                     نحن قادمون مرة أخري في القريب العاجل !! ..

     ضحك مرة أخري ثم اختفي ! .. لم أندهش حين وجدت دماغي تلف بشدة أشبه بالجنون .. فأنا أعرف أنها ستظل تلف كثيراً من اليوم فصاعداً ! ..
بقلم : لمياء مختار






في عرض كدبة محترمة



http://www.wostelbalad.com/index.php?option=com_content&view=article&id=375:2009-06-18-10-14-59&catid=45:2009-03-19-20-30-36&Itemid=71





المقال كاملاً







" أمريكا ولدت في الشوارع " .. جملة شهيرة أو لعلها أشهر جملة رئيسية في الفيلم الأمريكي " عصابات نيويورك " .. أهذه هي نيويورك في القرن التاسع عشر ؟ .. عصابات متناحرة لا تجيد سوي الذبح والقتل تتصارع في الحواري والأزقة الضيقة القذرة ؟ .. ما الذي حول نيويورك هذا التحول البالغ لتصبح أشهر عاصمة تجارية في العالم ؟ .. ما الذي جعل البلدة التي امتلأت بالعصابات وبالحروب الأهلية في فترة تأسيسها تتحول إلي أقوي دولة في العالم ؟ .. ونحن لدينا مجرمون متأصلون في الحواري والأزقة ولدينا أبو سريع الأقرع وحنكش الأعور وحكشة المفش وهم جميعاً - بكل فخر - لا يقلون إجراماً عن بيل الجزار في " عصابات نيويورك " ، اشمعني بقي هم تقدموا واحنا لأ ؟ ..

لابد أنها الروح التي بُثت في الشعب الأمريكي في فترة ما .. الروح الحماسية التي قالت لهم : " ارتفعوا فوق خلافاتكم وأقيموا من الأنقاض أبراجاً .. فأنتم الأكثر موهبة وتستحقون أن تكونوا الأعلي " ، وبالفعل صدقوا هذه الروح الجديدة والعزم القوي واعتقدوا بالفعل أنهم الأفضل برغم أنها كانت علي الأرجح كذبة أو وهماً منذ مائة عام أو أكثر قليلاً فلم يكونوا سوي أمة متفرقة ينتشر الرعاع في كثير من ربوعها .. ولكن الكذبة الحلوة فعلت مفعول السحر في نفوسهم وبثت فيهم عزيمة من حديد ، وليس الأمريكان وحدهم هم من يفعلون ذلك فإسرائيل أيضاً تملأ العالم بأكاذيب عن تفوق اليهود واضطهادهم رغم عبقريتهم المزعومة .. وصدق العالم بكل أسف هذه الكذبة وأصبح بذلك في قبضة أيديهم بكل سهولة .. وألمانيا طالما شنفت آذان العالم بالحديث عن تفوق الجنس الآري أيام هتلر ، وألمانيا بالفعل دولة متقدمة .. صحيح أن حكاية تفوق الجنس الآري علي جميع الشعوب رفضها العالم .. إلا أن العالم يعترف لألمانيا بالتقدم والنهضة ويحترم مكانتها بين الدول ..

طب ليه ما بتمشيش معانا احنا اشمعني يعني ؟ .. نحن نقول : احنا اللي دهنا الهوا دوكو .. ولا أعرف أين هذا الدوكو المزعوم ، ونقول : المصريين أهمه ، ونقول إننا أحفاد الفراعنة ، فلماذا لا يصدقنا العالم إذن رغم امتلائه بالأكاذيب التي طغت وطفت فوق جميع الأسطح وغمرت شواطيء أفكار الناس سذجاً أو غير سذج في جميع الدول وفي جميع المؤسسات ووسائل الإعلام ؟ ..

لابد أن الإجابة هي أن العالم لا يري لكلامنا هذا فعلاً ملموساً أو صدي حقيقياً أو نهضة كبيرة تتحدث بها الأمم ، كلام وبس .. أصل برضه الكدب فن يا جماعة مش أي حاجه كده تتقال وتتصدق .. بمعني أنه لكي تتحول الكذبة - أو الدعاية بمعني أصح - إلي روح حماسية تؤدي للنهضة واحترام وتصديق الدول فلابد أن يصحبها عمل وجهد دؤوب مماثل لها في حجمها وقوتها .. لابد أن تكون كذبة " محترمة " وليس أي كلام .. فهل نستوعب أي درس في أي شيء أم سنظل في البطاطا والطراوة بينما يسير العالم بسرعة الصاروخ من حولنا ؟ ..

بقلم : لمياء مختار








مروة الراقية تتذوق بيتهوفن أكثر من قاتلها



http://www.wostelbalad.com/index.php?option=com_content&view=article&id=433:2009-07-21-13-06-45&catid=50:2009-03-19-20-42-26&Itemid=76

مروة الشربيني






المقال كاملاً






لابد أنها كانت طفلة عادية مثلنا جميعاً .. عادية بمعني طبيعية متسامحة تحب الحياة بجميع اشكالها وألوانها .. تعشق ضوء الشمس وتضع طلاء الأظافر الأحمر وتبتهج حينما تري لمعته .. لابد أنها كانت تحب العصافير والموسيقي وربما كانت تهدي لوالدتها في عيد الأم أحد الكروت الأجنبية التي رسم عليها صورة أم أوروبية شقراء تقف في مطبخ لامع حديث بينما تهدي لها ابنتها علي الكارت فطيرة التفاح الشهيرة لدي الغربيين .. كارت صغير تهديه لأمها مع قبلة حنونة دون أن تفكر تلك الصغيرة آنذاك بأن هناك فارقاً بين سمات شكلنا كمصريين وبين تلك الأشكال الشقراء ذات العيون الخضر والزرق .. وبالطبع لابد أنها لعبت بدمي كثيرة جميعها دمي شقراء الشعر تفتح عيونها الخضراء وتغني باللغة الإنجليزية .. أو لعلها بالألمانية التي درستها تلك الطفلة فيما بعد بإقبال وحب وحماس للاستفادة من العلم بأي لغة وفي أي أمة وفي أي دين وملة .. لم تضع هذه الدمية أو تلك جانباً لأن شكلها مختلف .. فقد ظنت مثلنا جميعاً أن الجميع في العالم إخوة وأن الحروب والصراعات ليست هي القاعدة بل هي الاستثناء والأصل هو المحبة بين البشر .. خاصة مع برامج الأطفال المثالية التي تـُظهر طفلاً عربياً يمسك بيد طفل أفريقي يمسك هو الآخر بدوره بيد طفل غربي أشقر وهكذا .. العبوا سوا سوا كلكم حلوين .. وحينما كبرت وحاولت أن تطبق هذا المبدأ الجميل علي طفلتها وتجعلها تلعب مع طفل ألماني أشقر لمعت عيون الشر بالوعيد ونية الانتقام المبيتة لها .. لمجرد هذه الروح الرائعة التي قلما توجد .. ولمجرد اختلاف شكلها ومظهرها الإسلامي بالرغم من أنها تعلمت في صغرها مثلنا جميعاً أن الشكل لا يعني شيئاً وأن الجميع إخوة .. ولكن يبدو أنها أكذوبة كبري ..

ولابد أن هذه الطفلة الجميلة كانت تطرب للموسيقي الجميلة .. ولأنها راقية .. فلابد أنها كانت تستوعب موسيقي بيتهوفن التي تغمر مشاعرها بعكس قاتلها الذي لا يفقه من هذه الموسيقي الراقية شيئاً وإلا كانت هذبت روحه .. برغم أن بيتهوفن ألماني مثله لو كان هذا الشخص ألمانياً ولكننا بعواطفنا الشرقية المتدفقة نفهم ونحس بموسيقاهم ربما أكثر منهم .. ولو كان قاتلها روسياً كما أشيع فلابد أيضاً أن مروة كانت تستوعب موسيقي تشايكوفسكي الروسي وتتذوقها أكثر منه .. لأنها هي الأرقي والأرق والأكثر حساسية ونبلاً .. ولكنه افترض لمجرد أن شكلها وزيها مختلف أنها خلت من المشاعر النبيلة .. برغم أنه هو في الحقيقة المجرد من أي ذرة مشاعر ..

ربما لو سافرت أنا إلي النمسا ذات يوم لاعتبروني إرهابية .. برغم أنني أزعم بأنه لا يوجد نمساوي واحد يحس بموسيقي موتسارت وتتخلل روحه مثلي .. ولا يوجد نمساوي واحد يستطيع أن يكتب عن موتسارت مثلي .. فنحن ربما نفهم ونقدر ثقافتهم أكثر منهم .. ولكنهم لن يصدقوا ذلك ولن يخطر ببالهم حتي .. وربما أصبح هذا الشعور هاجساً لدينا جميعاً بأننا لو سافرنا إلي أي دولة غربية فسوف نكون متهمين دائماً إلي أن يثبت العكس .. وصار الأمر بمثابة عقدة نفسية وجرح عميق لنا جميعاً .. ساهمنا نحن في تكوينهما بضعفنا وتخاذلنا وهواننا ..

لقد صدقت مروة الكلام القديم عن الأخوة بين البشر وتقدير العلم في كل مكان .. سمعت الكلام وتعلمت ونالت أعلي الدرجات كا يطلب منا جميعاً .. لم تفكرمثلاً في أن تقوم بعمل فيديو كليب صارخ لتفوز بالشهرة والمال فقد آمنت أن أقصر طريق بين نقطتين هو الطريق المستقيم .. وصدقت أن العلم يقدر في كل مكان مهما كانت جنسية أو ديانة هذا العالم أو ذاك .. وبأنها لو برعت في العلوم التي تدرسها فسوف تنال أعلي تقدير مادي ومعنوي في أي دولة في العالم .. لابد أنها كانت تقدر العالم الألماني أينشتين بغض النظر عن أنه يهودي .. بالتأكيد لم تكن مروة تشعر بالنقمة علي الحضارة الغربية بل بكانت تحترم التقدم العلمي بها .. فنحن شعوب أغلب سكانها طيبون وعلي نياتهم ولا يفطنون لغدر وتربص الآخرين بنا .. لم تفطن مروة للعلماء العرب الذين ماتوا من قبل بطريقة غامضة ويُعتقد أنهم قـُتلوا لمنعهم من تطوير أبحاثهم كسميرة موسي ويحيي المشد وعلي مصطفي مشرفة وسعيد السيد بدير وحتي جمال حمدان المشكوك في طريقة موته هو الآخر .. لم تفطن إلي كل تلك الأشياء التي تجعل الإنسان يرتاب في حقيقة موقف الغرب بالنسبة لتطورنا العلمي وهل يريدوننا أن نتقدم أم لا .. وفي الغالب فإن رغبتهم في تقدمنا ليست إلا من أجل الاستفادة الوقتية من علمائنا في بلادهم ثم التخلص منهم في الوقت المناسب ..

كل هذا للأسف لا يعدو أن يكون كلاماً عاطفياً .. وسوف تهدأ العاصفة بعد قليل وينسي المتحمسون مروة وطفلها الذي سيخرج إلي الدنيا محطماً في الأغلب .. لأننا نتحمس دائماً حماسة كبري ثم نفتر ولا نفعل شيئاً بعد ذلك .. وسيعود الناس بعد حين إلي الغرق في مستنقع الفيديو كليب ومطرباته الفاتنات الهيفاوات .. سينسي الناس لأننا شعوب ماتت مشاعرها النبيلة .. ولم يبق لها سوي الحياة الاستهلاكية التافهة .. ولكن إذا نسي الناس فإن الله لا يغفل ولا ينام .. وسيعود الحق لشعوبنا المستضعفة ولكن متي ؟ .. بعد أن نفيق مما نحن فيه .. بعد مائة عام أو أكثر .. ربما .. الله أعلم ..


بقلم : لمياء مختار







الشعب بيهلوس يا ناس



http://www.wostelbalad.com/index.php?option=com_content&view=article&id=434:2009-07-21-13-09-24&catid=46:2009-03-19-20-34-04&Itemid=73#JOSC_TOP



ملحوظة :

لا حول ولا قوة إلا بالله .. ما توقعت إمكانية حدوثه في مقالتي السابقة في مجلة وسط البلد نتيجة وهم المبالغة في تفسير الأحلام - وهي المقالة التي كانت بعنوان " الشعب بيهلوس يا ناس " - ما توقعته حدث فعلاً للأسف الشديد .. خبر في جريدة الأهرام يوم الخميس 6 أغسطس 2009 يقول إن شاباً في محافظة الشرقية قتل أباه وأصاب أمه وإخوته لأنه رأي في الحلم أنهم أشرار وسيكون دخوله النار محتماً إن لم يقتل هؤلاء الأشرار ويخلص العالم منهم !!! .. خبر مؤلم جداً يدل علي مدي التدهور الذي بلغته عقلية البعض للأسف الشديد



المقال كاملاً





" والله يا شيخ مانا متممه جوازة ابني إلا لما تفسر لي الحلم " !! ..

ذهلت في البداية وأنا أسمع هذه الكلمات من سيدة مصرية بسيطة تتصل ببرنامج شهير جداً لتفسير الأحلام .. ولكن ذهولي لم يستمر طويلاً لأني تذكرت نسبة الأمية المتفشية في شعبنا الطيب ، وكم النذور والشموع التي توقد لضريح شيخ أو مقام ولي برغم المخالفة الصريحة لهذه التصرفات لصحيح الدين .. ولكن من الصعب نزع عادات اجتماعية خاطئة من مخيلة شعب ما خاصة ما إذا كانت مرتبطة بالدين ، كان زمان الناس بيطلبوا طلبات من الولي بدل ما يطلبوها من ربنا للأسف .. دلوقتي بقي فيه موضة جديدة خالص .. الناس بقوا يحكـّموا أحلامهم في قرارات حياتهم المصيرية وياللهول ! ..

أنا أفهم أن الرؤيا حق واجب التنفيذ بالنسبة للأنبياء فقط .. يعني لما سيدنا إبراهيم يحلم إنه بيدبح ابنه يبقي لازم يدبح ابنه .. دلوقتي مش فاهمه الظاهر إن كل الناس متصورين نفسهم أنبياء والا إيه ؟ .. يعني لو حد حلم دلوقتي إنه بيدبح ابنه هيروح يسن السكينة لما يصحي ؟ .. فيه ناس بجد بقوا فاكرين إن أي حلم بيحلموه يبقي رؤيا صادقة وأمر من ربنا لازم يتنفذ !! .. يعني لو حد حلم إنه أكل بطيخة بيركز في الحلم عشان يشوف كام بذرة كانت في البطيخة دي لأن عدد البذر يفرق برضه ! ..

لذلك لم أفهم ولم أستوعب كلام تلك السيدة التي تريد أن تتحكم في حياة ابنها تحكماً مطلقاً وتقرر مصيره بالنيابة عنه فتقسم أن زواجه لن يتم إلا إذا فسر لها الشيخ رؤياها !! .. يا سلاام ! .. وما أدراها أنها رؤيا من الأساس وما أدراها أن الشيخ سيفسرها لها تفسيراً سليماً وما أدراها بالخير من الشر في هذا العالم الكبير المخيف الذي لا يعرف الإنسان من حقائقه سوي كما تلتقطه إبرة الخياطة من البحر ! ..

واحدة تانية بتقول للشيخ : انت قلت لي لما يتقدم لك واحد اتكلي علي الله واقبليه ، وبعدها اتقدم لي واحد كنت مش طايقه أشوف وشه بس قبلته زي ما قلت لي ، وآدينا مش متفقين دلوقتي وهنسيب بعض .. عاجبك كده يا شيخ آدي نتيجة نصيحتك !! .. ، ولم تفكر هذه الفتاة " الناصحة " حين تقدم لها شخص لا تطيق رؤية وجهه في أن حياتهما معاً مستحيلة وفي أن قبولها له مغامرة محكوم عليها بالفشل مائة في المائة .. لم تفكر في أي شيء سوي في أن الشيخ قال لها اتكلي علي الله واقبلي ، فقبلت أي شيء .. يعني لو الشيخ قال لها تفسير الرؤيا إنك تنطي في النيل هتروح تحدف نفسها في النيل ؟ .. عجبي ! ..

وهناك موضة أحدث من ذلك : فقد اتصل شخصان مختلفان ذكر وأنثي في أسبوعين متتاليين بالشيخ ليخبره كل منهما أنه رأي شخصاً ما رأي العين وليس في حلم .. بل وهو متيقظ ومالك لحواسه .. وأخذ ذلك الشخص يكلمه ويحدثه ثم اختفي ! ..

لا أستطيع أن أصدق ذلك أو أكذبه .. ولكني أظن أن رؤية يقظة كهذه إذا حدثت فهي قد تحدث لأشخاص قليلين جداً أثناء حالة روحانية أو صوفية عالية علي أن يكون هؤلاء الأشخاص علي مستوي عال ٍ من القرب من الله .. كالأولياء ذوي الكرامات مثلاً .. أما أن يقول عدة أشخاص بأن ذلك حدث لهم بما يوحي بأن هذا الأمر شائع أو منتشر فأظنه لا يعدو أن يكون من شطحات الخيال أو حتي ربما هي حالة من حالات المرض النفسي الذي تتجلي فيه بعض الهلاوس البصرية للمريض .. أو ربما كانوا صادقين فيما رأوا ولكن قلبي يحدثني أن من يحكي هذا ليس إلا مريضاً نفسياً في أغلب الأحوال .. لأن الأولياء الصالحين ذوي الكرامات نادرو الوجود في هذا الزمان .. وليس من المعقول أن الجميع قد تحولوا إلي أولياء صالحين .. فأغلب الظن أن الشعب قد بدأ بعض أفراد منه في " الهلوسة " وتعاطي الأوهام نتيجة لسوء الحال وتدني الأوضاع المعيشية بالنسبة لكثيرين من أفراد الشعب .. الشعب من جوعه بيهلوس يا ناس !! ..

لا أريد أن يفهم أحد من كلامي أنني ضد تفسير الأحلام أو المعاني الدينية الروحانية .. بالعكس تماماً .. فأنا أؤمن بتفسير الأحلام وبكل هذه المعاني الروحانية .. ولكن في حدود .. وصحيح أن هناك الكثير من الأحلام التي حلمت بها من قبل وأتعجب لها الآن بشدة فقد كنت أتوقع في فترات سابقة مثلاً أن يأتي من وراء هذا الحلم أو ذاك خير أو شر ما وبالفعل كنت أجد ما أتوقعه في بعض الأحيان .. كذلك الأسبوع الذي توفيت فيه والدتي رحمها الله وحلمت في بدايات الأسبوع حلماً توقعت منه أن شراً ما سيحدث ولكني لم أتوقع أن يكون معناه وفاة والدتي رحمها الله .. ولكنه حدث .. وفهمت معني الحلم وقدر الله وما شاء فعل .. ولكن ليس معني هذا أن يكون لكل حلم معني فنسبة ما يتحقق من الأحلام أو يكون رؤيا حقيقية ذات معني نسبة ضئيلة بالقياس لمجموع أحلام الإنسان .. لا أنكر الرؤي والأحلام ومعناها وتفسيرها وأؤمن بكل هذا ولكن أن كل حلم أكل شيء له حدود .. بالعقل يا جماعة مش عمال علي بطال .. يا ريت الأمية تقل في بلدنا والشعب يبقي عنده وعي أكتر من كده .. ساعتها هنبقي حلوين قوي والله .. يا ريت ..

                                                بقلم : لمياء مختار



تابع

وهذا يا أصدقائي هو أحدث مقالاتي في العدد الجديد من مجلة " وسط البلد " الإلكترونية الصادر بتاريخ 17 أغسطس 2009 بعنوان

كلنا ننتظر البيض !

ولينك المقال



http://wostelbalad.com/index.php?option=com_content&view=article&id=467:2009-08-17-10-42-09&catid=46:2009-03-19-20-34-04&Itemid=73




المقال كاملاً






" علاقات الحب كلها سخيفة وغبية ومجنونة .. إنها تشبه النكتة المعروفة : ذهب شخص إلي طبيب نفسي وقال له : أخي مجنون يا دكتور .. يظن أنه دجاجة ويكلفني ثمن العلف .. فقال الطبيب : ولماذا تطاوعه ؟ .. فقال : لأني أنتظر البيض !! " .. 

تلك كانت جملة من أحد الأفلام الأمريكية الشهيرة .. وأعتقد أنها صارت دستوراً لنا جميعاً في الحياة .. فنحن أنصاف مجانين تطير بهم آمالهم بين سحابات الخيال .. نحلم ونحلم ونحلم ثم نفيق لنجد أيدينا خاوية يملؤها الهواء .. ليس هذا في علاقات الحب فقط باعتبارها أوضح وألطف نموذج إنساني وأكثر هذه النماذج شغفاً وجذباً للمستمع .. وإنما في كل شيء .. في العمل والوظيفة والثروة وفي المكانة الاجتماعية أو الأدبية أو العلمية .. فجميعنا نحمل جراراً من العسل نبني بها قصوراً من ذهب ولؤلؤ إلي أن نجدها من خيش وتراب في الحقيقة بعد أن تتحطم هذه الجرار في غمرة حماسنا وشغفنا ..

يحلم الواحد منا أن فتاة أحلامه تبادله حبه سواء كان حلمه هذا حقيقة أو وهماً .. فيسهر الليالي تتصاعد زفراته وتفيض عيونه بدمع الشوق المحترق .. بينما تكون تلك الفتاة في ذلك الوقت تماماً في إحدي صالات السينما تشاهد " اللمبي " أو " كلم ماما " .. تضحك ببلاهة ولا تخطر ببالها فكرة الحب رغم ملامحها الملائكية الواشية ظاهرياً بأجمل أناشيد الحب والمشاعر الرقيقة – في الخيال طبعاً ! .. وحتي لو تأكد المرء أن فتاة أحلامه ذات الأجنحة المفضضة لا تعيره التفاتاً فلسوف يتجاهل هذه المعلومة التي يعتبرها صغيرة غير ذات معني .. فلابد أن الفتاة ستحبه يوماً ما .. بالذوق بالعافية هتحبني ! .. ويظل ينسج قصة حب كبيرة عنكبوتية من أوهامه ويلفقها تلفيقاً إلي أن يطغي الحلم علي الواقع ويظل هو نائماً بين هواجسه طيلة حياته أو فترة طويلة من عمره .. وحتي لو تزوجت من غيره فسوف يوهم نفسه أن الأيام ستعيدها إليه بعد أن يموت زوجها أو تطلق منه مثلما تفعل الأفلام .. وهكذا يمتد وهم الخيال بالإنسان خيطاً وراء خيط إلي أن يضيع عمره في سحابة دخان ..

وهكذا حال الفتيات أيضاً .. تقضي الواحدة منهن فترة طويلة من شبابها تجمع قطع جهازها من مفارش وأطقم مطبخ وأوعية وصوان ٍ وفازات ولوحات وتتخير الأرقي من كل شيء حسب ذوقها .. ثم ينتهي الحال بهذه الأشياء بعد خمسين عاماً إلي بائع الروبابكيا أو لتستفيد ببعضها بعد عدة عقود من الزمان مفعوصة شابة من مفاعيص الأسرة بعد أن أصبحت صاحبة هذه الأشياء الأصلية في سن الجدات وهي ما زالت عذراء لم تظفر بزوج مناسب للآن في ظل الأوضاع التي لا يدري أحد إلي متي سوف تخيم بظلها القاتم علي مجتمعاتنا ..

نفس الفكرة تتكرر في العمل والوظائف .. يجتهد الطالب " غير الواعي " في التحصيل والدرس والمذاكرة ليتخرج في الجامعة طبيباً مثلاً ويعمل في النهاية بمستشفي حكومي بمائتي أو ثلاثمائة جنيه .. بينما الطالب الواعي لن يذاكر إلا في ليالي الامتحان لأنه في النهاية وبعد بطالة طويلة سوف يتساوي في الأجر مع ذلك الطبيب الذي سهر الليالي .. والبعض يبالغ في الآمال فيسعي لدي نصابي بيزنس السفر لينتهي به الحال غريقاً شهيداً علي سواحل إيطاليا المجدبة .. ولسان حاله يقول : تعبت ف دنيتي يامـّه .. في بلدي يا بوي مانيش غالي .. ورحت ف شربتين ميـّه .. وموال البكا حالي ! ..

ولكن ليس الوضع مظلماً تماماً وليس الطموح سيئاً تماماً .. فبعض الطموح يتحقق .. ولكن كثيراً منه في واقع الأمر لا يتحقق .. فانكسار الآمال يحدث للغالبية العظمي لأن نسبة من يملكون القدرة علي تحقيق الأحلام قليلة .. بما تتضمنه تلك القدرة من صبر وإصرار واستعداد للصراع وقليل من الدهاء والمكر أحياناً للأسف وليس فقط بالملكات والمواهب الفطرية الطبيعية التي يملكها الكثيرون منا ..

وعلي فكرة .. ليست الأفلام الأمريكية هي صاحبة السبق في هذه الأفكار والمشاعر .. فأدبنا العربي القديم عبر عن هذه الفكرة وعن أعقد وأجمل منها ، يقول الشاعر العربي القديم :

مُـني إن تكن حقاً تكن أطيب المني              وإلا فقد عشنا بها زماناً رغدا

يعني بقوله : ما أجمل الأحلام لو تحققت .. وإن لم تتحقق فيكفينا الوقت الجميل الذي قضيناه في تخيلها ..

ولماذا نذهب بعيداً إلي الشعر العربي القديم وأبعد إلي الأفلام الأمريكية ؟ .. ألم يقل نزار قباني :

الحب في الأرض بعض من تخيلنا        لو لم نجده عليها لاخترعناه

نفس المعني تقريباً أليس كذلك ؟ .. وإن كان الواقع يقول إن لحظة حقيقة ثابتة واحدة أفضل من دهر أحلام متبخرة .. لأن الصدمة بعد تبخر الأحلام تكون قاسية .. قاسية للغاية ..

                                     
                                                بقلم : لمياء مختار






شكراً لاهتمامكم بقراءة ما أكتبه يا أصدقائي وفي انتظار تعليقاتكم بإذن الله


أصدقائي الأعزاء

دا لينك مقالي الجديد بمجلة وسط البلد الإلكترونية ، المقال كنت كاتباه من حوالي أسبوعين أو أكتر شويه واتنشر النهارده السبت 21 نوفمبر 2009 وهو بعنوان : ميتروبوليس والعولمة والخنازير ، وزي ما هتلاحظوا لو قريتوه إنه بيتكلم عن مدي الزيف اللي في العالم وسيطرة بعض العقول علي عقول تانيه ، مش دا برضه ينطبق علي الدور اللي لعبه الإعلام ولعبه بعض مثيري الفتن في إذكاء نار الفتنة بين الشعبين المصري والجزائري في المباراة الأخيرة ؟ .. حسبنا الله ونعم الوكيل ولا تعليق أكثر من ذلك .. مستنيه تعليقاتكم انتم




" ميتروبوليس " .. والعولمة .. والخنازير !



http://www.wostelbalad.com/index.php?option=com_content&view=article&id=554:q--q-----&catid=50:2009-03-19-20-42-26&Itemid=76





المقال كاملاً




 " Let's watch the world going to the devil !! "

" فلنشاهد العالم وهو يسير في طريقه إلي الشيطان !! " 

جملة لفتت نظري وأنا أطالعها مكتوبة في أحد مشاهد نسخة نادرة من فيلم " ميتروبوليس " من إخراج الألماني فريتس لانج عام 1927 .. نعم التاريخ صحيح فالفيلم قديم ونادر حتي أن منظمة اليونسكو قد أدرجته ضمن برنامجها المسمي " ذاكرة العالم " لترميم الأفلام والوثائق القيمة والنادرة في العالم والتي جاء من ضمنها علي سبيل المثال فيلم " المومياء " المصري لشادي عبد السلام ، نعود إلي فيلم " ميتروبوليس " الذي شاهدت نسخة منه علي سي دي أحضرتها لي إحدي صديقاتي منذ فترة ،  الفيلم يعتبر من أوائل أفلام الخيال العلمي فهو يتخيل مدينة صناعية ضخمة في المستقبل يتمحور نظامها حول فكرة واحدة : أقلية ذكية تتحكم في مصائر أغلبية غبية ! .. تتكون الأغلبية الغبية من العمال الذين يعملون في مدينة تقع تحت الأرض بمسافة بعيدة .. وهم يتحركون دائماً وفق نظام محدد كالساعة المنضبطة .. فعندما تحل الساعة الثانية عشرة تتغير ورديات العمال الذين يسيرون ناكسي رؤوسهم كالمنومين إلي حيث المصاعد التي تهبط بهم إلي أماكن عملهم تحت الأرض ، بينما تقع المدينة المثالية ذات الحدائق البهيجة والمباني الفخمة فوق الأرض وهي مدينة الأقلية الذكية بالطبع ، إلي أن تأتي فتاة وتحكي لهؤلاء المغلوبين علي أمرهم قصة برج بابل الذي لم يكن هناك تفاهم بين سكانه لأنه لا لغة مشتركة للحوار بينهم أو وسيط ينقل بين هذا وذاك ، حدثتهم عن فكرة " الوسيط " بين العقل المفكر واليد العاملة قائلة بأن ذلك الوسيط إنما هو القلب الذي يحس ويشعر ، بدأ العمال يفتحون عيونهم وقلوبهم التي كانت قد ماتت وأصبحت آلية منذ زمن بعيد ، لتتطور الأحداث وتتشابك بعد ذلك ، تذكرت هذا الفيلم وهذه الفكرة حينما صرنا نقرأ كل يوم أخباراً متضاربة عن أنفلونزا الخنازير .. فبعض الأبحاث والتقارير تؤكد جدية الأمر .. بينما البعض الآخر يقول بأنها مجرد مؤامرة وأن الفيروس قد تم تصنيعه بمهارة فائقة لصالح شركات الأدوية التي تريد أن تحكم قبضتها علي عالم صناعة الدواء ، وأن المصل الواقي منها مشكوك فيه وربما يتم إعداد نوعين من الأمصال نوع جيد للصفوة ونوع رديء يسبب أمراضاً خطيرة أو ربما يسبب حتي الوفاة للأغلبية من العامة وربما يكون من نوايا هذه الأغلبية المتحكمة التخلص من العدد الزائد من بعض سكان العالم كالصين التي بلغت ملياراً من البشر علي سبيل المثال أو إضعاف القوي الذهنية والجسمانية لدي الشعوب لتبقي شعوب معينة هي الأذكي والأقوي .. نفس فكرة " ميتروبوليس " يعني .. نفتأ نسمع ونقرأ هذه المخاوف هذه الأيام  .. نقرأها علي الإنترنت ونراها في بعض البرامج التليفزيونية من حين لآخر ، وإلي الآن لا نعلم الحقيقة علي وجه اليقين فهل هي مؤامرة كما يقول البعض أم أن نظرية المؤامرة غير صحيحة والأمر جدي بالفعل .. تظل ثمة شكوك كثيرة في الأمر لم تحسم بعد ..

وأليست فكرة " ميتروبوليس " هذه هي نفس فكرة " العولمة " أو " الأمركة " بمعناها الحقيقي ؟ .. تنميط حياة البشر ليصبح نظام واحد هو المهيمن علي الكرة الأرضية كلها .. لم يعد من اللطيف أن ترتدي الفتاة اليابانية كيمونو وإنما من الممكن أن ترتدي البنطلون الجينز وبه رقعة ملونة بنفس ألوان الكيمونو مثلاً .. ولم يعد جميلاً أن ترقص الفتاة الهندية رقصتها التقليدية التي كانت جميلة .. بل المقبول أن تبدأ بحركات هندية تتبعها حركات الكاوبوي الأمريكي ثم تعود للإيقاع الهندي .. سـَلـَطة يعني .. سـَلـَطة عالمية تتكون من من حبات الطماطم الأمريكية الكبيرة في كل وجبة يحيط بها بعض الجزر والخس الهش من منتجات باقي الشعوب ، وبهذا يصير لكل شيء لون واحد وطعم واحد .. لا تتمايز الأشكال ولا الألوان .. وبعد فترة لن يكون للتمتع بمنظر الخضرة في الريف أي أثر جميل في النفس .. بعد أن اعتادت العيون علي رؤية أشجار خضراء مرسومة بطريقة الثري دي علي الكمبيوتر .. ولن يعود ل" خضره " البنت المصرية الفلاحة أي بهاء بعينيها السوداوين الواسعتين وضفيرتيها الناعمتين .. فهناك نمط معين للجمال يتم فرضه عبر نجوم ونجمات السينما وهذا النمط يتغير كل فترة ، وبالتأكيد بنات جيلنا يتعجبن كيف كان عماد حمدي فتي أول في السينما ذات يوم بينما لدينا اليوم براد بت نموذجاً للوسامة .. وفي خلال الفترة الزمنية التي يتم فيها فرض نمط معين للجمال من خلال نجوم السينما يزهد الناس في أشكال البشر الأخري .. فلن ينجذب شاب للجمال الطبيعي في وجه " خضره " إذا ما وضع في ذهنه هيفاء وأخواتها مقياساً للجمال .. مع أن هؤلاء لو مررن بجانبه في الشارع بدون شهرة أو مساحيق أو عمليات فلن يلفتن نظره .. ولكن جماهير السينما والغناء تنوّم عاطفياً بمقاييس معينة للجمال يحرص القائمون علي وضع هذه المقاييس علي تغييرها كل عشر سنوات لئلا يسأم الناس وبالتالي يظلون يدفعون من جيوبهم لمشاهدة أفلام وأغان ومجلات في أغلبها هابطة وتظل البقرة الحلوب تدر اللبن ! .. " ميتروبوليس " أيضاً ولكن بطريقة أخري ! ..

وأليس العمال في مدينة " ميتروبوليس " كانوا يعيشون آلات بلا قلب ؟ .. أليس هذا حالنا اليوم مع طغيان التكنولوجيا الحديثة ؟ .. نسير وفق خطوات محددة كالمنومين كل يوم ، فلابد أن نقوم بفتح الكمبيوتر والفيس بوك في وقت معين كل يوم ، وأن نشاهد الدش وقنوات وبرامج معينة فيه كل يوم .. صار لا يدهشنا شيء .. فقد ماتت قلوبنا وصرنا كالآلات .. لا لم نصبح كالآلات فالآلات تنتج ونحن لا نتتج بل نستهلك ولا نضيف جديداً .. بينما في العالم الأول يتيحون لأنفسهم فسحة للقراءة والبحث والعلم وأيضاً للترويح عن النفس وسط الخضرة والطبيعة .. وبهذا ينتفعون بوقتهم وينتجون .. بينما نظل نحن نستقبل ما يتحفوننا به كل يوم عبر وسائل الاتصال الحديثة فاغري الأفواه بلا فائدة حقيقة .. كالعمال المنومين في مدينة " ميتروبوليس " تماماً ! ..

قرأت علي سبيل المثال ذات مرة أن السينما الأمريكية في مرحلة الثلاثينيات من القرن الماضي ، كانت تتنافس بقوة مع السينما الفرنسية خاصة أن السينما بدأت أساساً علي يدي الأخوين لوميير الفرنسيين فكانت فرنسا تحرص علي ريادتها في هذا المجال .. فماذا فعل جهابذة هوليوود لتتراجع فرنسا عن مكانتها ؟ .. يقال إنهم اشتروا في تلك الفترة أسوأ الأفلام الفرنسية وعرضوها في أكبر دور العرض لديهم دون أن ينتبه صناع السينما الفرنسية لذلك المخطط .. وبالتالي ساد انطباع عام غير لطيف عن السينما الفرنسية آنذاك وشيئاً فشيئاً انصرف الناس عن الأفلام الفرنسية بينما جدد الأمريكيون وطوروا من أفكار أفلامهم لتسود السينما الأمريكية العالم منذ ذلك الحين إلي الآن ، وهو نفس ما فعلته أمريكا في الاتحاد السوفييتي قبل تفككه وكان سراً وقتها وأصبح معروفاً الآن : قامت بزرع أسوأ القيادات في الاتحاد السوفييتي حتي تضعف الدولة وتنهار من تلقاء نفسها ، وحرضت هؤلاء علي أن يحرصوا علي اختيار أضعف المتقدمين لنيل الوظائف .. ونفذ هؤلاء التعليمات بدقة فنخر السوس عظم الدولة السوفييتية وكان الانهيار الذي حدث .. إنها نفس فكرة " ميتروبوليس " : أقلية ذكية تحكم في أكثرية غبية وتوجهها ضد نفسها لتدمر نفسها بنفسها ! .. وهي نفس الفكرة التي قيل إنها تدخل في صميم " بروتوكولات حكماء صهيون " وهي إضعاف الشعوب الأخري لصالح قوة الشعب اليهودي أو فكرة إضعاف جنس ما من الشعوب لصالح قوة جنس آخر ، قيل كلام كثير عن أن هذه البروتوكولات مزيفة حتي كدنا نصدق أنها مزيفة فعلاً .. ولكن تكرار تنفيذ هذه الفكرة في العالم يجعل المرء يشك هل هي مزيفة فعلاً أم أنها حقيقية ويطبقها الآخرون ونحن في سبات عميق ..

أليس بنفس خبث منطق " ميتروبوليس " .. تود بعض دول أخري سواء عربية أو أجنبية سحب الريادة من مصر بعد أن كنا أصحاب الريادة دوماً ؟ .. بالتأكيد نحن لدينا الآن من بيننا أمثال أم كلثوم والعقاد فمصر ولادة حقيقة وليس مجازاً ، ولكن الإعلام الغافل الذي لا يدرك بعد مؤامرة سحب الريادة هذه يقدم لنا ربما الأردأ بوصفه الأفضل ، فيصبح تامر حسني مثلاً هو مطرب الجيل ، بينما بالتأكيد لدينا من هم أفضل منه .. وشيئاً فشيئاً وبتكرار مثل هذه النماذج يتم سحب البساط من تحت أقدام الريادة المصرية .. مع الاعتذار لمحبي تامر حسني ! ..

أعتقد أن مقالي هذا " سـَلــَطة " مـُعـَوْلــَمة هو الآخر .. أليس كذلك ؟ ..

                                                  
                                                 بقلم : لمياء مختار



أصدقائي الأعزاء

صدر اليوم الثلاثاء 8 ديسمبر 2009 عدد جديد من مجلة وسط البلد الإلكترونية ، وهذا هو لينك مقالي بها اليوم والمقال بعنوان : قراءة تيك أواي




قراءة تيك أواي


 



المقال كاملاً



80 صفحة في الدقيقة ! .. ذلك هو عدد الصفحات التي يستطيع قراءتها الأمريكي هوارد بيرج الذي يعد أسرع قاريء في العالم ، وعلي الرغم من تجاوزه الستين إلا أن بيرج الذي يعمل في مدينة شيكاغو مدرساً لطريقة القراءة السريعة يستطيع بمساعدة نظارته السميكة أن ينهي كتاباً من 400 صفحة في ظرف عشر دقائق ! ..

بالتأكيد " بيرج " هذا من " كرواتيا " بمعني أنه " يكروت " .. أعتقد أنه من المستحيل أن يقرأ شخص ثمانين صفحة في دقيقة واحدة ويكون قد استوعب هذه الصفحات جميعها استيعاباً كاملاً .. كيف إذن يتأتي الإحساس بالخيال والسباحة في بحر الصور والتشبيهات وتوالي التداعيات وتتابع المعاني المتشابهة أو المرتبطة ببعضها والتي تذكـّر إحداها بالأخري .. وأين تشابك الذكريات مع الحوادث السابقة مع الأفكار وتناغم كل هذا لينتج سيمفونية جديدة وينظم عقداً منتظم الحبات لم يأت من فراغ وإنما من تشابك وترابط واختلاف عناصر كثيرة .. كأفرع الشجرة المتشابكة التي تكوّن في تشابكها شكلاً جديداً كأنه ابن صغير لهذه الشجرة .. كل هذا لا يمكن علي ما أعتقد أن يحدث لدي القراءة بهذه السرعة المذهلة التي تجعل الإنسان قرأ وما قرأ .. إن عدوي موسوعة " جينيس " للأرقام القياسية لابد وأنها أصابت هذه الفكرة الغريبة فجنت مثل هذه الموسوعة التي تجعل الناس يأكلون الزلط ويبلعون الزجاج ويمشون علي النار ويبتلعون أطناناً من الطعام في دقائق حتي لو تضررت أبدانهم بشدة أو حتي لقوا حتفهم لا يهم طالما ضربوا رقماً قياسياً .. وها هي القراءة تلقي حتفها هي الأخري بهذه الطرق والأفكار الغريبة .. إنه عصر التيك أواي في كل شيء ..

وفي الأغلب سوف ينتشر هذا المذهب " الكرواتي " أقصد تنتشر هذه السرعة الرهيبة في القراءة وفي استخلاص أهم المعلومات بأقصي سرعة في المستقبل وكلما مرت السنون زاد معدل السرعة المجنونة لدي الإنسان .. ولماذا نذهب بعيداً وهناك توقعات بغلبة الصحافة الإلكترونية علي الورقية في المستقبل حيث سيسعي الناس لمعرفة أهم الأخبار في أقل وقت وأسرع خدمة سواء قدمت هذه الخدمة الصحافة الإلكترونية أو القنوات الفضائية أو المحمول أو أي وسيلة كانت .. المهم أن يتحقق شعار عصر السرعة التي صارت مجنونة .. شعار : لا وقت لأي شيء ! .. وبالتأكيد بعد مائتي أو ثلاثمائة عام مثلاً لن يكون هناك وقت لتأمل أي شيء وسيكون كل شيء وكل معلومة بل وكل عمل أدبي جاهزاً وسريعاً ومعلباً في وجبات صغيرة كطعام رواد الفضاء .. وبالفعل هناك أخبار هنا وهناك عن روايات تنتشر عبر الهواتف المحمولة ويقرؤها الناس علي المحمول .. فأي قراءة تلك ؟ .. صعبة بالطبع ومرهقة للعينين ولابد أن يقفز الإنسان فقرات كثيرة ليستخلص مغزي الرواية مبتسراً في أسطر قليلة دون " وجع دماغ " بالتفاصيل الجميلة البديعة التي تعطي معني وروحاً ومذاقاً لأي عمل إبداعي .. ورحم الله قيس بن الملوح وجارة الوادي والجندول - فإذا ما ظلت البشرية تسير في طريق الجفاف الفكري والشعري والإبداعي والنفسي كما يبدو الآن علي الأقل ظاهرياً- فسوف يتحدثون عن هذه الأشياء فيما بعد كما نتحدث نحن الآن عن الديناصورات المنقرضة ..

بقلم : لمياء مختار





أصدقائي الأعزاء

كل عام وأنتم بألف خير وصحة وسعادة بمناسبة العام الهجري الجديد

صدر اليوم الخميس 17 ديسمبر 2009 العدد الجديد من مجلة " وسط البلد " الإلكترونية ، وهذا هو لينك مقالي الجديد بها ، المقال بعنوان


هكذا تنهض الأمم


ولينك المقال


http://www.wostelbalad.com/index.php?option=com_content&view=article&id=575:2009


 



المقال كاملاً




أحياناً أحن إلي مجلات الأطفال بشدة ، فهي تقدم البهجة والفرح وتشبه نسمة منعشة في صحراء طويلة شاسعة .. وهي تختلف عن المجلات الفنية التي أشتريها أيضاً أحياناً ولكنها لا تخلو من الأخبار المستفزة مثل أن كلب الممثلة الفلانية انجزعت رجله يا عيني ، وأن ذبابة سيئة النية حلقت فوق طبق الجيلي الذي كان الممثل العلاني علي وشك أن يلتهمه ، تخلو مجلات الأطفال من هذا العبث والتهريج والهجص إذا شئنا أن نقول ، تقدم أفكاراً مثالية عن العلم وغرائب الطبيعة ومكارم الأخلاق .. كلما قرأنا هذه المجلات نقول في أنفسنا : ياااه دا احنا بعدنا قوي ، فين احنا وفين المثاليات دي بعد ما أصابنا العالم بشروره حتي لو كانت الشرور دي مجرد إننا أدركنا قد إيه العالم دا ظالم ومظلم ..

المهم .. لم أستطع أن أقاوم شراء عدد مجلة " ماجد " منذ أسبوعين وهو عدد احتفالي يتحدث عن مسيرة 38 عاماً من النهضة بعد قيام دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1971 ، أخذت أقرأ إنجازات دولة الإمارات إلي أن وقعت عيني علي سطور لم أصدقها ، تقول هذه السطور : أصبحت المرأة الإماراتية وزيرة وسفيرة ونائبة في المجلس التشريعي ووصلت إلي سلك القضاء والنيابة ودخلت بكل ثقة واقتدار مجال الطيران المدني والعسكري كقائدة طائرة ومهندسة ..

يا للهول ! علي رأي يوسف بيه وهبي .. هكذا ببساطة وبسرعة نالت المرأة الإماراتية كل هذه الحقوق ؟ .. لم يعترض أحد لديهم بينما تسعي النساء المصريات منذ عشرات السنين لتولي سلك القضاء والنيابة إلي أن تفضلوا ومنحوا لهن هذا الحق في سلك القضاء وأظنهن دخلن سلك النيابة في مصر أيضاً ولكني غير متأكدة .. ولكن بعد أي عدد من السنين أخذت المرأة المصرية هذه الحقوق ؟ .. كما أنني لم أسمع بقائدة طائرة مصرية ، ولو حدث هذا لقامت مناقشات وحوارات وصراعات علي الفضائيات في مصر يتحدث فيها من يعي ومن لا يعي لتنتهي هذه المناقشات بعد عشر سنوات بحفظ الموضوع وتأجيل مناقشته عشرات السنين الأخري .. أهي البيروقراطية المتحكمة فينا والتي تجعلنا نثرثر ونثرثر ونثير القضايا الكبري ثم لا نفعل إزاءها شيئاً ؟ .. أم هي النظرة الدونية للمرأة التي ما زالت لدينا للاسف وتدعمها اللغة والأمثال الشعبية " لما قالوا دي بنية اتهدت الحيطة عليا " .. يا سلام ! .. وهكذا نجد دائماً كلما فكر أحد في إنصاف المرأة المصرية - نجد أمثال عوكل وبرعي وغيرهما ممن يهتفون بأعلي صوتهم : لااااااا .. هذا لا يجوز .. هذا ضد الشرع والدين .. المرأة مكانها البيت .. إلي آخر هذا الكلام الذي ليس من الشرع والدين ، هاهي دولة مثل الإمارات تحكـّم الدين في أغلب قوانينها تعطي المرأة ببساطة كل حقوقها لأنهم متأكدون ببساطة أن هذا من صميم الدين وأن الدين يشجع المرأة علي دخول جميع المجالات وتولي جميع المناصب .. يبدو أن عوكل وبرعي لم يذهبا إلي هناك بعد ! ..

وللأسف فإن بعض شيوخنا يتسمون بفكر ذكوري يجعلهم يؤجلون التفكير في حقوق المرأة ، قال لي زميل ذات مرة وللأسف وجدت رأيه منطقياً : إن رجال الدين يعلمون حديث " ردي عليه حديقته " الذي اتخذ أساساً لقانون الخلع ، يعلمونه منذ أربعة عشر قرناً من الزمان .. فلماذا سكتوا طوال هذه المدة ؟ .. لا شيء يفسر ذلك سوي التفكير الذكوري الذي لا يريد أن يفتش عما يريح المرأة ، ولعل ما جاء في مسلسل " المراغي " خير مثال فقد ذهلت عندما علمت أن المرأة في بدايات القرن العشرين كانت إذا اختفي زوجها ولم تعلم أهو حي أو ميت ، كان القانون لا يبيح لها أن تتزوج إلا بعد أن يتم زوجها هذا تسعين سنة ! .. فمن أي شرع وأي دين وأي قانون أتي هذا ؟ .. لا أحد يعلم .. ولكنه التفكير الذكوري الذي يحاصرنا أني ذهبنا ..

ولكن أعود فأقول : إنه فكر مجتمع ككل ، فالمجتمع هو الذي يزرع في عقول الأطفال الذكور أنهم أعلي ، لقد تمت تربيتي علي عكس هذا فقد علمني أبي أن البنت تساوي الولد تماماً وربما تتفوق عليه ، ثم كبرت لأري الجميع يقولون بعكس ذلك ، والمرأة نفسها هي التي تشجع الرجال علي ذلك فعندما صدرت الفتوي القائلة بجواز ضرب المرأة لزوجها إذا بدأ هو بالضرب ، قال الرجال في الشوارع عندما سألوهم : ترد الضرب إيه دا انا كنت فرتكتها ، وقالت النساء : نرد الضرب إيه معقولة ؟ .. جوزي حر فيا يضربني يقطعني زي ما هو عايز لكن أنا ما اضربهوش ، يعني حتي عندما يأتي رجل ويفتي فتوي يريد أن ينتصف بها للنساء ترفض النساء أنفسهن هذا الإنصاف .. جنس خائب فعلاً ..

ولكن يبدو أنه وباء في الوطن العربي ففي نفس مجلة الأطفال قرأت حكاية عن رجل أكرمه الله بموت جميع بناته وإنجابه ذكوراً بدلاً منهن ، كأن البنات " كخة " وربنا خلصه منهم ! ، اعتبرتها هفوة من المجلة وطنشت ونسيت ، ولكن ما لم يكن هفوة هو ذلك الفلاح المصري البسيط الذي رأيته في برنامج يلهج بالحمد والثناء علي الله – وهو أمر جيد بالطبع – ولكن السبب كان أنهم اكتشفوا أن طفلتيه هما في واقع الأمر ذكور وتم إجراء عمليتين للطفلتين وتحولتا إلي طفلين ذكرين ، وأخذ الرجل يقول : ياه الحمد لله ربنا عوض صبري خير وطلعوا رجاله .. أيوه كده رجاله الحمد لله مش بنات ، ولولا الملامة لقال الرجل : هم وانزاح ! ..

ألم أقل إن الموضوع معقد ومتشابك وطويل وذو جذور ضاربة إلي آلاف السنين .. آه يا رأسي ! ..

                                              بقلم : لمياء مختار



أصدقائي الأعزاء

كل عام وأنتم بألف خير وصحة وسعادة ونجاح وتوفيق وتألق وعام جديد سعيد علينا جميعاً بإذن الله

صدر اليوم الأحد 3 يناير 2010 العدد الجديد من مجلة وسط البلد الإلكترونية ، ولي في هذا العدد مقالان

المقال الأول




المسلسلات التركية : هذه بضاعتنا ردت إلينا



http://www.wostelbalad.com/index.php?option=com_content&view=article&id=600:2009-12-31-01-35-20&catid=46:2009-03-19-20-34-04&Itemid=73





المقال كاملاً


 
أخذت أسأل نفسي يوماً بعد يوم : ما السر في هذا الهوس الذي يتخذ أشكالاً جديدة كل عام لها نفس الجوهر وهو الافتتان بنجم أو منتج فني ما إلي أن يمله الناس بعد أن تمتليء جيوب المنتجين ؟ .. وعملاً بالمثل القائل : إن لم تستطع هزيمتهم فانضم إليهم ، فقد قررت أن أنضم لفريق متابعي المسلسلات التركية لأري ما السحر الحلال والماء الزلال والجمال والدلال والبلاد التي تركب الأفيال في هذه المسلسلات الطوال ؟ .. حلو السجع ده ؟ .. المهم أنني لم أر عبر متابعتي لعدة مسلسلات منها إلا نسخاً من الشخصيات الجميلة المحببة التي كانت في أفلامنا القديمة .. لم أر إلا بشارة واكيم وفاتن حمامة ووداد حمدي وثريا حلمي وشكوكو بالإضافة إلي شادية وكمال الشناوي .. ليست أكثر من ذلك .. إنها بالفعل " بضاعتنا ردت إلينا " ..

ازاي ؟ .. أقول لكم بالأمثلة : يقرر الولد المدلل عمر في مسلسل الحب المستحيل أن يتخلي عن عروسه التي تزوجها لتوه زواجاً رسمياً ويفكر جدياً في طلاقها لعدم قدرته علي تحمل المسئولية كما حدث في فيلم سيدة القصر لفاتن حمامة وعمر الشريف ، وبعد عدة مواقف طريفة يدرك أبوه كمال بيه أنه متزوج من هذه الفتاة دون أن يخبرهم ، فماذا يفعل ذلك الأب الحكيم التحفة ؟ .. يفعل بالضبط ما كان يفعله بشارة واكيم حين " يعمل نفسه مش عارف حاجه " بينما هو يتدخل سراً عبر عدة مواقف طريفة لإصلاح ذات البين بين المحبين ، مع تحابيش أفلامنا القديمة بالضبط فحين تخطب أم الولد فتاة له رغماً عنه وهذه الفتاة دمها تقيل ، يقرر خدم البيت الاعتراض علي هذه الزيجة تماماً مثلما كان يفعل شكوكو مع ثريا حلمي حينما كانا يثوران لبكاء شادية حين تنافسها تلك الفتاة التي أظن كان اسمها " مني " وكانت دائماً منافسة غير كفء لشادية وليلي مراد في الأفلام وينتهي الفيلم دائماً بطرد هذه الفتاة ، وهو نفس أيضاً ما فعلته وداد حمدي في فيلم معلش يا زهر حين قالت لسيدتها اعتراضاً علي الموظف ثقيل الدم الذي جاء يخطب شادية : والنبي يا ستي ما تجوزي الست الصغيرة للجدع ده أصله دمه تقيل قوي ، وهكذا فعل الخدم في المسلسل التركي حين تقدموا باستقالاتهم جميعاً اعتراضاً علي العروس ثقيلة الدم ، وفي النهاية تنتصر البطلة رشا وتصبح هي سيدة البيت كما انتصرت فاتن حمامة في فيلم سيدة القصر ..

وفي مسلسل لا مكان لا وطن نفس الحدوتة الشرقية القديمة المتكررة في كل الأفلام .. البنت التي تخطيء وتحمل دون زواج فيقرر أهلها قتلها فتهرب ، وفي النهاية يتم الصفح والعفو ويلتئم كل شيء .. تماماً مثل فيلم موعد مع السعادة لفاتن حمامة ..

أما مسلسل وتمضي الأيام فهو مزيج من عدة أفلام عربية وأجنبية : جعلوني مجرماً علي الأب الروحي علي خلطة أكشن وعصابات .. برضه زي أفلامنا القديمة ..

إذن فهي العودة للتفاصيل والمشاعر الإنسانية البسيطة والأفكار الأولية التي تبني عليها شبكة من المشاعر والمواقف التي تبدو تافهة بينما هي ليست كذلك .. نبذنا نحن هذه الأعمال الفنية بينما احتضنوها هم .. والحقيقة أنني لم أعد أعرف الفارق بين التافه والمهم .. فالشيء التافه يتحول إلي بمرور الزمن إلي شيء قيم .. فالمليم كان في يوم ما مبلغاً تافهاً أما من يملك اليوم مليماً فيعتبر مالكاً لشيء أثري .. ومسلسلاتهم بالفعل يقدمون في أغلبها مشاهدة ممتعة مع أبطال مناسبين تماماً كما نستمتع جميعاً بالأفلام القديمة مهما كانت تافهة الفكرة .. فلماذا لا يكون لدينا إلي جانب أفلام تركز علي القبح وتجمع السلبيات والعشوائيات في سلة واحدة كحين ميسرة ودكان شحاتة – لماذا لا يكون بجانبها أفلام أخري مصرية جميلة عذبة بسيطة تشبه أفلامنا القديمة وليست مسلوقة أو تيك أواي كالأفلام الخفيفة التي تستظرف أحياناً ؟ .. ولماذا أصلاً يتم تجميع كل السلبيات والمساويء في فيلم واحد يضم شخصيات كثيرة ؟ .. أظن أن التركيز علي شخصية محورية نغوص مع مشاكلها وننقد الأوضاع السيئة من خلالها أفضل .. فالأدب والفن يركزان دائماً علي شيء ما يتعمقان فيه بشدة فيأتي بالتأثير المطلوب .. مثلاً رواية مثل البؤساء نقدت الأوضاع الاجتماعية في وقتها من خلال شخصية واحدة تعاملت معها الرواية بشفافية وإنسانية كبيرة هي شخصية جان فالجان ، ولو كان إلي جانب شخصية جان فالجان شخصيات ريمي وبيير وفرانسوا وعلان وترتان لتهنا وما أتت القصة بالتأثير النفسي المطلوب ..

والمشاعر البسيطة هي أيضاً من سمات فترة ما بعد الحداثة التي نعيشها الآن .. وكذلك التعددية في الأفكار فإلي جانب الأفلام التي تناقش القضايا الهامة توجد أفلام المشاعر البسيطة ، من سمات ما بعد الحداثة أيضاً العودة للمشاعر الإنسانية وقيمة الأسرة والعودة لمبدأ أن " الراجل راجل والست ست " ، بعد أن كانت فترة الحداثة في الستينيات والخمسينيات تنادي بفكرة التقريب بين خصائص الجنسين ولهذا كانت الفتاة مثلاً تقص شعرها " ألا جرسون " لكي تكون قريبة من الولد وكانت تصر علي أن تعمل لتثبت أنها مثله تماماً ، بعكس الفكرة السائدة الآن وهي أنه من الأفضل للمرأة ألا تعمل وإن عملت يكون ذلك من أجل المقابل المادي فقط ، وربما بعد عدة سنوات تعود أفكار الحداثة أو تعود خلطة جديدة من أفكار الحداثة وما بعدها .. العالم دائماً في تجارب وحيرة وتخبط ..

آه من عقلي الذي يفلسف كل شيء ويدخل نظريات ما بعد الحداثة في المسلسلات ! ..

                                           
                                                  بقلم : لمياء مختار

المقال الثاني



أين تذهب هذا المساء في رأس السنة



http://www.wostelbalad.com/index.php?option=com_content&view=article&id=606:2009-12-31-14-43-05&catid=54:2009-03-19-20-44-13&Itemid=80


  



المقال كاملاً


أصدقائي ..

أين سيقضي كل منكم رأس السنة هذا العام ؟ ..

سؤال يتكرر كل عام حتي فقد معناه وصار مملاً باهتاً مبتذلاً .. والبعض يستنكر الفكرة من الأساس محمـّلاً بهجتها البسيطة أكثر مما تحتمل ..

ولكن فلنحاول أن نلف وندور حول معاني الكلمات لعلنا نكتسب شيئاً من البهجة .. أقول " لعلنا " ..

سأقترح عليك يا صديقي ويا صديقتي أماكن وطرق احتفال وألعاباً من بلدان كثيرة حول العالم .. ولكي لا نكون مثل " القرع يمد لبره " فلماذا لا نقترح أولاً أن نتدفأ بشمس أسوان في الشتاء ونقضي ليلة جميلة بها في مركب ذي شراع أبيض يتجه برفق متهدهداً بين أمواج المياه إلي حيث معبد أو قصر أنس الوجود الفتي الجندي الشجاع الذي أحب الأميرة وصارع من أجلها تماسيح النيل كما تقول أسطورة ألف ليلة وليلة ؟ .. سيكون الأمر أجمل مع شراء بعض الإكسسوارات الفضية والبلاستيكية الزاهية أو بعض المشغولات والتحف والأواني الخزفية والفخارية من هناك والتي لابد أن الأميرة كانت تخزن بها دموعها أثناء محبسها وانتظارها للفتي المحب الجسور ، طيب .. فلننتقل من هناك .. ما رأيكم في شراء إحدي الدمي البورسلين ذوات الضفائر .. دمية جميلة حمراء الشعر بضفيرتين ورداء مزركش ؟ .. أو حتي شراء إحدي تلك الدمي البلاستيكية المصبوبة علي شكل رجال جنود والملتفة حول رجل الجليد متدثرة بالملابس الملونة وربما تدور حولها أيضاً كرات زجاجية بكل الأحجام والألوان .. لو كنا في روسيا لزرنا بيت تشايكوفسكي أو لزرنا جسر مصر في روسيا الذي يبدو فيه تقليد لتماثيل الفراعنة بنحت أخضر اللون أو لاشترينا عرائس الماتروشكا الروسية التي تختفي كل واحدة منهن داخل الأخري كالكرنبة لتجد في النهاية خمس أو ست عرائس متماثلة في الشكل مختلفة في الحجم .. بعضها يكون علي شكل بابا نويل ومعظمها علي شكل القرويات الروسيات الجميلات علي بساطتهن .. ولكن بما أننا لسنا في روسيا فلنشتر دمية بابا نويل الذي تخلي عن وقاره وشرع يرقص ويغني وربما بعد ذلك سيتحول إلي مقلد لمايكل جاكسون ويصبح بابا جاكسون نويل ..  أو ربما لو كنا في أوروبا وفي ألمانيا بالذات أو النمسا لوجدنا آلافاً من قطع الحلوي الملونة علي شكل بيوت وقري وبشر .. مدينة متكاملة من الحلوي علي طاولة متجر .. فلنأكلها سريعاً كما يفعل مجموعة من " البعابع " الذين يهجمون علي المدن فجأة ..  تورتات علي شكل غابات وأشجار وأفراس نهر وزرافات .. قطع من الجاتوه المغطاة بالكريمة البيضاء علي شكل أحصنة اليونيكورن الأسطورية ذات القرن الوردي الجميل .. بالمناسبة لقد خبزت إحدي هذه الكعكات صديقتنا سنوهوايت حينما كانت تخبز الفطير وحلوي رأس السنة للأقزام السبعة .. صارت سنوهوايت الآن ماهرة في إعداد الفطائر بعد تدريب طويل ولم تعد " خيبة " كما كانت زمان .. طيب ما رأيكم في تلوين القلاع الكرتونية مع إخوتكم الصغار أو الذهاب للملاهي معهم .. تدور بك أحصنة دوارة في الملاهي أو تجد نفسك بين يدي تمثال فتاة تدفع عربتك المزينة بالزهور أو رسوم القصص الخيالية بين عربات الملاهي الدوارة بينما أنت مبتسم في العربة الدائرة ببطء تتناول الكابوتشينو أو تشرب مياهاً غازية .. ربما تبتسم لك في الفترينات دباديب وسناجب ترتدي طرطور بابا نويل الأحمر وربما تبتسم لك المونسترز أو البعابع اللطيفة الحمراء والزرقاء والخضراء التي عرفناها من عالم سمسم .. طيب لماذا لا نزور فرنسا ونتعرف كبنات علي أجمل خطوط الموضة ونصعد برج إيفل وأرجو ألا يصيب الدوار أحداً .. أو نزور بيت كلود مونيه المماثل تماماً لإحدي أشهر لوحاته عن قناة وجسر وأشجار وأعشاب تكون منظراً طبيعياً بالغ الجمال في جيفرني بفرنسا .. ولا بأس بأن نزور بعض متاحف الفن أو نري بلكونات البيوت الفرنسية الممتئلة بأصص الورد من كافة الألوان كأنك في حديقة مصغرة داخل البلكونة بعكس كراكيب ستوتة التي تملأ بها بلكونتها في مصر .. أو فلنركب القطار السريع الفرنسي ولا تخافوا فهو ليس مثل قطاراتنا المتدهورة .. أو فلنذهب إلي مدن أوروبا الساحلية حيث خضرة لا مثيل لها في أمواج البحر لم أرها في حياتي إلا في كروت المعايدة .. انتظروا .. آه .. ها هو سحر أسبانيا يحلـّق .. رقصة الفلامنكو والوردة الحمراء في الشعر مع الحذاء الأسود اللامع وحدائق جنة العريف وقصر الحمراء وغرناطة وإشبيلية والفتيات اللواتي كل منهن " يتألق القرط الطويل بجيدها .. مثل الشموع بليلة الميلاد ِ " كما يقول عمنا نزار قباني ولا بأس من شراء أمثال تلك الأقراط المتلألئة تطبيقاً لبيت الشعر الجميل .. الله : مباني أسبانيا شديدة الجمال : عقود نصف دائرية وأخري مدببة وثالثة مفصصة وأعمدة رشيقة وأخري سميكة وثالثة توأمية – هذا ما أذكره الآن من دراستي للهندسة .. ولو أن تاريخ أسبانيا هذا يوجع القلب لأنه يذكرنا بخيبتنا الثقيلة حين تركناها تضيع من يدنا .. خلاص بلاش منه نشوف حاجه تانيه .. ممم ما رأيكم أن نمرح في بعض حقول الزهور المتلونة بدرجات الأحمر والوردي .. يمكن أن نصعد إلي " عين لندن " الدائرية التي ترينا المدينة كلها من ارتفاع شاهق في ليل بديع ؟ .. يمكننا أيضاً أن نشاهد باليه كسارة البندق أو نقرأ الكتاب الذي يحكي القصة في صور ملونة جميلة تصف بالتفصيل مدينة الحلوي التي صنعت كل مبانيها من السكر والعسل والتي يذكرني مبني معين بها : كاتدرائية سانت باسيل بموسكو التي تشبه الحلاوة الحمصية علي السمسمية علي الآيس كريم علي الملبن الملون وكذلك كاتدرائية روسية أخري تشبه بلونها الأحمر حلوي المولد بالملبن الأحمر والأخضر .. هذه المباني تراها فتود أن تقضم منها قضمة أما في عالم كسارة البندق فهي للأكل فعلاً .. لابد أنك ستتأثر أيضاً بدموع كلارا حين كانت قلقة علي مصير كسارة البندق ودموعها حين أفاقت من الحلم مثلما سنفيق جميعاً بعد قليل لنعود لواقع شوارع وحواري " حين ميسرة " المحيطة بنا من كل جانب .. ياه ما الذي قفز بحين ميسرة إلي هذه الصور الجمالية فلنعد إلي حيث كنا .. ما رأيكم مثلاً الآن في إيطاليا ونافورة الأمنيات في روما وقوارب فينيسيا الجميلة المارة تحت جسر تنهداتها ويمكننا أن نمرر قارباً من الورق المقوي في أوسطه شمعة مشتعلة ونتركه إلي حيث تذهب به الريح مثلما فعلت " أسما " في المسلسل التركي ؟ .. فكرة أخري : فلنركب دراجة في ريف أوروبا وسنصعد بصعوبة في حين تتناثر حولنا البيوت المتدرجة بين الطرق الصاعدة وبالتأكيد سنجد من بين أصحاب هذه البيوت من يعزمنا علي الفطائر والديك الرومي المحشو بجميع الخلطات والتوابل والأرز .. فلنتأرجح بين مدن يلفها الضباب وأخري تلونها الشمس .. تذكرت : الشمس تلون شواطيء هاواي ذات النخيل حيث امتزاج اللون الأخضر الرائق اللامع لأوراق النخيل بالأزرق القوي المريح اللامع أيضاً للبحر في تناغم لا مثيل له .. وإذا لم نجد فهناك جمال قريب من ذلك شبه مصنوع في القري السياحية .. نسيت اقتراح شوارع إسطمبول والقهوة التركية التي لدهشتي الشديدة قرأت مؤخراً أن الأتراك لم يعودوا  يشربونها وهجروها من أجل الشاي .. أما محبو الأشياء العتيقة فسيجدون الترام والحنطور الزجاجي المغلق كالغرفة يسيران معاً جنباً إلي جنب في فيينا ولكن هذا الحنطور الشيك المحكم لا يضاهي الحنطور المفتوح اللذيذ في مصر .. في فيينا أيضاً ستجدون أعداداً من دمي بابا نويل تتسلق النوافذ كاللصوص قبل أن يقبضوا عليها .. في مصر أيضاً تخيل البعض في نكتة فيسبوكية منذ أيام مصير بابا نويل إذا هوب ناحية بيت مصري فحينئذ سيأكل علقة ما أكلهاش ما اعرفش إيه باعتباره لصاً أصيلاً .. في فيينا أيضاً موسيقيون جوالون يعزفون الأكورديون وفي روسيا ربما يعزفون البزق أيضاً في الشوارع وفي محطات المترو .. نسيت مكاناً ساحراً بحق : براج ببيوتها القديمة التي يغلب عليها اللون البرتقالي الشاحب وقلاعها الساكنة المستكينة المسكونة ربما وتماثيلها الملونة الضاحكة التي تحيط بساعتها الفلكية الكبيرة .. مكان مثالي لتخيل الأشباح والمغامرات الغامضة يذكرني ب" باب اللوق " في مصر فهي أيضاً غامضة شاحبة مثيرة للخيال .. أنا جعت في شوارع أوروبا هذه .. فلنتجه إلي تلك الأكشاك الصغيرة الخشبية المزينة المخصصة لبيع الحلوي والزينة ولنتناول بعض الآيس كريم وحلوي التفاح المغطي بالعسل وكرات شيكولاتة من عدة أدوار في ستيك واحد أو الشيكولاتة بطعم الفراولة في مزيج واحد أو الشيكولاتة الساخنة مع الذرة الحلوة والباتونساليه  والعصائر وقطع البيتزا أو فلنقفز إلي شوارع مصر حيث سندويتشات السجق بالبيض أو الفشار والشيبسي أو البطاطس أو قراطيس الترمس واللب والحمص والفول السوداني .. ولنهنأ بأكواب الكابوتشينو التي تشبه أمواج البحر وقد غطاها ذهب أشعة الشمس .. ذهب سائل لذيذ الطعم  كثيف وسلس في الوقت ذاته .. انتظروا فلماذا لا نقوم بصيد السمك ولاتنسوا أن بطوط حبيبنا جميعاً يهوي صيد السمك ؟ .. علي فكرة هناك شبكة كبيرة تشبه الفراشة الرشيقة يصيدون بها السمك في المكسيك وهناك البط الذي يلعب فوق تمثال طفل يركب سمكة في إحدي الترع الصغيرة في روسيا والبط الآخر الذي يسبح في نافورات مولات موسكو وهناك تمثال الصياد الذي يمسك بسمكة في روسيا : منتهي الاعتزاز : مثل قصة الدوق " ذواق " في مجلة ميكي الذي كان يحب الطعام ولذلك تم التقاط صورة له مع فرخة محمرة علي سبيل الاعتزاز .. فلنعد إلي الحركة والبهجة بعد الطعام : يمكننا أن نذهب في رحلة غوص بين الأسماك والشعاب المرجانية أو يمكننا ركوب الكرة الثلجية الشفافة الضخمة المتدحرجة في دبي والجلوس بداخلها مثل الشطار بينما نحاول دحرجتها بأيدينا أو يمكننا ركوب الملاهي والقطارات الأفعوانية التي تهبط بالقلب إلي القدمين ثم تصعد به إلي الرأس في كل لحظة أو التزلج علي الجليد والانحدار من علي التلال الثلجية أو ركوب الطائرات الشراعية والتحليق بها أو التزلج علي الماء أو الغطس فيه أو تسلق الجبال ومشاهدة منظر الغروب بها .. ربما أيضاً نريد أن نري نافورات ملونة راقصة ومصابيح ملونة وامضة وشوارع ومباني نظيفة مغسولة لامعة أو شلالات هادرة أو ناعمة أو خيولاً تجري علي الشواطيء وتضرب بأقدامها في الماء .. ينقصنا القليل من الدفء الإنساني والحنان الذي ربما نجده في تمثال طفلين متدثرين بكل أنواع الملابس الثقيلة بينما يلف الطفل الذكر منهما الأنثي بذراعه وسط الكوفيات الثقيلة مقدماً لها وردة صغيرة تناسبها .. أو ربما نجد مثل هذا الدفء في تمثال الفلاح والفلاحة الراقصين في روسيا .. تعرفون ما هو المبهج حقاً أيضاً ؟ .. طيور الزينة الملونة والأخري المغردة وتلك الببغاوات الأليطة التي لا تتناول إلا الجوز واللوز والمكرونة كما قرأت مؤخراً وإلا مرضت يا عيني لأنها ما بتحبش ترمرم ..

بالمناسبة .. لم يكن كل هذا سوي نتاج استعراض سريع للصور التي أحتفظ بها علي جهاز الكمبيوتر الخاص بي .. طارت بي إلي كل هذه البلدان ورفعتني فوق السحب وقصت عليّ كل هذه الحكايات في دقائق .. وهذا ما أنوي أن أفعله لقضاء هذه الليلة خيالاً وليس واقعاً .. أليس الخيال أجمل من الواقع ؟ .. يبدو أننا سنقضيها جميعاً علي جزيرة القطن - " الاسم الحركي للسرير المتعارف عليه منذ أيام ثانوي " - نطالع المجلات أو الأفلام ونحلم .. وماله ؟ .. حلو برضه ..


بقلم : لمياء مختار



أصدقائي الأعزاء

مليون مبروك لمصر فوزها بكأس الأمم الأفريقية

والنهارده صدر العدد الجديد من مجلة " وسط البلد " الإلكترونية ، ودا لينك مقالي النهارده في المجلة عن كتاب " من أوراق السادات " اللي أهداهولي أستاذنا الكبير أنيس منصور في ديسمبر 2009 ، وإن شاء الله احتمال برضه المقال يتنشر في مجلة أو جريدة ورقية بشكل مختصر شويه ، وإن شاء الله برضه هاحاول أبقي أكتب عن الكتب اللي قريتها ولفتت نظري بس هاكتب عن الأعمال الفكرية أوالصحفية أو الاجتماعية أو السياسية .. إلخ لكن غالباً مش هاقدر أكتب عن الأعمال الأدبية لأني مش ناقدة أدبية متخصصة أنا نفسي باخد رأي النقاد في كتاباتي الأدبية
:)

عنوان المقال :


أوراق السادات : بعيون كاتبة من جيل ما بعد أكتوبر



ودا لينك المقال يا أصدقائي ، ومعلش طولت عليكم

http://www.wostelbalad.com/index.php?option=com_content&view=article&id=626:2010-02-01-10-34-27&catid=50:2009-03-19-20-42-26&Itemid=76


المقال كاملاً



في إهداء خطي رقيق استلمت هذا الكتاب القيم " من أوراق السادات " من أستاذي الكاتب الكبير أنيس منصور ويصفني أستاذنا الكبير في هذا الإهداء ب " الزميلة الأديبة " ، وأنا تلك الشابة من جيل ما بعد أكتوبر الذي لم يذق مرارة الحروب ولم يطلع علي مراحل كفاح شعبنا العظيم إلا عبر المناهج الدراسية التي كنا نمر عليها مروراً عابراً .. إنها فرصة لنعرف جانباً من تاريخ وطننا وكفاح أهلنا .. وفي ذلك نبراس لكثير منا نحن الشباب الذين لا يعرف بعضنا قدوة لهم أو هدفاً في الحياة لعل شعاعاً من نور يبدأ من أعماقنا ثم يمتد ليضيء لنا رؤيتنا للعالم كله .. 

وأنيس منصور يضيف قطع الذهب والسكر والماس والترتر علي كل شيء بأسلوبه العذب .. فإذا بالأشياء مصطبغة بألوان قوس قزح وبألوان أخري ذهبية وفضية وماسية .. بها طعم الفرح .. ولمحات السعادة والبهجة .. وأحياناً ظلال الشجن الرقيق .. تحس في كتاباته أن جسوراً سحرية امتدت لتربط ما بين معالم الدول وأفكار الشعوب في آن واحد ليصبح العالم في بلورة سحرية مصغرة بين يديك .. وهو الكاتب المخضرم الذي عاصر قمم الفكر والمطلع علي أعقد الاتجاهات الفلسفية ولكن كتاباته يجري بها قلمه سهلاً رقراقاً كأنه يكتب بماء الذهب في أسلوب رشيق ساحر سهل ممتنع يفهمه ويستسيغه الجميع ، وقد قال الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين لأنيس منصور ذات يوم : لو اشتغلت َ بالسياسة ! ، فقال أنيس : يكون ماذا يا سيادة الرئيس ؟ .. قال : تكون السياسة أدباً يقرؤه الناس ! ..

وكأن السادات كان في سباق مع الزمن حين أملي هذه المذكرات علي أنيس منصور وكأنه كان يشعر بما سيحدث له فهو يقول : سجلت علي أربعين شريطاً قصة حياتي منذ أن كنت طفلاً حتي نهاية 1975 فملأت وجهي هذه الأشرطة .. والأعمار بيد الله ، وكان الدافع أيضاً أنني وجدت أقلاماً راحت تلوي التاريخ لحسابها .. وكم ضاعت حقائق بسبب سكوت الذين يعرفون ..

يحكي السادات قصتنا مع الدول الكبري فيقول : بعد امتناع أمريكا عن المساهمة في بناء السد العالي ، التقط الاتحاد السوفييتي الكرة وأعلن موافقته علي تمويل وبناء السد ، فأعلن عبد الناصر " تأميم قناة السويس " وكان الرد هو العدوان الثلاثي خاصة أن إسرائيل أرادت أن تضرب مصر قبل أن تستوعب السلاح السوفييتي الجديد لأن أية قوات تحتاج إلي سبع سنوات لتستوعب نظرية جديدة في السلاح .. وبسرعة باع لنا الاتحاد السوفييتي أسلحة جديدة وأعطانا القمح في وقت الحصار ، ولكني أردت أن أجعل الطريق إلي موسكو طريقاً إلي حياة .. غير أن الروس أرادوا أن يجعلوا هذا الطريق : الحياة .. أي لا حياة لي بغيره .. كأنني جنين .. وكأن هذا الطريق هو " الحبل السري " الذي أعيش منه وبه وعليه .. وهذا ما رفضته من البداية .. رفضت الاعتماد المطلق علي روسيا وتسليم إرادتي وقراراتي وبلدي لأي أحد ..

وعلي غرار فكرة " من ليس معنا فهو ضدنا " ، فقد هاجم دالاس سياسة عدم الانحياز ، فأمريكا قالت إن نظرية الحياد الإيجابي نظرية لا أخلاقية ، ويستطرد السادات : لأن الأخلاق من وجهة نظرهم تقول : إن الإنسان إما أن يكون أمريكياً وإما أن يكون شيوعياً ولا يوجد وسط ، وهذا رأي غريب ، ولكن الدول الكبري لها منطق ، إذا حاولت الدول الصغري أن تطبقه علي نفسها ، اعتبروا ذلك سفالة ! ،  وعن طريق دالاس اتخذت أمريكا سياسة تقوم علي العنف أو علي التهديد به ، وكان من رأيه أنه لا سبيل للوقاية من الحرب سوي التهديد بها .. أي سوي أن يهدد هو العالم كله بذلك ..

وبعد النكسة سادت موجة عنيفة تتهم السلاح السوفييتي بأنه هو السبب ، وليس هذا صحيحاً فلا عيب في السلاح إنما العيب فينا : في هذا الانهيار القيادي وفي الأمر الخاطيء بالانسحاب .. وقد قال زخاروف رئيس الأركان السوفييتي  للسادات : لو كل سلاح معكم أطلق طلقة لانتهت الحرب ضد إسرائيل ولكنكم لم تفعلوا شيئاً ! ، وبدأ الروس يحملون العتاد إلي مصر فور تركيب قواعده تعويضاً عن الذي خسرناه ، وهذا موقف رائع من السوفييت ، وعرف العالم أن صواريخ سام التي تصيب الطيران المنخفض قد ركبت .. ومن يومها لم يعد الطيران الإسرائيلي يدخل إلي عمق مصر ، ولكننا دخلنا بعد ذلك مع السوفييت في مرحلة معناها : عدم الثقة في قدراتنا العسكرية .. كأنهم يطلبون منا أن نشكر إسرائيل علي أنها قد دلتنا علي وزننا الحقيقي ! .. ولم يتصور الروس أننا نجحنا في إقامة خط دفاعي بعد خمسة شهور من الهزيمة ، وقد شابت ثورتنا في نكسة 1967 .. وجمال عبد الناصر هو أول من كتب ذلك بخط يده وهي حادثة معروفة ، وهناك عبارة للدبلوماسي النمساوي مترنيخ يقول فيها : إذا باريس عطست .. أصيبت أوروبا كلها بالزكام ، نفس الشيء يحدث للأمة العربية إذا القاهرة عطست .. فما بالك إذا انكسر أنفها تحت أقدام اليهود ، وأعترف بأن قراري الذي اتخذته يوم 8 يوليو سنة 1972 بطرد الخبراء السوفييت قد ولد في حرب الاستنزاف ، فأمريكا إذا أعطت اليهود 99 مدفعاً وكان اليهود قد طلبوا مائة يصرخون .. ولكن إذا طلبنا من الروس 99 مدفعاً وأعطونا تسعة فقط وصرخنا اندهش الروس ، وقد سئلت كثيراً عن سبب طردي للخبراء السوفييت ،  والسبب : حتي لا يقال إن لهم فضلاً في الانتصارات الرائعة لقواتنا المسلحة ..

ويشرح السادات بعض المفاهيم العسكرية آنذاك فيقول :  السماء المفتوحة هي التي تخلو من وسائل الدفاع عنها .. وكانت سماؤنا مفتوحة لليهود بعد النكسة .. صواريخنا لا تضرب إلا الطائرات العالية  واليهود يستخدمون الطيران المنخفض ، وحين تحدثت عن " الضباب " تصورت مراكز القوي أنه تعبير مجازي ، ولم يكن هذا إلا ضباباً خفيفاً يغطي أرض هذه المنطقة في الصيف ويعمل كستائر كثيفة حجبت الرؤية عن الطيارين فلم يفعلوا شيئاً علي رغم صدق النية وروح التضحية ..

وحددت سنة الحسم التي سوف نقوم فيها بالحرب علي أنها سنة 1971 ، ولكن في يوم 8 ديسمبر سنة 1971 وقعت الحرب بين الهند وباكستان .. لقد كان السوفييت يعلمون ولكنهم لم يخبروني ، وأدركت أن سنة 1971 لن تكون سنة الحسم ، فإن حرب الهند وباكستان قد لفتت العالم كله ، وغضب الناس في مصر آنذاك لتفويت سنة الحسم وأصبح السادات في موقف لا يحسد عليه ، ولكن السياسي يغلب مشاعره ولا ينساق للضغط الشعبي إلا بعد دراسته : يقول السادات : واستشعر الناس في مصر إهانة لتفويت سنة الحسم ، وفوجئت بعريضة موقعة من عدد من السياسيين تقول إنه آن الأوان لمراجعة الإسراف في الاعتماد علي السوفييت الذي لم يحقق ردع العدو ، وعلي رغم أني واحد من أبناء الشارع وأدرك مدي صدق هذه الجراح فقد دافعت عن السوفييت .. بل إنني ذهبت إلي القول أمام مجلس الأمة أهدد : هذا موقفي والذي لا يريد أن يتعاون معي فليقدم استقالته ..

ولكن السادات صاحب قرارات جريئة أيضاً والقرارات الجريئة أحياناً تكون ضرورية للسياسي كالجرّاح :  ففي يوم 8 يوليو 1972 أملي السادات قرار طرد الخبراء الروس الذي كان جريئاً بشدة ، ويقول السادات : وكان في تقديري أن الروس إذا تأكدوا أن قرار طرد خبرائهم مصري وليس لأمريكا علاقة به فسوف يغيرون موقفهم في مدي ستة أو سبعة أشهر .. وتغير موقفهم بالفعل بعد ثمانية أشهر ففي فبراير 1973 وافق الروس علي إرسال أسلحة جديدة ، وكان لهذه الصفقة أثر كبير في استعدادنا للحرب لأني حددت سنة 1973 بأنها سنة المعركة ..

ويحكي السادات موقفاً مهولاً حدث عام 1972 وكان الجيش فيه " شاهداً ما شافش حاجه " بسبب وزير الدفاع ، يقول السادات : حمداً لله أن انكشف أمامي شيء رهيب وتداركت مصيراً مروعاً لمصر ، فحينما انعقد المجلس الأعلي للقوات المسلحة تساءلت : جاءتكم تعليماتي .. لابد أنكم جاهزون تماماً ، هنا جاءت كلمات مدير الإمداد والتموين بالجيش مثل قنبلة ، قال : توجيهات إيه يا أفندم ؟ ! ، وأطلق وزير الحربية قنبلة أخري فقال : لم أشأ أن أقول لهم أي شيء عن الاستعداد للمعركة حرصاً علي السرية المطلقة ! ، السرية المطلقة ؟ .. إذا لم يكن هذا المجلس هو الذي يعرف الاستعداد للقتال ، فمن الذي يجب أن يعرف ؟ ، إن وزير الحربية قد أصبح عبئاً ثقيلاً علي كتفي .. ووضح لي بعد ذلك أنه كان يمر علي الوحدات في الجيش ويدعو إلي اللاحرب واستمرار اللاسلم .. وزير الحربية يدعو إلي عدم الاستعداد للحرب وقد كلفته أن يستعد ؟ .. فكأنه بذلك أعد الجيش لهزيمة ساحقة .. فهو أيضاً من رأيه أن مصر لا تستطيع أن تحارب لأن جيشنا إذا حارب انهزم وإذا انهزم انهزمت مصر إلي الأبد .. تماماً كما يقول الطلبة والصحفيون .. ولكن أحداً لا يقول لنا : ما الذي يمكن عمله ؟ .. هل نظل نبكي علي أنفسنا ؟ .. هل نستسلم لليهود ؟ .. هل تبقي عند إنسان ذرة من احترام لنفسه أو إنسانيته بعد ذلك ؟ ، وعزله السادات وكلف وزير الحربية الجديد أحمد إسماعيل أن يستعد للمعركة ، فلو ظللنا ننتظر الظروف المثالية فلن نحارب ..

وكانت هناك عبارة يهودية آثمة تقول : إنهم ولدوا لينتصروا وإننا ولدنا لننهزم .. وإن معاركنا خطب ، وكان موسي ديان يقول : " أريدهم أن ينظروا إلي القوات اليهودية علي أرضهم في سيناء ويحترقوا من داخلهم ويموتوا كمداً .. وسوف يعتادون علي ذلك وينتهي كل شيء " ..

وفي يوم السبت نشبت الحرب ، ويقول السادات : ولم يكن هناك شيء أروع من أن يري أبناؤنا أعلام اليهود وقد تهاوت عند أقدامهم .. لقد كانت أكبر هزيمة دموية فادحة لإسرائيل ، وأذكر عبارة قالها القيصر الروسي ألكسندر الأول عن نابليون : يظن هذا الرجل أنني ساذج ، ولكن من يضحك أخيراً يضحك كثيراً ، وبعد الحرب بست ساعات إذا بالسفير الروسي يطلب من السادات وقف إطلاق النار .. وقال السادات : لن يوقف إطلاق النار حتي يتحقق الهدف : أن تصل قواتنا إلي المضايق .. فوقف إطلاق النار في ذلك الوقت هو ثلاث كلمات لها معني المستحيل .. وأنا لست فوق مستوي البشر لأعيد دموع الفرح إلي العيون التي ذرفتها .. ولست دون مستوي البشر سذاجة وبلاهة لأضيع فرصة العمر التي أعطاها التاريخ لشعبنا ..

والتصنيفات والاتهامات بين الدول العربية هي أهم أسباب الفرقة بينها : يقول السادات : وقد كان هناك تمزق شديد بين الدول العربية قبل حرب أكتوبر .. فقد هناك تصنيفات أوجدت هذا التمزق .. تصنيف يقول : العرب إما تقدميون وإما رجعيون ، وآخر يقول : ممالك وجمهوريات وإمارات ومشايخ ، وكأن الذي ليس جمهورياً لا حق له في الحياة ، وتصنيف ثالث هو ورقة فلسطين : هناك من يقفون وراء فلسطين وهناك من يوقفون سيرها وهناك من لا شأن لهم بها ، ويجيء إطلاق التسميات مثل الرصاص مدوياً دامياً ظالماً ، وظلمت تلك التصنيفات العجيبة دول النفط واصفة إياها بالرجعية المتجاهلة لقضية فلسطين ! ، وبذلك نحذف من القوي العربية جانباً هائلاً نحن في حاجة إليه .. إننا حذفنا كل العرب .. وأضفناهم دون وعي إلي الجانب الإسرائيلي ، فأي مكسب في ذلك ؟ .. لا مكسب طبعاً وإنما خسارة مؤكدة ، وتذكرت حواراً بيني وبين الملك فيصل وكان هذا الرجل هو حكمة التاريخ ، لقد قال : إذا قمتم بحرب فاجعلوها معركة طويلة لكي نبني عليها موقفاً عربياً موحداً ، إنها عبارة في منتهي الحكمة ، وقد ظن البعض أنني طلبت إليه أن يساعدنا بالبترول .. أبداً .. كل ما قلته هو : إن علينا أن نحارب أما دورك أنت فإنني أتركه لك ، ولم يكن في حاجة إلي أن أقول له أكثر من ذلك .. فهو رجل حكيم عظيم ..

وسيكتب التاريخ عن هذه العملية الجبارة التي حققناها في أكتوبر ودخلنا فيها بفرق ورءوس كباري كما حدث في معركة نورماندي في الحرب العالمية الثانية فهم أشعلوا معركة نورماندي بخمسة جيوش ونحن اشتركنا بخمس فرق وبمنتهي التنسيق بين البر والبحر والجو وهذا ما لا تقدر عليه إلا الدول العظمي وقد قال المعلقون العسكريون المحايدون ما هو أكثر ، وقد شارك ضباط إسرائيل في الحرب العالمية الثانية ولذلك فقد اكتسبوا خبرات واسعة وتم " تطعيمهم عسكرياً " ، ومع ذلك واجهنا إسرائيل بأربعة آلاف مدفع و222 طائرة وخمس فرق بطولية .. ولولا التنسيق العلمي الدقيق بين كل هذه القوي لما تحقق لنا النصر بل لأصابتنا مدافعنا ..

ووقعت الثغرة أي تسللت القوات الإسرائيلية إلي الضفة الشرقية في فجوة بين الجيوش .. وهي غلطة عسكرية مشهورة .. واعترف اليهود أن الثغرة مصيدة وقعوا فيها .. وهذه الثغرة قد صنعتها أمريكا لهم وصورت لهم من الجو مواقعنا .. ويقول أنيس منصور : وما تزال الأقمار الصناعية الأمريكية حتي هذه اللحظة تصور أرضنا وقواتنا ومثل هذه الصور تقدم مع طعام الإفطار إلي القيادة الإسرائيلية ، وقد اعترف اليهود بفداحة الثغرة ووصفوها ب " وادي الموت " وبأنها مقلب صنعه اليهود وشربوه حتي آخره .. وأن تقدير المصريين للموقف كان سليماً عندما أعلنت أنهم ضحايانا .. فقد اعترفوا بأنها حركة قصدوا بها رفع معنويات الشعب في إسرائيل أو رد اعتبار القادة الإسرائيليين .. وقد رأينا بعد الحرب حرب الجنرالات في إسرائيل ، وحتي بعد أن أعلن اليهود أنهم استرجعوا كل جثث قتلاهم .. أعددت لهم مفاجأة فقد طلبت إليهم أن يستلموا 39 جثة أخري .. وكانت صدمة لليهود .. لأنهم يعلنون دائماً أنهم الدولة الوحيدة في العالم التي ليس فيها قبر للجندي المجهول لأنهم يعرفون قتلاهم ، وقد أدي ذلك إلي فضيحة في إسرائيل وثورة علي الحكومة ..

وطلبت تكريم قرية علي مشارف الإسماعيلية اسمها " أبو خطوة " وصلت إليها ثلاث دبابات إسرائيلية ولم يستطع اليهود أن يسحبوها ، ونحن نعرف أن اليهود يسحبون خسائرهم وقتلاهم .. يسحبون خسائرهم حتي لا يعرف أحد كم عدد الإصابات التي تكبدوها .. ويسحبون قتلاهم لأسباب دينية حيث يعتقدون أن القتيل اليهودي في أرض غير يهودية يظل يزحف تحت الأرض حتي يصل إلي الأرض اليهودية .. وإن كل يهودي لا يدفن في أرض يهودية يظل لعنة علي أهله وشعبه إلي يوم القيامة .. وقررت أن يقام نصب تذكاري تكتب عليه أسماء شهداء " أبو خطوة " .. إن مواطناً بسيطاً يمسك قنبلة يدوية ويلقي بها علي عدوه أو حتي يرميه بحجر .. لهو مواطن بطل .. لأنه يعري صدره لعدوه .. ويعطي حياته لله ..

- والقائد يثبت في الحرب ولا يهتز : ويقول السادات : في الأزمات أستدعي احتياطي الصبر والهدوء فقد تعلمت من حياتي العسكرية أنه لابد أن تكون هناك قاعدة ثابتة تحت أقدامنا لنستطيع إصابة الأهداف ..

ولكن في 19 أكتوبر تدخلت أمريكا : وأنا لست ضد الوفاق ولكني ضد فرض السلام بالقوة وهي نظرية بن جوريون ، وقد قلت للسفير السوفييتي يوم 7 أكتوبر : إن الذي يملك دبابات أكثر هو الذي سوف ينتصر ، ولم يفعلوا شيئاً ، مع أنهم قد نقلوا إلي سوريا أكثر من 1400 دبابة قبل وقف إطلاق النار .. آه " لو " أعطوني مائة دبابة فقط قبل وقف إطلاق النار .. لتغير وجه التاريخ ولتمكنت قواتنا أن تدفع اليهود إلي حدود 67 .. ولكن الذي حدث أننا ضربنا 400 دبابة لليهود في الأيام الأربعة الأولي للقتال وانكسر اليهود تماماً .. وفجأة في يوم 19 أكتوبر تدخلت أمريكا .. ووجدت أمامي 1200 دبابة واردة من أمريكا .. هنا فقط لا أستطيع أن أواصل القتال .. فلست في وزن أمريكا التي تعهدت لإسرائيل بحفظ توازن القوي في الشرق الأوسط ومفهوم التوازن عند الأمريكان أن تكون إسرائيل أكثر تفوقاً .. ووافقت علي وقف إطلاق النار فأنا لا أبحث عن البطولات الكاذبة علي حساب الشعب ، وفي لقاء تليفزيوني مع نيكسون اعترف بما أسعدني حقاً فقد قال : إنه لولا تدخل أمريكا في حرب أكتوبر لانفتح الطريق من أوله إلي آخره عند تل أبيب أمام القوات المصرية ..

ويحكي السادات بعضاً من أوهام اليهود وأحلامهم بإغراق مصر ، فحينما تفوه ليبرمان بكلماته غير المسئولة عن ضرب السد العالي لم يكن أول من فكر منهم في ذلك ، يقول السادات : الكاتب الفرنسي أندريه مالرو ذكر في كتابه " الذكريات المضادة " أن القنابل الذرية إذا أصابت السد العالي فسوف تغرق مصر كلها ! ، كما أن كاتباً يهودياً ألمانياً اسمه حاييم ميخائيل ألف رواية بعنوان " مياه أسوان " تخيل فيها انهيار السد العالي ونسفه بالقنابل الذرية وغرق مصر ، وهناك رواية عنوانها " الخط 34 شرقاً " أي شرق السويس من تأليف ألفريد كوبل عن ضرب السد العالي وإغراق مصر ، وعندما ضرب اليهود عشرة محولات لكهرباء السد العالي في نجع حمادي وكانت الإصابات سطحية وطفيفة أبلغت طائراتهم قيادتهم أن مصر كلها غرقت ! .. وهذا هو أحد أحلام اليهود .. فهم لم ينسوا ولن ينسوا أن مصر كانت تتغني في أوج المد القومي التحرري : في البحر حندفنكم .. وكان اليهود يمنون أنفسهم بأنهم هم الذين سيدفنون المصريين في البحر كما حدث أيام موسي عليه السلام .. إلي آخر أوهامهم ..

واليهود معاركهم بلا شرف : فبعد إغراق المدمرة الإسرائيلية " إيلات " بأربعة أيام أغار اليهود علي السويس وضربوا مصانع تكرير البترول في " الزيتية " .. أي أننا ضربنا لهم هدفاً عسكرياً فأصابوا هدفاً مدنياً .. منتهي السفالة والخسة .. ولكن اليهود دائماً هكذا ، وقد اكتشفنا في حرب الاستنزاف أنهم " كتابيون " إذا صح هذا التعبير .. أي إنهم يطبقون قواعد الكتاب العسكري حرفياً .. أي إنهم محدودو الأهداف ، وكانت القوات اليهودية بعد النكسة تطيل أعناقها وترفعها وتجعلها غليظة كما وصفتها التوراة ، بأن اليهود " غلاظ الرقاب " .. أي فيهم غرور وصلف حتي مع الله .. والتوراة تؤكد هذا المعني .. وهو حقيقة ..

ويضيف السادات : وأعلنت في نيويورك أن اليهود عاشوا بيننا دون خوف بل وسيطروا علي التجارة .. وأكدت علي أن الحقد والكراهية والدم قد دخلت المنطقة عندما دخلت الصهيونية ، ومن أهم ما جاء بالكتاب تلك الجملة التي تعتبر من البديهيات والمسلـّمات والتي ستظل كذلك مهما حاولت قلة أن تكسر وحدة الشعب المصري ، يقول السادات : نحن شعوب لا تعرف الاضطهاد العنصري أو الديني .. إن تاريخنا معروف يؤكد حبنا للسلام بل إن ديننا الإسلام معناه السلام .. وما عرفنا أبداً التفرقة علي أساس من اللون أو الدين أو المذهب الديني ..

ثم يتحدث السادات عن أكذوبة معاداة السامية قائلاً : ووجدت من المناسب أيضاً أن أقول إن من التعبيرات الشائعة أن من يعادي اليهود يوصف بأنه " معاد ٍ للسامية " ولكن هذا التعبير لا يخيفنا فنحن ساميون واليهود هم المعادون للسامية .. وليس كل يهود إسرائيل ساميين فملامحهم أوروبية ، واليهود يتشدقون بأكذوبة أن فلسطين وطنهم الذي ذكرته الكتب المقدسة .. مع أن كاتباً يهودياً مشهوراً هو آرثر كيستلر قد أصدر كتاباً عنوانه " القبيلة الثالثة عشرة " وفي كتابه هذا يؤكد أن كل يهود أوروبا وأكثر اليهود ليسوا ساميين ، ويذهب إلي أنه ليس لهم الحق في أن يطالبوا بالأرض التي احتلوها – وهذه قضية أخري –، وأنا أستطيع أن أقول إنني سامي وإنهم ليسوا كذلك وإن تهمة معاداة السامية واقعة علي أكثر اليهود ..

ويقص السادات أحداثاً هامة من شبابه في فترة ما قبل الثورة فيقول : أكثر الشبان لا يعرفون ما معني الامتيازات الأجنبية التي كانت في مصر في عهد الإنجليز .. أي كيف يكون الإنسان مصرياً وفي بلده ومواطناً من الدرجة الثانية .. فإذا كانت في هذه المرحلة جواهر كثيرة .. ففيها وحل كثير أيضاً ، والإنجليز كان من بينهم أساتذة في صياغة المعاهدات ووضع التراكيب التي يحار العقل في تفسيرها .. ومثل هذه الصياغة قادرة علي أن تجعل المفاوضات بشأنها مستمرة .. وهذا يضمن للإنجليز وجوداً أطول ..

والمناصب والألقاب تذهب ولا يبقي إلا مواقف الرجال : فيذكر السادات موقفين متناقضين لبعض رجال الدين قبل الثورة حيث يقول : حين أرادت إنجلترا أن تقف مصر إلي جانبها في الحرب أعلن الشيخ المراغي شيخ الجامع الأزهر عبارته المشهورة : إن هذه الحرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل ، وقد أدت هذه العبارة إلي إخراجه من الأزهر ، أما الغريب والعجيب فهو ما فعله وزير الأوقاف ونقيب الأشراف عندما أعلنا أن فاروقاً من نسل رسول الله صلي الله عليه وسلم ، وأن الملكة نازلي من سلالة السيدة فاطمة الزهراء ! ..

وفي يوم 26 يناير سنة 1952 ، في يوم حريق القاهرة كان الملك فاروق قد دعا إلي قصر عابدين كبار ضباط الشرطة والجيش إلي مأدبة غداء ليقدم لهم جميعاً ولي العهد فؤاد الثاني البالغ من العمر عشرة أيام ، وتناهت إلي الملك أصوات الغضب ودخان النيران ، ولكنه لم يشأ أن يفض المأدبة أو يأذن للضباط أن يعودوا إلي مواقعهم ليساهموا في إخماد النار ! ..

ويقول السادات : كان موعد قيام الثورة في نوفمبر 1955 ، ولكن عرفنا أن الملك قد أعد قائمة بمن سيغادرون مصر معه إلي الخارج ، إذن لقد أدرك الملك أنه في " بداية النهاية " كما قال تشرشل ، هنا قررنا أن تكون في نوفمبر 1952 ، في نوفمبر بالذات لأنه الشهر الذي يكون فيه الملك قد عاد من الإسكندرية ومعه الوزراء فتكون ضربتنا إليهم وقد احتشدوا في مكان واحد ، ولكن في 20 يوليو 1952 عندما فشلت محاولتنا لاغتيال حسين سري عامر لأنه كان يعرف أسماء سبعة من أعضاء اللجنة التأسيسية للضباط الأحرار ، في هذا اليوم قررنا أن يكون موعد قيام الثورة 23 يوليو سنة 1952 ، وعبد الناصر هو الذي اتخذ قرار الثورة ..

ثم كان المطلوب بعد الثورة أن نتحرش بالملك أو " نجر شكله " .. أن نستدرجه إلي موقف .. واهتدينا إلي أن نعرض عليه رئيس وزراء لا يريده وكنا نظن أن الملك سيرفض ويستعمل سلطته الدستورية في أن يعين من يشاء .. ولكنه وافق واستسلم .. إذن لابد أن نبحث عن شيء آخر لنستدرجه إليه .. وقدمنا ستة مطالب تتعلق بحياة الملك الخاصة جداً .. ولكنه وافق علي الطلبات الستة ! ، فقررنا في النهاية إرسال إنذار إليه لمغادرة البلاد والتنازل لابنه ، ووافق الملك بعد أن أدرك أنه لا أمل له إلا في النجاة ..

ويقول السادات عما واجهه اقتصادياً في بدء حكمه : استدعيت حسن عباس زكي فقال إن مصر في حالة إفلاس تام ، قلت : والحل ؟ .. وكان رده : آخذ طاقية هذا وأضعها علي رأس ذاك .. أي أن يقوم بنوع من الحيل الاقتصادية ليسكت الناس ، ووقع في يد السادات تقرير اقتصادي سري غربي يقول إن مصر أمامها سنتان وبعدهما تركع علي ركبتيها تطلب الرغيف فتجده أو لا تجده ، فقال : لعلها دعاية مغرضة .. ولكني أعلم أن المعدة بيت الداء ، والمعدة هي الاقتصاد وهو العمود الفقري ، والاقتصاد السليم هو الاستقلال التام  ، والجوالات الفارغة لا تقف ، والمعدة الخالية لا يقف صاحبها علي قدميه ، والشعوب كالأفاعي تزحف علي أحشائها ! .. أي لابد لأحشائها أن تمتليء حتي تصبح قادرة علي الحركة ..

وفي مذكرات السادات من المواقف ما يدل علي دهاء السادات وذكائه الشديد ، يقول : كنت حريصاً علي أن تعتقد مراكز القوة أنني رجل ساذج غائب عما يجري حوله ، إلي أن جاء يوم أول مايو وخطبت .. وكنت قد أطلعتهم علي خطبتي إمعاناً في تنويمهم ، وفي آخر الخطاب أخرجت ورقة بخط يدي وقرأتها فكانت مثل قذائف من النار ، وأسجل تعليقاً مضحكاً لتوفيق الحكيم علي الاستقالات الجماعية لهم في مايو 1971 : دول جماعة سذج .. كان أسهل شيء هو الاستيلاء علي الإذاعة ثم يعلنون أنهم عزلوا السادات .. وعلي ما يرجع السادات ويتأكد أنهم لم يفعلوا هذا تكون قد مضت ساعتان أو ثلاث وبذلك تتحقق لهم البلبلة المطلوبة .. ولكنهم سذج ! ، والذي يؤكد سذاجتهم أنهم جمعوا أنفسهم في سلة واحدة .. ومن البلاهة ألا أنتهز هذه الفرصة وأتخلص منهم في نشرة إخبارية واحدة ..

ويدلل السادات علي أنه يمكن لأعداء رجل الجيش الكفء أن يقصوه إذا لم يكن منتبهاً لهم ، ولهذا فإن الذكاء السياسي يجب أن يكون متوفراً في رجل الجيش أو رجل الدولة بشكل عام ،  يقول السادات : قبل أن أستدعي أحمد إسماعيل ليكون وزيراً للحربية تذكرت ما الذي أصابه .. فأحمد إسماعيل رجل عسكري فقط ولا شأن له بالسياسة .. ولهذا ضربته مراكز القوي ضرباً لا هوادة فيه ولا رحمة وطوي هو نفسه علي جرحه وألمه ، ورد له السادات اعتباره ، ويعود وعي وإدراك السادات السياسي إلي فترة شبابه الباكر ، فيقول : وكان الإنجليز في الثلاثينات قد أعلنوا سياسة الحياد ، وأذكر أن الناس في مصر قد بهرتهم الفكرة .. فلما اكتشفوا بعد ذلك أن بريطانيا لم تكن قط علي الحياد صدموا .. وهذه الصدمة – في ذاتها – تدل علي طيبة الناس وسذاجتهم .. إذ كيف يخطر لهم ببال أن بريطانيا لا تكذب ؟ ..

ويقول السادات : من الذي يستطيع أن يتكلم عن السلام وهو ضعيف ؟ .. إن السلام لا يمكن أن يتم إلا في ظل القوة .. إذا أصبحت قوياً وأيقنت إسرائيل ذلك استطعت أن أتحدث عن السلام وأنا أهددهم بالحرب ، ويقول أيضاً : في القاموس السياسي كلمات كثيرة غير واضحة .. ولكن الساسة يلعبون علي الغموض أي يستغلونه لصالحهم .. ومن هذه الكلمات : الصداقة ! ، وبصراحة شديدة جداً : ليست هناك صداقة بين دولة كبيرة ودولة صغيرة بل هناك مصالح ، والسياسي هو الذي يضع حسابات .. وأهم مباديء الحساب السياسي أن تكون هناك احتمالات وبدائل ..

والمسئول ينبغي ألا يتنصل من مسئولية قراراته : فيقول السادات : كنت أحد الموافقين علي قرار إقفال المضايق عام 1966 فأنا مسئول أيضاً عن هذا القرار وشريك فيه .. والكثيرون ينكرون موافقتهم ولكني أعترف بها ..

ومن ظلام السجن وحافة الهاوية ولدت هذه الروح القوية المناضلة وكان النصر رغم الظروف الصعبة ، يقول السادات : كان لدالاس نظرية اسمها " حافة الهاوية " .. أي دفع الموقف حتي يشتعل أو ينهار ، ولكن دالاس لم يفهمنا .. فهذه الهاوية لا تهمنا .. لأننا لا يمكن أن نصل إلي أدني مما وصلنا إليه .. ولذلك لا تهمنا نظرية حافة الهاوية ! ، والفترة التي قضيتها في السجن أضاءت لي الكثير في نفسي ففي مناسبتين اثنتين يستطيع الإنسان أن يعرف نفسه : في السجن وفي الحرب ، وكنت أخفي شعوراً بأنني مختلف عن الآخرين أو " شعوراً بالامتياز " يعوضني عن الضياع الذي أحسست به ، وقد أعجبني التعبير العربي القديم : لقد احتشدت للأمر ، كأنه جيش مقدم علي معركة .. وأعتقد أنني لا شعورياً كنت أحتشد لشيء ما لا أعرفه ، ومن المصادفات الغريبة أن أجد في كراسة مختومة كل صفحاتها بخاتم السجن وبتاريخ يوم 21 أكتوبر 1947 عبارة بالإنجليزية لمترنيخ ، تقول : " إن مواهبي علمتني أن أرفع عيني إلي ما هو أسمي من السعادة " ، وفي حياتي مصادفات كثيرة مثل ذلك ، وكثيراً ما حدثت المصادفات وغيرت مصائر الناس .. غير أنه من الممكن أن تقع المصادفة لأحد فلا يدري كيف يستفيد منها ، وعندي حاسة سادسة هي التي كانت تلهمني حساب تقدير الرجال ، وأنا أستطيع أن أتذكر الأشياء والأشخاص والتواريخ بمنتهي الدقة فذاكرتي مغناطيسية ، وهناك قصة للكاتب النمساوي استيفان تسفايج اسمها " اللعبة الملكية " عن سجين كان بطلاً في الشطرنج وراح يستعرض لنفسه ما يحفظه من الشعر والنثر ، فإذا فرغ عاد فتلاه بالمقلوب ، ثم أخذ يضع ألغازاً في الشطرنج وراح يجعل عشرات من الناس يلاعبونه ثم يتغلب عليهم ، وقلت لنفسي : خيال كاتب ، حتي دخلت السجن فرأيتني أفعل ذلك ، ورسخت في أعماقي دروس في غاية العمق ، ومن الغريب أن بعض الشباب يتهربون من الجيش ، في حين يصف السادات عودته إلي الجيش بأنها عودة إلي الحياة : لقد ردت إليه الروح وكأنه ميت دبت فيه الحياة ، وحين قال عدد من الكتاب المصريين : كيف نترك أولادنا حملة المؤهلات يجلسون هناك علي الرمال تحت الشمس دون عمل ؟ ، رد السادات : شيء غريب : كأن الدفاع عن مصر ليس عملاً ؟ .. أو كأن الذي يحمل مؤهلات يجب إعفاؤه من هذا الواجب المقدس ؟ .. مع أن الدول الأخري لا يوجد واحد بها لا يضع في بيته صورة له بملابس القتال .. لأن هذه الملابس شرف والدفاع عن الوطن دين ، والسادات يري أن الإعدام أهون من الحرمان من الجنسية المصرية فيقول : أن يسجن الإنسان أو حتي يعدم ، فهذا يحدث ، ولكن أن نحرمه من مصريته مهما كانت غلطته ، فهذا ليس من حقي ، ويجب ألا يكون من حق أحد ..

                              بقلم : لمياء مختار




مستنيه تعليقاتكم يا أصدقائي يا ريت تكتبوها في لينك صفحة المجلة نفسها ، ولي رجاء صغير عندكم : أنا حاولت أتناول الكتاب من وجهة نظر محايدة ممكن يستفيد منها الجميع مهما كانت اتجاهاتهم السياسية ، فيا ريت يا أصدقائي لو حد منكم ما بيحبش السادات أو رأيه فيه زي رأي بلال فضل في كتابه " بني بجم " اللي عجبني كأدب ساخر رغم اختلافي إلي حد ما معاه في الرأي ، يا ريت لو حد منكم رأيه كده وحب يعلق يا ريت يعلق بطريقة لطيفة ما تجرحش عشان هابعت المقال ده بالتعليقات اللي عليه إن شاء الله لأستاذ أنيس منصور فمش عايزينه يزعل دا أستاذنا ورمز من رموزنا الثقافية وعايزين نفرحه ، مش معني كده باحجر علي رأيكم لأ كل واحد عايز يعلق أهلاً به بس يا ريت لو فيه اختلاف في الرأي يكون التعبير عنه بطريقة لطيفة
 



 




أصدقائي الأعزاء

النهارده الثلاثاء 16 فبراير 2010  صدر العدد الجديد من مجلة " وسط البلد " الإلكترونية ، ودا لينك مقالي النهارده في المجلة اللي باعلق فيه على كتاب " لا ينشر " للأستاذ محمد شعير الكاتب الصحفي بالأهرام .. الكتاب صريح جداً وفيه قضايا كتير مهمة وبيناقش مشاكل الصحافة في مصر .. وشجاعة وصراحة الأستاذ محمد شعير شجعتني إني أنا كمان أحاول أبقي شجاعة وصريحة وأبوح برضه باللي في قلبي من أوضاع كتير محتاجة تتصلح في عالم الصحافة


 المقال بعنوان : " لا ينشر " : يا قلبي يا كتاكت يا ما انت شايل وساكت !

دا لينك المقال يا أصدقائي ، ومعلش طولت عليكم


http://www.wostelbalad.com/index.php?option=com_content&view=article&id=644:q-q-&catid=50:2009-03-19-20-42-26&Itemid=76 





" لا ينشر " : يا قلبي يا كتاكت يا ما انت شايل وساكت !



 المقال كاملاً




والله قلبت علينا المواجع يا محمد ! .. وفجـّر كتابك كل ما كنت أكتمه في نفسي طوال سنوات ثلاث .. فقررت أن أفتح قلبي ليبوح بكل آهاته وأوجاعه مما لاقاه طيلة السنوات الثلاث الماضية في الصحافة القومية .. بما أني وجدت من هو أشجع مني فلأتشجع أنا الأخري ويعلو صوتي عن الهمس قليلاً .. ولو تعلم شخص واحد فقط درساً ما .. أي درس فإن هذا كاف ٍ ..

يبدو كلامي غامضاً بعض الشيء ؟ ..

كنت أري دائماً أبناء العاملين في الصحف القومية يتم تعيينهم بعد فترة بسيطة من التدريب مهما كانت الدرجة الوظيفية لهؤلاء العاملين في الصحيفة .. ولم أكن أفهم أو أستوعب ما السر في ذلك ؟ .. فهل رؤساء مجالس الإدارة ورؤساء التحرير علي هذه الدرجة من الوفاء ليهتموا بابن موظف صغير لديهم – أقصد طبعاً أنه صغير في درجته الوظيفية وليس في قيمته الحقيقية فقيمة الناس لا تتحدد بالمركز ولا بالمال .. إلي أن أتتني الإجابة علي طبق من ذهب في كتاب " لا ينشر " للأستاذ محمد شعير الكاتب الصحفي بالأهرام ، تعالوا نري ما يقول :

( أبناء العاملين في الصحيفة لا شك أن لهم الأسبقية علي غيرهم .. ليس من باب رد الجميل للآباء حتي وإن ارتدى الأمر هذا الثوب ، لكن هذه " المبادرات الإنسانية " من جانب رؤساء التحرير إنما تكون أيضاً بهدف ضمان أصوات الآباء " والأبناء مستقبلاً " في انتخابات نقابة الصحفيين .. ) ..

ويمضي محمد شعير في صراحته فيقول :

( عندما ذهبت إلى مكتب رئيس التحرير لمتابعة الطلب الذي تقدم به أحد الكبار متوسطاً لي للعمل بالجريدة ، في أثناء قيام السكرتيرة بالبحث عن طلبي وسط أوراق الطلبات الأخرى العديدة أتيح لي أن أطلع بنفسي علي أسماء من توسطوا لآخرين غيري لكي يعملوا في هذه المهنة ، إنهم جميعاً من الكبار الذين يطلون علينا ليل نهار من خلال هذه الصحف نفسها .. هذه أسماؤهم وهذه توقيعاتهم مقرونة بعبارات المودة والاحترام ، فالعلاقات إذن ممتدة ، والمصالح متبادلة ، ووسط كل هذه الطلبات فإن الفوز بتأشيرة الموافقة علي عبور البوابة الذهبية للصحيفة يرتبط بعوامل عديدة ليس من بينها على الإطلاق الكفاءة أو التدريب المسبق أو حتى الحصول على شهادة دراسية في مجال الإعلام .. فقط يوجد " الحب " بين الكبار والخواطر المتبادلة ! .. أنا أيضاً دلفت إلى هذا العالم بنفس الطريقة ولا أدعي أنني سلكت طريقاً أخرى ، وقبل الخوض في محددات النشر في الصحف القومية بشكل عام نقول هنا إن إحدى الفئات المحظية بالنشر هم رجال الانتخابات أي الصحفيين الذين يقفون إلى جوار مسئول التحرير في الانتخابات ، ومعايير النشر في الصحافة القومية ترتبط كثيراً بقانون الزحام ، ويفوز بالنشر من امتلك القوة أو الدهاء أو الاحتيال ، والقوة هنا تتمثل في مدى قوة المحرر لا قوة وأهمية المادة الصحفية التي يكتبها .. ) ..

شجاعة وصراحة أحييك عليها يا محمد .. وأود أن أضيف على كل ذلك مأساة أخرى لا أدري حتى الآن كيف يسمح نظام الدولة بحدوث مثلها .. مأساة المتدربين على الصحافة في الصحف القومية وقد كنت واحدة منهم إلى وقت قريب .. ويعلم الله أنني عملت كثيراً بدون أجر .. وهذه هي القاعدة التي يسير عليها الجميع حتى كبار الصحفيين الذين يحكون دائماً بعد أن يشتهروا أنهم أمضوا سنين عديدة يعملون بدون أي أجر على الإطلاق في صحفهم .. والنهاية تكون سعيدة عندما يتم تعيين الصحفي أو عندما يشتهر بشدة .. ولكن ليست كل النهايات سعيدة فالواقع مليء بحكايات أليمة .. لقد كادت صحفية كبيرة قديرة في إحدى المؤسسات الصحفية الكبرى أن تصرخ وهي تتحدث عن عجبها ودهشتها وغيظها مما يحدث للشباب الذين يمضون عشرين عاماً من أعمارهم يعملون بدون أجر وبدون نشر أسمائهم حتى لأنهم غير معينين في الجريدة ، وأكد لي صحفي كبير قدير أيضاً هذه المعلومة وقال بأن البعض يمضون أكثر من عشرين عاماً بدون أجر أو تعيين ، وحكت أيضاً هذه الصحفية الكبيرة عن مأساة فتي ظل يعمل في مؤسسة صحفية كبرى خمسة عشر عاماً منذ أن كان في الحادية والعشرين من عمره إلى أن بلغ السادسة والثلاثين .. ظل يعمل بلا أجر وبدون نشر اسمه لأنه غير معين وفي النهاية بعد خمسة عشر عاماً رفضوا تعيينه ! .. وذهب الفتى يبحث له عن أي عمل آخر بعد أن ضاعت خمسة عشر عاماً من عمره دون أن يكون هناك معه أي شهادة خبرة أو أي دليل على انه عمل أصلاً طيلة هذه السنوات ! ..

ثم أشارت هذه الصحفية الكبيرة إلى زميل لها قائلة : زميلي هذا يعمل ابنه معنا منذ ست سنوات ولم يتم تعيينه بعد ولم يحصل على أي أجر بل وتنشر موضوعاته الصحفية بأسماء آخرين لأنه من الممنوع أن ينشر الموضوع باسم شخص غير معين ، وقد تزوج الشاب وأنجب وما زال يقبض مصروفه من أبيه ! ..

تذكرت ُ أيضاً ذلك المذيع اللامع في تلك القناة المعروفة الذي كان يتحدث معنا بعد الانتهاء من تسجيل حلقة برنامج قائلاً : أنا اكتشفت إن فيه ناس كتير شغالة من غير فلوس تحت اسم التدريب ! .. الدولة كلها شغالة ببلاش والا إيه يا جماعة ؟!! ؟؟ ..

نعم .. الدولة كلها " تقص الحشائش مجاناً " .. ما معنى ذلك ؟ .. لقد شاهدت فيلماً أجنبياً ذات مرة تقوم فيه فتاة بقص حشائش حديقة " بيتها " وليس حديقة آخرين ، فسألها صديقها في الفيلم : هل أعطاك والدك نقوداً مقابل قص الحشائش مجاناً ؟ .. فقالت : لا .. هو يقول إن هذا تدريب مفيد لي ! .. فقال الفتى : هذه هي الحجة التي يتذرع بها الجميع حين يريدون أن يسخــّروا الآخرين لخدمتهم دون مقابل !! ..

نعم .. هذا ما يحدث في الصحف القومية للأسف ..

وتذكرت فيلماً إنسانياً جميلاً اسمه " دومينيك ويوجين " يحكي قصة أخين توأمين أحدهما طبيب والآخر بطيء الفهم أو شبه متأخر ذهنياً بعض الشيء .. وهي فكرة تكررت في عدة أفلام مثل " رجل المطر " وفي مصر " التوربيني " الذي جاء نسخة مقلدة باهتة لا روح فيها في رأيي – المهم في الفيلم الجميل " دومينيك ويوجين " يفرح دومينيك الأخ المتأخر ذهنياً بعض الشيء والذي يعمل في جمع القمامة – يفرح بشدة بقبعة قديمة أهداها له رئيسه في العمل ، بينما ينبهه زميله إلى أن رئيسهم هذا يخدعهم وأن المقابل المجزي للعمل ليس قبعة وإنما زيادة بنسبة جيدة في الراتب كل عام وتأمينات صحية مناسبة ، ولكن دومينيك الساذج يرد علي زميله بأن كل هذا لا يهمه لأن رئيس العمل هذا طيب والقبعة التي أهداها له جميلة !! ..

إذن فنحن جميعاً في سذاجة دومينيك ونحن لا ندري !! ..

سرحت بكم كثيراً كثيراً مع حكاياتي .. نعود إلي حكايات محمد شعير الذي يقول : ( وتعلمنا وفهمنا أنه لا ينبغي أو لا يجوز أن تظهر شخصية الصحفي في الكتابة حتي إذا كان يعد تحقيقاً متكاملاً حول قضية ما .. " شاهدت .. رأيت .. قلت .. " .. من أنت حتى تستخدم ضمير المتكلم ؟! ، والحق أننا كثيراً ما نشرت لنا موضوعات على مساحات كبيرة وسمعنا كلمات الإطراء عليها من الزملاء .. إلا أن داخلنا كان يغلي بسبب تغيير مدخل الموضوع أو حذف جملة .. ) ..

بس كده يا أستاذ محمد شعير ؟ .. لو على كده بس بسيطة .. فهم لا ينفكون يضيفون أخطاء لغوية ونحوية وإملائية للموضوع المقدم من صاحبه سليماً أصلاً .. ولكن لأن محرر الديسك باعتباره المراجع يظن لجهله أن المحرر كاتب المقال قد أخطأ .. والذنب ليس ذنب محرر الديسك بل ذنب من ولاه هذه المسئولية دون أن يكون مستحقاً لها .. ولكن كل هذا كلام فارغ وهزار ولعب أطفال بالمقارنة لما فعله معي ذات مرة أحد محرري الديسك حين أضاف جملتين لم أكتبهما قط ولا يمكن أن أكتبهما أبداً – أضافهما لحوار كنت قد أجريته مع الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي أثناء أزمته مع الشيخ يوسف البدري .. وكنت حريصة علي الحياد التام في صياغتي لهذا الحوار تجنباً للمشاكل .. وإذا بالمحرر اللوذعي يقرر أن يضيف جملتين يتهكم فيهما بحدة علي الشيخ يوسف البدري إلى درجة أنه يمكن اعتبارهما سباً له ، وكادت تحدث مشكلة كبرى لولا أن الله سلم وتم تدارك الأمر ..

ولما المحرر بتاع الديسك بسلامته شجاع قوي كده – لماذا لم يكتب هذه الجمل في صفحته هو ويوقعها باسمه هو – وكان وقتها يملك صفحة أو صفحتين طويلتين عريضتين بالمجلة ؟ .. لماذا يتخفي وراء اسمي ظلماً وعدواناً في التهجم علي آخرين وسبهم ؟ .. إنني حتى لو هاجمت شخصاً ما فلن أهاجمه أبداً بنفس الطريقة التي هاجم بها محرر الديسك هذا الشيخ يوسف البدري .. ثم إن قصيدة شرفة ليلى مراد بالذات تلك التي دارت حولها كل هذه الضجة آنذاك وقت نشر الحوار تجعل المرء يتعاطف حتى ولو للحظة مع الشيخ يوسف البدري لأنها حتى لو نحينا جانب الدين فهي غير ذات قيمة فنية حقيقية في رأيي المتواضع – وكما قال بلال فضل في مقال له فإننا لو قمنا بإجبار حلمي سالم علي سماع قصيدته مراراً وتكراراً في شريط كاسيت – فسيكون هذا عقاباً كافياً له على هذه القصيدة - التي لا أزعم أنني – لمياء يعني – لا أزعم أنني قد بلغت درجة الرقي الفكري الذي يمكنني من استيعابها بعد ..

الغريب والمستفز هو أنني عندما سألت محرر الديسك لماذا أضاف لي هذه الجمل الغريبة قال ببساطة : دا انا باخدمك ! .. وانتي تطولي إن يوسف البدري يرفع عليكي قضية ؟ .. دا انتي ساعتها تبقي زي جابر عصفور بالظبط !!!

يا سيدي أنا مش جابر عصفور ومش عايزه أبقي زي جابر عصفور بالظبط .. ثم إنني لست من هواة الشهرة بأي وسيلة فهذا يلجأ إليه من لا يملك الموهبة الأدبية على الإطلاق .. وبما أنني أعتقد أنني أملك قدراً من الموهبة الأدبية بحمد الله فأنا لا أريد أن أشتهر إلا بإبداعاتي .. وليس عن طريق المحاكم والقضايا .. ولماذا لم يخدم نفسه هو أولاً بأن يضيف لمقاله هو هذه الجمل التي كتبها بيده بدلاً من أن يلصقها باسم شخص آخر ظلماً وعدواناً ؟ ..

وبالمناسبة فمحمد شعير يحكي أيضاً أنه تعرض لشيء شبيه بذلك وإن كان أقل وطأة ربما – حين نشر موضوعاً عن قصص بعض الراقصات والمضيفات في حانات منطقة وسط البلد ، وقام مسئول التحرير بتغيير مقدمة الموضوع الذي كتبه محمد شعير لتأتي متعاطفة تماماً مع بطلة الحلقة ! .. مع تغيير عنوان الموضوع ليصبح " جعلوها مجرمة " ، ويعلق محمد شعير قائلاً : وكان ذلك في حد ذاته كافياً لأن يجعلني أشعر شخصياً بإجرامي في حق القاريء الذي يجد اسمي ممهوراً في النهاية .. على هذه السخافة ! ..

وأنا أود أن أضيف شيئاً آخر عن كيفية تعاملهم مع شباب الصحفيين .. إنهم لا وزن لهم حتى كآدميين .. هم مجرد شخوص هلامية بلهاء قبلت أن تعمل بلا مقابل .. لماذا أقول ذلك ؟ .. لأنني آلمني كثيراً موقف حدث لأحد زملائنا في القسم الفني حين كان يجري حواراً مع تامر حسني وبعد الحوار هبطا معاً في المصعد ثم تعطل بهما ذلك المصعد قليلاً وكاد يسقط بهما ولكن الله سلم وتم إنقاذهما ، وجاءت العناوين تقول : أنقذنا حياة تامر حسني ! .. ثم مقال طويل عريض عن أن العناية الإلهية أنقذت من أجل ملايين البشر حياة المغني المحبوب الذي لو كان حدث له شيء لا سمح الله لماتت آلاف الفتيات حزناً أو انتحاراً ! .. ليس هذا ما ضايقني فإنقاذ حياة أي إنسان أمر رائع .. والحمد لله أنه تم إنقاذ حياة كل منهما ..  ولكن ما ضايقني بشدة هو عدم الإشارة لإنقاذ حياة زميلنا الصحفي الفني الذي كان يجري معه الحوار ! .. وكأن حياته لا تساوي شيئاً ! .. مع أنه هو ابن المؤسسة والأولى باهتمامها ! .. وهو أيضاً لا يتقاضى نقوداً .. ألهذه الدرجة حياتنا جميعاً في نظرهم رخيصة وجهدنا رخيص ؟ .. شيء بائس .. الغريب أن زميلنا المحرر الفني لم يكن حزيناً بل كان فرحاناً بينما حزنت أنا وزميلة أخرى لي وتحدثنا عن انعدام قيمتنا في نظر المؤسسة .. ربما لأننا نفكر كثيراً ونتأثر كثيراً ونفسر كل شيء ونحزن لكل شيء ..

نعود لباقي موضوعات كتاب " لا ينشر " : فعن الصحف المستقلة يقول محمد شعير : ( لو صح أن النفوذ واستخدام الصحيفة كذراع إعلامية هما الهدف من الصحيفة فإن ذلك يفتح الباب أمام إمكانية عقد صفقات مشبوهة من خلال الصحيفة عبر نشر مواد بعينها أو شن حملات أو إيقاف نشر مواد أخري .. وكل ذلك لا علاقة له بحرية النشر والصحافة التي تتنافس الصحف المستقلة في إعلان أن كلاً منها الأفضل في هذا المجال ، ولذلك يطالب الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل بمجلس أمناء في الصحف المملوكة لرأس المال الخاص ليكون بمثابة طبقة عازلة بين الملاك والتحرير كما  في التايمز .. ) ..

لقد قرر محمد شعير أن " ينشيء صحيفته الخاصة .. أن يكون المحرر ومسئول التحرير معاً .. يقول : سأكتب .. ولن يعدّل لي أحد حرفاً .. " ..

عن الحياد الصحفي ، أجرى محمد شعير حواراً مع الدكتور عبد السلام المسدي وهو عالم تونسي في مجال اللسانيات وعضو المجامع العلمية للغة العربية في كل من تونس ودمشق وطرابلس وبغداد ، ولم تسمح قوانين الزحام داخل الصحافة القومية بنشر الحوار – لو كان الحوار مع هيفاء وهبي لنشر علي الفور بالطبع .. لماذا لم تنتبه لذلك يا محمد ؟ .. لماذا تختار الشخصيات ذات الدم الثقيل من العلماء والأدباء والمفكرين ؟ .. تؤتؤتؤ - المهم .. في الحوار دعا الدكتور المسدي إلي فك أسر اللغة من السياسة وكشف مكر السياسيين وفي الوقت نفسه دعا إلى تنبيه هؤلاء السياسيين إلى أهمية سلاح اللغة في أيديهم في العلاقات أو في الحروب الدولية ..

وعن الحياد الصحفي يقول محمد شعير إن الزميل أحمد زين مراسل وكالة الأنباء الكويتية في واشنطن – قد ضرب أمثلة تؤكد عدم حياد الصحافة الغربية لا سيما الأمريكية ، وقد تحدث روبرت فيسك الكاتب البريطاني الشهير حول " بعض القصص التي تشهد بكيف أصبحت الصحافة الأمريكية منحازة وجبانة في وجه جماعات الضغط الإسرائيلي في أمريكا " وذلك في مقال له نشره بصحيفة الإندبندنت البريطانية في 16 أبريل 2002 وأحدث وقتها ضجة كبرى في الصحافة الأمريكية ..

ويورد محمد شعير في هذا السياق مقالاً للكاتب الكبير أنيس منصور يقول فيه الأستاذ أنيس بأنهم جميعاً ككتاب أو رجال مقربين من الحاكم – أي حاكم - عبارة عن سكاكين وملاعق في يد هذا الحاكم ، ويورد محمد شعير أيضاً حواراً أجراه الزميل نصري عصمت مع الدبلوماسي دينيس جيت عميد مركز العلاقات الدولية في جامعة فلوريدا الأمريكية ولم ينشر هذا الحوار أيضاً ( مش باقول لك يا محمد عليكم بهيفاء وهبي وانتو تلاقوا كل مواضيعكم اتنشرت فوراً ) – ما علينا .. المهم في الحوار أن دينيس جيت يقول بأن الولايات المتحدة استخدمت أساليب الدعاية النازية في الترويج للحرب على العراق ، والاستراتيجية الإعلامية للإدارة الأمريكية تقوم علي التخويف من الإرهاب والتشكيك في وطنية المعارضين ، والأمريكيون يشاهدون تقارير إخبارية " سابقة التجهيز " دون أن يعلموا أنها من إنتاج وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكيتين ..

يورد محمد شعير في كتابه الهام أيضاً ورقة بحثية حول قضية " التعذيب " تقدم بها السفير سيد قاسم المصري مساعد وزير الخارجية آنذاك وعضو لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة – وذلك ضمن ندوة نظمتها وزارة الخارجية عن حقوق الإنسان ، ولم ينشر الموضوع ، ويورد محمد شعير أيضاً واقعة حدثت في حي الهرم من بعض أمناء الشرطة بالحي .. ولن أذكر الواقعة لأني أريدكم أن تقرأوا الكتاب أولاً .. ولأني أقل شجاعة من محمد شعير ثانياً ! ..

يتحدث أيضاً محمد شعير في كتابه عن ( العلاقة بين المسلمين والمسيحيين كإحدى المناطق الشائكة شديدة الوعورة في الصحافة المصرية بشكل عام .. فإذا كانت الصحف القومية تصر في كثير من الأحيان على البقاء بعيداً دون الدخول إلى هذه المنطقة المحظورة ، فإن جانباً من الصحف المستقلة يدلف إلى تلك المساحة واضعاً نصب عينيه ارقام التوزيع فيعمد إلى الإثارة لا المناقشة الهادئة .. ) ، ويضرب مثالاً بقصة قصيرة للأديب الشاب حاتم رأفت بعنوان " اختبار القبول .. تجربة تقرأ مرتين لتكتمل " ، ولن أحرق لكم هذه القصة الآن بالمناسبة ..

يحتوي الكتاب أيضاً علي موضوع عن تجاذبات القضاة واشتباكاتهم حول قانون السلطة القضائية في 2006 ، وعلى موضوع عن أيمن نور باعتباره " ليس شيطاناً ولا ملاكاً " على حد قول محمد شعير ، وكيف أن مسئول التحرير رفض نشر وجهة نظر أيمن نور حول قضيته ، وبالطبع الرد منشور بالكامل في كتاب " لا ينشر " ..

هناك فصل في الكتاب بعنوان : " دفاع بلا هجوم " : يقول محمد شعير في مقدمته : ( يضيق صدر ومساحات الصحف القومية عادة عن استيعاب ونشر التصريحات التي تهاجم السياسة المصرية .. إلا أن نفس هذا الصدر وتلك المساحات يتسعان كثيراً لعرض ردود رجالات النظام في مصر .. من السياسيين أو الصحفيين على ذات الهجوم .. بما يضع القاريء في حيرة من أمره إذ يعجز في كثير من الأحيان عن فهم الدفاعات التي تسوقها هذه الردود .. لأنه ببساطة لم يتح له أن يطلع على الهجوم من الأصل ! .. فكيف يفهم الدفاع ؟! .. ) ..

إن محمد شعير يحكي تفاصيل وكيفية طبخ الأخبار والموضوعات في الوسط الصحفي بلغة خبير ذاق كثيراً وجرب كثيراً .. ويورد أمثلة بتفصيلاتها زيادة في توصيل المعني .. ولن أحرق لكم هذا أيضاً ! ..

هناك جزء كبير في الكتاب بعنوان " عراقيات " ، عن تطوارت المسألة العراقية ، مثلاً يحكي محمد شعير عن صورة نشرتها بعض الصحف العربية أثناء حرب العراق لمجموعة من الفتيات العربيات يرقصن داخل أحد الملاهي الليلية في فندق بالعراق وسط أجواء من الترف بينما تعلو المكان صورة كبيرة للرئيس العراقي صدام حسين مع التعليق بأن هؤلاء الفتيات ينتمين إلي " النخبة " أو الطبقة الراقية في المجتمع العراقي ، ويعلق محمد شعير قائلاً : ( إذا كانت دوافع الوكالة الأجنبية لبث هذه الصورة مفهومة ، فإن ما لا يعد مفهوماً بالمرة أن تلتقط هذه الصحف " العربية " الطـُعم " وتبادر إلى نشر الصورة مع إبرازها بهذا الشكل وكأنها تريد أن تقول : إن هذا الشعب الذي يحاول حكامه أن يؤكدوا دائماً على ما يلاقيه من فقر ومرض في ظل الحصار الاقتصادي والضربات الجوية اليومية .. هذا الشعب لا يستحق كل ذلك التعاطف وأن الصورة ليست بالسوء الذي يصوره حكام بغداد .. ألم ترد إلى نفس هذه الصحف الأرقام والإحصائيات التي أعلنتها جهات دولية – وليس عراقية – عن حجم الوفيات بين أطفال العراق ؟ .. وألم ترد إليها صور أخرى بثتها الوكالات الأجنبية أيضاً للخراب والدمار داخل العراق ؟ ..  إلى متي سوف يظل العقل العربي أسيراً للخلافات الداخلية دون محاولة للارتقاء فوقها لتحقيق المصلحة العربية عموماً ؟ .. وإلى متى سوف نظل مبادرين دائماً إلى ابتلاع " طعوم " يظهر جلياً أنها مدسوسة علينا لتحقيق أهداف خبيثة ؟ .. ) ..

في فصل " عراقيات " أيضاً حوار مع الدكتور فاروق مبروك رئيس بعثة رعاية المصالح المصرية بالعراق ، ومع الدكتور مثنى حارث الضاري المتحدث باسم هيئة علماء المسلمين السنية في العراق .. وموضوع عن النفوذ الإيراني في العراق ..

" كأن لدينا دولة " : عنوان مثير أليس كذلك ؟ .. هو عنوان لمقال من مقالات الكتاب .. يقول محمد شعير :  ( حاول أن تطبق قاعدة " كأن " عند التعامل مع ما يقوله أو يفعله النظام في هذا الوطن ، وسوف تجد في النهاية أنك قد أرحت واسترحت .. باختصار .. لا تتعامل مع معظم ما يجري حولك في مضمار السياسة في هذا الوطن باعتبار أنه " حق وحقيق " .. ببساطة " ما تحبكهاش قوي " .. واعتبر أن ما يقال " كأنه " جاد ، وأن ما لدينا .. كأنه سياسة ، وإذا ما توسعنا قليلاً في تطبيق هذه القاعدة فإنك ستكتشف ما يلي : كأن لدينا مؤسسات .. كأن لدينا دستوراً .. برلماناً .. رقابة .. انتخابات .. قانوناً .. أحزاباً .. كأن لدينا دولة ! .. حاول أن تنظر إلى المنظومة السياسية في هذا الوطن نفس نظرة الطير إلى " خيال المآتة " .. ولكن لا تنس يا صديقي قبل أن تنصرف .. أن تلقي نظرة حانية .. إلى أرض الحقل ! .. ) ..

" عن حملات لم تــُشن " : عنوان لفصل يتحدث فيه محمد شعير عن تفكيره في عمل سلسلة حوارات بعنوان مبدئي هو " أين هم الآن ؟ " بحيث يلتقي من خلال ذلك مع المتهمين الذين انحسرت دائرة الضوء عن قضاياهم ليعرف ويعرف القاريء : أين أصبح هؤلاء الآن ؟ ، وتم رفض الموضوع من قبل مسئول التحرير الذي قال : ( ده من التاريخ .. ونحن نبحث دائماً عن الجديد .. الخبر الجديد ! .. ) ..

إذن يا أصدقائي – والكلام لي أنا الآن : لمياء – لا فائدة من محاولة التنقيب عن الحقائق التي طمست من قبل .. واللي راح راح يا قلبي .. بمعنى أنه لو ظلم إنسان في قضية ما أو بُخس فنان أو أديب حقه فإنه إن لم يستعد هذا الحق في غضون سنوات قلائل فلن يستعيده أبداً على ما يبدو .. لأن الموضوع سيصير " بائتاً " وغير مرغوب دراسته في الصحف .. وقد لمست هذا أيضاً حين اقترحت ذات مرة تحقيقاً أدبية عن مسودات الأعمال الأدبية التي لم تكتمل لأدباء راحلين أو لم تنشر لهم من قبل .. ولم يتحمس مسئول التحرير لهذا قائلاً بأننا حتى لو عثرنا على هذه المسودات فلون تكون لها قيمة لأن " موضة " الأدب قد تغيرت ! ..

ولا عزاء للحقيقة ! .. ولا لقيمة البحث عنها أو محاولة هذا البحث .. إذا فكرت مجرد التفكير حتى سيقولون لك : قديمة ! .. فوت علينا بكره ! ..

هل تدرون ما معنى هذا ؟ .. معناه أنه بنفس هذا المنطق : إذا كانت الكتب الخفيفة جداً تدخل في نطاق الأعلى مبيعاً وإذا كانت الأفلام السخيفة جداً تحقق أعلى إيرادات ويُحتفى بهذه النوعية من الكتب والأفلام بشدة بينما يتم إهمال الكتب والأفلام الجادة .. إذا حدث هذا وظـُلم الكثير من الفنانين والأدباء الجادين .. ثم جاءت أجيال مستنيرة من الصحفيين الشبان بعد ثلاثين عاماً مثلاً وحاولوا دراسة هذه الفترة لإعطاء كل ذي حق حقه ، فلن يُسمح لهم بهذه الدراسة أصلاً بحجة أن هذه المواضيع قديمة .. بمعنى أن الصحافة لا تبحث عن الحقيقة بقدر ما هي تلهث وراء الجديد الذي يجذب القاريء محققاً أعلى مبيعات .. إنه المال أولاً وأخيراً الذي يحرك كل شيء حولنا للأسف ..

أما عدم نشر كثير من الموضوعات الجيدة جداً والصالحة للنشر فهو أمر شائع وعادي جداً .. وأنا لي الكثير من التحقيقات والحوارات التي لم تنشر ، منها مثلاً حوار طلبوه بشدة وإلحاح مع أحمد سعيد الذي كان يذيع أخبار حربنا مع إسرائيل في نكسة 1967 وكان يذيع – مأموراً – كل الأخبار الكاذبة عن انتصاراتنا .. وبعد أن أجريت حواراً طويلاً معه لم ينشروا الحوار ! .. وغيره وغيره .. بل إنهم كانوا كثيراً ما يطلبون مني حضور ثلاث ندوات في الأسبوع وبعد أن أكتب لهم الندوات الثلاث يلقون باثنتين منهما في سلة القمامة وينشرون واحدة فقط .. وقد لا ينشرونها أيضاً ويذهب جهدي في هذا الأسبوع سدى .. طبعاً لأني تلك الساذجة التي تقول حاضر دائماً ! ..

ما علينا : نعود إلى الكتاب : يورد محمد شعير حواراً له مع وكيل أسلحة وقد تم رفض نشر الموضوع بحجة أنه إعلان ، مع أن محمد شعير يشرح أن هناك فارقاً بين وكلاء الأسلحة وتجارها ، فوكلاء الأسلحة يتعاملون فقط مع وزارة الداخلية وتكون أسماؤهم معتمدة لدى الوزارة للسماح لهم باستيراد الأسلحة غير المخصصة للمدنيين لحسابها ، أي أن ذكر اسم أي وكيل أسلحة لن يفيده في زيادة حجم مبيعاته مثلاً لأنه لا يتعامل أصلاً إلا مع جهة واحدة هي وزارة الداخلية وليس مصرحاً له ببيع الأسلحة للمدنيين ..

ولكن مسئول التحرير قرر أن هذا إعلان إذن فهو إعلان ! ..

ويعلق محمد شعير : لا أدري لماذا أتذكر العديد من الزملاء في الصحف القومية والمستقلة الذين يكتبون مواد تنطق كل كلمة فيها لتؤكد شبهة الإعلان .. إلا أنها تعرض على أنها مجرد مواد تحريرية ولا يتم دفع أي مقابل لها .. للصحيفة بالطبع ! ، واختلاط الإعلان بالتحرير وعمل الصحفي في مجال جلب الإعلانات للصحيفة يعد من قبيل البقع السوداء .. التي يعرفها الجميع ويدرك جيداً أماكن وجودها في الصحافة المصرية ..

بالكتاب أيضاً حوار مع مسئول بنكي كبير في محاولة لفهم شيء مما يدور في دنيا البنوك والقروض ، ومقال أيضاً بعنوان " اقتصاد مؤنسن " : بمعني أن الأرقام الطويلة المعقدة تصرف القاريء عن قراءة المقالات الاقتصادية في كثير من الأحوال ، ويضرب محمد شعير مثالاً لأصل خبر في أمريكا يقول : " سترسل وزارة الزراعة هذه السنة 35 مليون شجرة صنوبر إلى المزارعين لتشجيعهم على زراعتها ، بالمقارنة ب 34.3 مليون شجرة في السنة الماضية وبهذا ظل العدد يزيد بنسبة 2.5 % خلال 15 عاماً وهو ضعف زيادة عدد سكان الولايات المتحدة " ، هذا هو الأصل الطويل المعقد للخبر ، أما ما تم نشره فهو : " سترسل وزارة الزراعة هذه السنة 35 مليون شجرة صنوبر بزيادة قليلة جداً عن السنة الماضية " ..

يناقش محمد شعير في كتابه فكرة هامة هي العلاقة بين الصحافة والأدب ، فيقول : ( اعتبار الصحافة مهنة من شأنها تدريب الأديب على الكتابة لا شك أنه ينبع من جهل واضح بالصحافة كعلم وفن ، فالصحافة لها أدواتها الخاصة بها ، وجمهورها ، والأدب له أدواته وجمهوره ، وهما مختلفان عن بعضهما ، ولا يجمع بينهما سوى أن الكتابة هي وسيلة كل منهما للتعبير ) ..

لو كنت قد قرأت هذا الرأي في العام الماضي لاختلفت معه .. ولكني بعد أن بعدت عن الصورة قليلاً بدأت أقتنع بأن الصحافة والأدب مجالان مختلفان .. بل ربما تفسد الصحافة من موهبة الأديب لأنها تشغله بتفاهات الحياة اليومية فتربك ما يدور برأسه من أفكار إبداعية .. وقد يكون قد أعد نفسه للكتابة الأدبية في يوم إجازته فيفاجأ باتصال من رؤسائه يطلبون منه فيه أن يذهب لموقع كذا الذي حدث فيه حادث كذا .. فيطير كل الإبداع من رأسه .. وفي المقابل أيضاً فإن الأديب حين يفرض نفسه على الصحافة قد يكون بذلك محتلاً لمكان شخص أقدر منه علي الحركة وعلى اقتناص المعلومة والحصول على المصادر .. هذا الشخص قد لا يكون ممتلكاً لموهبة إبداعية كأديب موهوب ، ولكنه بلا شك أفضل منه كصحفي ناجح ..

يتحدث محمد شعير في كتابه أيضاً عن أديبنا الكبير نجيب محفوظ وعن الغرفة 607 بمبنى الأهرام التي شهدت سلسلة من حوارات الكاتبة سلوى العناني مع نجيب محفوظ ، لقد قال لها نجيب محفوظ ضاحكاً : لقد كنت متفائلاً من قبل .. فالإنسانية الآن على مشارف الجحيم ! ..

وفي حوار يورده الكتاب للزميلة رنا جوهر مع المستشرقة الأمريكية الدكتورة سوزان ستيتكفيتش قالت المستشرقة رداً على سؤال " كيف ينظر النقاد الغربيون للأدب العربي الحديث لا الشعر القديم " ، قالت : بصراحة لا أظن أن النقاد الغربيين لديهم أدنى فكرة عن الأدب العربي على الإطلاق .. ربما يكونون قد سمعوا اسم نجيب محفوظ .. لكنهم مهتمون بالأدب الغربي وليس لديهم خلفية عن الأدب العربي أو حتى البلاغة العربية الكلاسيكية ..

ويعلق محمد شعير على هذا ذاكراً موقفاً مضحكاً مبكياً رواه الكاتب الكبير إبراهيم أصلان في كتابه " خلوة الغلبان " حيث يحكي فيه قصة إحدى المجلات العربية التي حاولت الحصول على تعليق من الأديب الكبير جابرييل جارسيا ماركيز بعد وفاة نزار قباني ، حيث كان أول ما قاله ماركيز : هذا شيء مؤسف .. من هو مستر كباني ؟؟!! ..

ويتوالى الحوار العجيب المضحك المبكي على هذه الشاكلة ! ..

وأقول أنا تعليقاً علي كل ذلك : لماذا نرخص من أنفسنا في حين لا يدرون هم عنا شيئاً وعن أدبنا ولغتنا العظيمة وثقافتنا الأصيلة ؟ .. الأدب العربي مليء طوال تاريخه بالدرر والنوابغ وكذلك الفنون العربية وربما كنا متفردين بشرقيتنا بحيث لا يجدون لآدابنا وفنوننا مثيلاً في العالم .. إذن لماذا نسعى لاهثين خلف اعترافهم بنا ؟ .. صحيح أن التواصل الثقافي والفكري بين الشعوب لابد منه ولكن عليهم أولاً أن يعرفوا قدرنا قبل أن نلهث نحن وراءهم طالبين كلمة تقدير قد تكون في كثير من الأحيان بلا قيمة كبرى حقيقية ..

نعود إلى الكتاب : يأتي فصل منه بعنوان : لماذا تطل إسرائيل برأسها دوماً في الخلفيات ؟ .. وينقل محمد شعير من كتاب رضا هلال " المسيح اليهودي ونهاية العالم " جملة تقول : " إن تحالف اليمين المسيحي واليمين السياسي يرى ببساطة تأييد الاحتلال الإسرائيلي للقدس كالتزام ديني وواجب مقدس باعتبار أن قيام دولة إسرائيل هو الخطوة قبل الأخيرة للمجيء الثاني للمسيح من وجهة نظرهم ، أما الخطوة الأخيرة فهي بناء الهيكل فوق قبة الصخرة عند المسجد الأقصى " ..

وفصل آخر في الكتاب يأتي بعنوان : حقيقة الأهداف الأمريكية في المنطقة : يقول محمد شعير : ( ما نتوقعه هو أن تعمل أمريكا على تلقين الشرق الأوسط " ثقافة " جديدة تحمل اسماً مخادعاً هو " الديمقراطية " وذلك من خلال الهبوط بجرعة التعليم الديني إلى الحد الأدنى في المناهج الدراسية باعتبار أنه يؤدي من وجهة نظرهم بالطبع إلى تربية الإرهابيين .. مع محو أي ذكر لكلمة " الجهاد " ربما حتى جهاد النفس ! .. ) ..

يتحدث محمد شعير أيضاً عن قضية المرأة ومشاركتها في بناء المجتمع والاختلاط الذي كان قائماً في المجتمع الإسلامي الأول على الاحترام والعمل بهدف بناء المجتمع .. ويفتح موضوع حجاب الفنانات وهل يمكن أن تكون هناك سينما قائمة على الحجاب كالسينما الإيرانية مثلاً ؟ .. تلك قضايا أخرى يمكن مناقشتها في موضوع مستقل فيما بعد .. ولكن .. شكراً لك يا أستاذ محمد شعير على تلك الوجبة الثقافية الدسمة وعلى تلك الصراحة المطلقة والشجاعة التي جعلتني أنا الأخرى أبوح بكل ما في صدري من ضيق من أوضاع كثيرة خاطئة للأسف ..

بقلم : لمياء مختار




وإن شاء الله برضه هاحاول أبقي أكتب عن الكتب اللي قريتها للكتاب الشبان الزملاء ولفتت نظري بس هاكتب عن الأعمال الفكرية أوالصحفية أو الاجتماعية أو السياسية .. إلخ  لكن غالباً مش هاقدر أكتب عن الأعمال الأدبية لأني مش ناقدة أدبية متخصصة لأني أنا نفسي باخد رأي النقاد في كتاباتي الأدبية
:)


وعلى فكرة يا أصدقائي دا لينك صفحة مجلة وسط البلد على الفيس بوك لو حد منكم يحب ينضم لصفحة فانز المجلة

http://www.facebook.com/pages/mjl-ws-lbld/307489058093?ref=ts 


أصدقائي الأعزاء

دا لينك مقالي النهارده الأربعاء 3 مارس 2010 بمجلة وسط البلد الإلكترونية ، هو في الحقيقة خاطرة مش مقال ، ومعلش هتلاقوها خاطرة " لاسعة " شويه النهارده ويمكن دي أول مرة أكتب حاجه لاسعه كده في حين إني معوداكم على المقالات الرصينة .. دا رصين برضه في معناه بس مكتوب بطريقة ساخرة جديدة شويه عليا .. مستنيه رأيكم

المقال بعنوان

أيوه كده يا وديع : الشاجب للذئاب !

ودا لينك المقال يا أصدقائي


http://www.wostelbalad.com/index.php?option=com_content&view=article&id=685:2010-03-02-20-20-50&catid=43:2009-03-19-20-29-50&Itemid=69



 

المقال كاملاً






عندك إيه النهارده يا وديع ؟
هكذا تحدث تهامي باشا وهو يتثاءب متململاً
قصة صاروخ طحن يا باشا .. قصة قصة .. النهارده باقدم لك : الشاجب للذئاب
الشاجب للذئاب ؟ .. يعني إيه بقى " الشاجب للذئاب " ؟
استنى يا باشا لحد ما تسمع القصة من صاحبها الأصلي .. المؤلف العبقري
أما نشوف مجايبك السودا يا وديع
اتفضل يا فنان
يدخل الحجرة رجل منحني الظهر وكأنه يحمل آلام السنين ودموع السحاب وهموم القمر ورؤوس الجبال فوق ظهره هذا .. وروحه القلقة تكاد تقفز من شبـّاك عينيه
إيه يا سيدي حكاية " الشاجب للذئاب " ؟
دي قصة حياتي .. رحلتي الفكرية
رحلة إيه ياخويا ؟
رحلتي الفكرية .. ومن فضلك اسمعني للآخر وخليني أتكلم باللغة العربية .. لغتــُنا الجميلة
انت جايب لي مذيع من الراديو يا وديع ؟ .. ( تعلو ضحكات ساخرة ) .. اتفضل يا سيدي اتكلم وخلصنا في نهارنا اللي مش فايت ده
كنت أعيش أنا وقومي في سفح ذلك الجبل بين أحضان الوادي الفاردة ذراعيها لنا بكل الحب والخير والخضرة الدائمة والظلال الوارفة .. كنا إذا أردنا أن نرسل رسالة لقوم مجاورين يأتينا الحمام الزاجل طوعاً راضياً مشرق البياض .. وكنا إذا اشتهينا لحم الظباء تأتينا هذه الظباء مبتسمة قائلة بعينيها في وداعة كلوني فأنا صديقتكم .. كنا ننحدر من سلالة ذات صلة بعيدة بسلالة الهنود الحمر .. لهذا أًصف نفسي بالشاجب للذئاب مشياً على عرفهم
اللهم طولك يا روح .. وبعدين
في يوم من الأيام .. أقبلت من جهة مجهولة قبيلة أخرى يبدو أنهم كانوا تائهين في الأرض .. كان يبدو عليهم الإرهاق وشعث الشعر ووعثاء الطريق .. قالوا إنهم أقاربنا من بعيد وفي منزلة أولاد عمنا ..  أشفق بعضنا عليهم فأعطوهم كسرات من الخبز وأكواباً من الماء وسمحوا لهم بالبيات ليلتهم تلك في أطراف الوادي .. قلقت بعض الشيء وقلت لقومي ألا ينبغي أن نطلع على هوياتهم أولاً ؟ .. ضحك قومي وقالوا لا داعي لهذا ولا تجعل من الحبة قبة
وبعدين ؟ ( يتثاءب )
وفي اليوم التالي .. وجدناهم قد وزعوا أنفسهم وانتشروا في وادينا .. لم نرتح لذلك ولكننا قلنا : لا بأس إذا كان هذا وضعاً مؤقتاً .. ولكنه لم يكن كذلك .. ووجدنا أنفسنا في غضون فترة قصيرة قد تبادلنا الأوضاع والأماكن فصرنا نحن في مساحة ضيقة في الوادي وصاروا هم في كل الوادي .. وفي صباح ما .. استيقظنا فوجدنا الذئاب تستوطن الوادي كله .. لم نعرف من أي مكان أتت كل هذه الذئاب .. ولكننا حين حدقنا في ملامحها اكتشفنا أنهم هم أنفسهم هؤلاء القوم الذين استوطنوا وادينا بالأمس ولكن ملامحهم تغيرت قليلاً .. تضايقنا وتململنا وهمهمنا .. إلى أن أتتني الشجاعة فوقفت أخطب في قومي وشجبت ما يحدث
والله ؟ .. شجبت ؟ .. آااه
للأسف لم تحتمل أعصاب هؤلاء الذئاب شجبي .. فهجموا علينا وعضونا في مواضع كثيرة من أجسادنا .. عضونا وعضونا وآلمونا .. وكدنا نشجب مرة أخري إلا أن أحدنا قام يخطب فينا مذكراً إيانا بأننا ينبغي أن ندير لهم خدنا الأيسر ليلطموه بعد خدنا الأيمن لأننا راقون وأخلاقنا عالية .. اقتنعنا فأدرنا لهم خدودنا فأعملوا فيها ضرباً ولطماً
الدمعة هتفر من عيني يابني ( يضحك ) .. هاه وبعدين ؟
تكرر العض والضرب واللطم .. فأدركنا أن طريقة الخد الأيسر لن تنفع في هذه الحالة .. ثم عرف أحدنا أن بعض الأسود والنمور تمر بالقرب من الوادي .. أرسلنا إليها وفداً منا يدعوها لتحكم بيننا وبين هؤلاء الذئاب .. جاءت النمور والأسود وبحثت الأمر وبعد تفكير طويل ومباحثات ومشاورات قررت أننا نحن المذنبون .. شككنا في أنفسنا لوهلة صغيرة وقلنا يمكن .. ولكننا عدنا وفكرنا فوجدنا أن النمور والأسود مغرضة ولابد أن الذئاب قد أغرتها بقطعة من اللحم .. وقلنا لابد أن هذا التحالف المغرض مؤقت وسرعان ما سيأكل بعضهم بعضاً كما قال سوسو ولولو وتوتو في ميكي بأن الذئاب ومن على شاكلتهم دوماً يأكل بعضهم بعضاً .. ولكن قاعدة سوسو ولولو وتوتو لم تنطبق هذه المرة وعاش الذئاب والنمور والأسود في وئام كالحمام الأبيض الوديع – يا وديع - لفترات طويلة جداً
هاه ؟ .. وماذا فعلتم ؟ .. بالطبع لم تفعلوا شيئاً ؟
لاااااااااا .. بل شجبنا وشجبنا
اسم الله عليكم .. وبعدين ؟
ظللنا نجتر آلامنا ونجترها .. وفي تلك الأثناء كان قومي قد تفرقوا في الوادي كقطع الشطرنج حين تتناثر من علبتها .. تحول بعضهم إلى أشباح وبعضهم إلى هياكل عظمية وبعضهم إلى ملائكة وبعضهم إلى شياطين .. لكنهم لم يعودوا كما كانوا أبداً .. حاول بعضهم التجمع في قوة موحدة لطرد الذئاب وحدثت عدة مواقف متناقضة نتيجة لذلك .. مناورات ومناورات .. مرة ينهزمون وينادي مناد ٍ بأنهم انتصروا وتزغرد النساء ثم نرى دماء قتلانا فنعرف أن المنادي كاذب .. ومرة ينتصرون ولكنهم لا ينتهزون الفرصة بالكامل فتتسلل الذئاب شيئاً فشيئاً ويعود الحال تقريباً لما كان عليه .. ولكننا لم نكن ساكتين طوال هذه المناورات والمناوشات بل كنا نشجب ونشجب
طبعاً طبعاً
ولكننا هذه الأيام منزعجون بالفعل .. فلم يكف الذئاب أنهم استولوا على الأراضي الخضراء والينابيع الحلوة والبيوت الشامخة في الوادي بل وكادوا يستولون على التاريخ الذي تتسلل رائحته بين ذرات التراب وجعلونا نختبيء في كهوف بعيدة نام فيها بعضنا نوماً عميقاً بعد أن صادق الدببة النائمة في هذه الكهوف .. لم يكفهم كل ذلك فهم يريدون الآن أن يستولوا على صوامع العبادة الخاصة بنا .. وهذا غير مقبول بالفعل لأنها مقدسة
أخيراً فقتم وعرفتم إن فيه حاجه مقدسة .. ومش دم الناس اللي ماتت منكم برضه مقدس ؟ .. المهم .. هتعملوا إيه ؟ ( متثائباً )
لقد فعلنا بالفعل
شجبتم .. انتو فاكرين انكو كده بتعملوا حاجه بجد ؟
لقد .. لقد اكتشفت فعلاً أن الشجب غير ذي قيمة كبرى .. وتوصلت من هذا الاستنتاج إلى دراسة لغوية عميقة عن الفرق بين " الشجب " و" المشجب "
وإيه المشجب دا يا خويا إن شاء الله ؟
يعني الشماعة .. واكتشفت أن المشجب له فائدة .. أما الشجب فلا فائدة له للأسف
المهم .. وبعدين ؟ .. هتعملوا إيه بجد ؟
الحقيقة .. ل .. لا أعرف .. لقد استنفدت للأسف كل وسائل الشجب .. عموماً سأختبيء في أحد الكهوف التي اختبأ فيها بعض أقاربي من قبل
طيب ولو طالت فترة الاختباء دي هتاكل وتشرب منين ؟
حتى لو مت فسيطاردهم شبحي بعد أن أموت
والله ؟ .. ما كنتش أعرف إن شبحك قوي كده
أنا قوي وروحي قوية وسيكون شبحي بعد أن أموت قوياً .. أنا .. آه .. أحتاج لأن أستريح قليلاً

يرتكن الرجل إلى كرسي ويجلس عليه متعباً منهكاً متهالكاً .. ويغمض عينيه فيما يشبه الغيبوبة أو النوم الطويل

إيه يا وديع انت هتجيب لنا مصيبة والا إيه ؟ .. الراجل دا مات والا إيه يا وديع ؟
يفحصه وديع فيكتشف أن به نبضاً ضعيفاً .. ويكتشف أيضاً به جرحاً عميقاً تسيل دماؤه
لأ مفيش مصايب إن شاء الله يا تهامي باشا .. هو عايش بس عنده جرح كده
عنده جرح كده .. مممم .. باقولك إيه يا وديع سيبك من الذئاب والكلاب والقطط والكلام الفاضي ده والفيلم الهندي الطويل اللي صدع لنا به دماغنا النهارده .. الغي الفيلم دا يا وديع أنا عندي فكرة فيلم أحلى .. عنده جرح .. يعني عنده " واوا " .. إيه رأيك في .. " بوس الواوا " ؟
أستااااااااااااااااااذ


                                        بقلم : لمياء مختار



أصدقائي الأعزاء

النهارده الجمعة 19 مارس 2010  أنا كاتبه مقالين في مجلة وسط البلد الإلكترونية ، يا رب يعجبوكم ، الاتنين مختلفين عن بعضهم تماماً ، الأول استكمال للمقال الغريب اللي أنا كتبته المرة اللي فاتت بعنوان أيوه كده يا وديع لأني لقيت عليه تعليقات كتير منكم وكان عاجبكم فقلت أجرب أعمل جزء تاني يكون فيه نقد اجتماعي لسلبيات المجتمع ، عايزه رأيكم بصراحة هل أكمل وأعمل سلسلة على نفس المنوال كده وبنفس العنوان على أجزاء بحيث تبقى فيها نقد اجتماعي والا أكتب حاجات تانيه ؟ .. مستنيه رأيكم

والموضوع التاني اللي أنا كاتباه في مجلة وسط البلد قصيدة شعر قديمة ليا كنت كاتباها من كذا سنة وأحب أعرف رأيكم فيها وفي الشعر اللي أنا باكتبه ، عشان ما تنسوش لمياء الأديبة لحسن تفتكروا إن كل مقالاتي أيوه كده يا وديع بس
:)))


دي لينكات الموضوعين يا أصدقائي ومستنيه رأيكم




أيوه كده يا وديع 2 : خليها هندي أحسن !

http://www.facebook.com/l/8f437;www.wostelbalad.com/index.php?option=com_content&view=article&id=706:2010-03-17-09-17-47&catid=44:2009-03-19-20-30-36&Itemid=70


المقال كاملاً




- عندك إيه النهارده يا وديع ؟ ..
هكذا تحدث تهامي باشا وهو يتثاءب متململاً
- النهارده يا باشا مش عندنا أي حد .. عندنا عبقري .. مؤلف فيلم : الصيني لأ البلدي أحق .. اتفضل يا أستاذ ..
- صيني إيه ونرويجي إيه بس يا وديع ؟ .. يخرب بيت كده " محدثاً نفسه " ..
يدخل الحجرة رجل أنيق تبدو عليه مظاهر الكبرياء ويدخن سيجاراً ضخماً .. يتأمل الرجل الغرفة ثم ينظر إلى تهامي باشا بشيء من الامتعاض ..
- حضرتك الأستاذ تهامي ؟ ..
يتأمله تهامي بتفحص ثم يقول وقد تخلى عن لهجة السخرية التي تصاحبه دائماً لأن الرجل منظره فخم فعلاً :
- بيقولوا إنه أنا ..
- من حظكم إنكم اتصلتم بيا قبل ما أروح لشركة إنتاج تانيه .. فيه حوالي 3 - شركات إنتاج غيركم مكلميني ..
- شركات صيني والا بلدي ؟ ..
يضحك وديع مجاملاً لتهامي وقائلاً :
- حلوة يا باشا ..
- ما قلتليش يا أستاذ .. إيه قصة الفيلم اللي عندك ؟ ..
- قصة وطنية صميمة بلدنا محتاجه لها دلوقتي .. عن مخترع مصري عبقري .. بيخترع آلة بتصنع العيش .. يعني المواطن يحط فيها القمح يطلع له رغيف من الناحية التانية .. بدل طوابير العيش اللي بيقف فيها العامة والدهماء ..
- دهماء ؟ .. طب اشرب العصير .. دا عصير والا " ده ماء " يا وديع ؟ ..
- حلوة .. حلوة يا باشا ..
ينظر إليهما الضيف بامتعاض ممزوج بشيء من الاشمئزاز ثم يواصل شرح قصته قائلاً :
- وبعدين المخترع ده هيسافر الصين يعرض اختراعه في مؤتمر علمي .. وهناك هيعرضوا عليه يبيع لهم الاختراع ده بعد ما يعمل تعديلات عليه تخليه يتحط له حبوب رز يقوم يطلع طبق رز جاهز من الناحية التانيه لأن هم بيحبوا الرز مش العيش هناك .. لكن هو هيرفض لأنه عايز الاختراع ده لمصر بس .. وهتطارده عصابة تحاول تخطف الاختراع ده منه ..
يتثاءب تهامي باشا قائلاً :
- وبعدين ؟ ..
- هيقابل واحد مصري يساعده ويرجعه تاني مصر .. وهناك هيعرض مشروعه على الهيئات العلمية .. وبعد أبحاث لمدة 10 سنين هيترفض المشروع ..
- ليه بقى إن شاء الله ؟ ..
- لأن ميزانية تنفيذه هتطلع 100 ألف جنيه ونص في حين إن الميزانية المسموح بها 100 ألف جنيه بس .. هيروح المخترع بطلنا يستلف المبلغ من صديقه القديم رجل الأعمال .. بس صديقه ده هيعتذر له بذوق عشان هو راعي حفلة المطربة ريري وصرف على إعداد الحفلة دي 5 مليون جنيه فمش معقول بعد المصاريف دي كلها هيدفع 100 ألف جنيه ونص ، قام صاحبنا لجأ لصديقه الصحفي اللي بيكتب في الباب العلمي في جريدة مرموقة فاعتذر له بذوق هو التاني لأنهم لغوا الصفحة بتاعته عملوا نصها إعلانات ونصها أخبار فنية .. ولما سأله أمال انت بتشتغل إيه دلوقتي ؟ .. قال له ما انا برضه مشرف ع الصفحة بعد ما بقت نصها أخبار فنية .. عن إذنك بقى عشان عندي حوار مع المطربة ريري عشان حفلتها الجديدة .. تعرف ؟ .. راعي الحفلة دي هو رجل الأعمال مشمش اللي كان صاحبنا قبل كده .. ما تروح له يمكن يمول مشروعك ؟ .. طبعاً صاحبنا هيسمع كده وهيهز راسه بحسرة ويمشي ..
- وطبعاً الراجل ده هيروح العباسية بعد كده ؟ ..
- لأ .. هو عنده إرادة قوية .. هيقرر ينفذ المشروع بإمكانياته الشخصية بمساعدة مجموعة من الزملاء الباحثين وبتكلفة أقل باستخدام بدائل من معادن تانيه وبقطع غيار أقل وأرخص .. وبعد بحث طويل بيكتشفوا إن البدائل دي موجودة في الصين .. فبيسافروا عشان يشتروها وبعدين بتطلع لهم العصابة تاني ..
- آآآه .. دي حدوتة بقى ..
- لأ مش حدوتة ولا حاجه دي قربت تخلص .. هو هيقدر يتغلب ع العصابة لوحده .. وهيرجع مصر والكل هيحتفوا به جامد وهيتحول لبطل قومي .. بس للأسف : ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع ..
- دا إيه دا ؟ .. مين ؟ .. حسن الهلالي بيتكلم ؟ ..
يكمل الرجل حديثه قائلاً :
- للأسف حد هينخرب ورا الراجل ده وهيكتشف إنه كان داخل المدرسة بدري وهو سنه خمس سنين ونص مش ست سنين .. وبما إن ما بني على باطل فهو باطل فهم هيلغوا كل شهاداته العلمية .. وآخر مشهد بقى هيطلع واقف قدام مراكز الأبحاث العلمية ورافع يافطة كبيرة مكتوب عليها : ليييييييييه ؟ ..
- آآآه ..
يتثاءب تهامي باشا ويهمس إلى وديع قائلاً :
- باقولك إيه يا وديع .. دا سيناريو تايواني أصلاً لا صيني ولا بلدي .. مشـّي البيه الحلو ده بس بالذوق كده واوهمه إنك هتشتري الفيلم دا منه .. أصله باين عليه بيه كده وممكن نحتاجه في شغلنا بعدين مش عايزين نزعله .. وتعال لي أقولك هنعمل إيه ..
يعود وديع بعد قليل وقد صرف الرجل فيلقاه تهامي باشا قائلاً وهو يبدو في وضع التفكير العميق :
- بص يا وديع بلا صيني بلا سنسكريتي .. احنا هنقلبها هندي .. المخترع ده هيقابل العصابة في الصين وهيطلع زعيم العصابة أخوه .. هيفرحوا ببعض وعنيهم هتدمع لما يكتشفوا إن أمهم هي شلبية اللي كانت بتبيع مخدرات زمان قبل ما تتوب .. وهيتحد الأخين دول ويعملوا بيزنس سوا في الصين وهتكبر العصابة قوي ويبقى لها فروع في كل بلد .. ويرجعوا الاخوات على مصر ويلاقوا أمهم شلبية بتبيع فجل في الحارة وطبعاً هينتشلوها من الضياع اللي هي فيه وهيشوفوا أهل حارتهم برضه ينغنغوهم .. يعني هيهيصوا الحارة في الصنف اللي بالي بالك بقى حشيش على بانجو على كله بقى انت فاهمني .. ومفيش مانع من شوية مزز كده في الفيلم يعملوا جو وخصوصاً مدام رشا .. فاهمني يا وديع ؟ ..
- أستاااااااااذ ..



                                        بقلم : لمياء مختار


 
قصيدة : مذكرات فنان

شعر : لمياء مختار



http://www.facebook.com/l/8f437;www.wostelbalad.com/index.php?option=com_content&view=article&id=704:2010-03-17-09-09-08&catid=50:2009-03-19-20-42-26&Itemid=76








كم هي عبث ٌ أعمالي ..
كم هي زَبـَد ٌ آمالي ..
روحي تمتلك جناحين ِ ..
نسـْـجـُهما من قرص الشمس ِ ..
لكنّ الموج يحاصرني ..
يسكب ظلمات ٍ في عيني ..
ويذيبهما في قطراته ْ ..
وإذا نبت لي غيرهما ..
يبتلعهما ..
ويعود القلب لزفراته ْ ..
ويعود الصدر لنفثاته ْ ..
ويعود الحال كما بالأمس ِ ..
* * *
تقول صبية ٌ بضفيرتين عني :
إنني فنان ْ ..
لكنني أرتاب ْ ..
إذ كيف يعاقب بالنسيان ْ ..
من قدم آيات الحسن ِ ..
وتـُغـَلــَّـق ُ دوني الأبواب ْ ..
وتـُـكـَـدَّس ُ أستارُ تراب ْ ..
فوق تماثيلي في الدكان ْ ..
يُثقل سمعي وقع الخطوات ..
تذهب وتجيء بلا وقفة ..
قد تتبعها بعض اللفتات ..
بعيون ٍ طائرة ٍ حيري ..
ووراء زجاج ٍ كضباب ْ ..
تتوافد أشباح ٌ تـتـْـري ..
لكن لا تلمع أعينهم ..
أبداً ببريق الإعجاب ..
ما أنصفني إلا الطفلة ..
أعجبها نحت ٌ لصبي ٍ ..
في الغابة يعزف بالمزمار ْ ..
من تحت الرمش المتثني ..
تبرق عيناها كشقي ٍ ..
تدنو مني ..
يتدفق من وردة فمها ..
عطر الأزهار ْ ..
حين تغني ..
وتدور وفي يدها التمثال ..
أيُّ خيال ..
قد أيقظ روحاً تتبلور ..
في ليلة عيد ..
ولعلكِ يا بنتي خـِلت ِ ..
أن النحت دمية ُ سُـكـّر ْ ..
وأظنك ِ إذ أنت ِ كبرت ِ ..
قد تبتعدين ..
وبعذب القول علي كهل ٍ ..
سوف تضنين ..
كهل ٍ مثلي ..
ما سامره وقت َ الليل ِ ..
إلا التنهيد ..
* * *
أنصفني يوماً آخر طفل ٌ ..
يطفو بؤبؤه المتلون ..
ألواناً زرقاءَ رمادية ..
فوق بحيرات ٍ سحرية ..
من دمع العين ..
ويقول أنا حزن كـُوِّن ْ ..
من زَبـَد بحار ٍ همجية ..
تتعلق عيناه بصورة ..
لامرأة ٍ في نصف العمر ِ ..
ما تلك المقلة بخبيرة ..
لكن َّ بأوتار القلب ِ ..
روحاً تدفعه للسير ِ ..
في وجهة قطرات الحب ِ ..
تتدفق من عين المرأة ..
يلصق طفلي دوماً أنفـَه ْ ..
في كل مساء ْ ..
بزجاج ٍ واللوحة خلفـَه ْ ..
ترتعش ملامحه الشقراء ْ ..
يحمل كل مساء ٍ عبئـَه ْ ..
كان الطفل يتيم الأم ِ ..
أدرك ما فيه من ألم ِ ..
دوماً أتمني أن أمسح ..
من فوق الشعر المتناثر ْ ..
لكن الفرصة لا تسنح ْ ..
فسريعاً ما سوف يغادر ْ ..
من غير كلام ٍ أو سر ِّ ..
إلا نظرات ٍ بالعين ِ ..
لا تعدلها قصص الدهر ِ ..
من رفق ٍ لا يغمض جفني ..
إلا مع نسمات الفجر ِ ..
وضياء أذان ..
يغشي الدكان ..
* * *
من أعجب لفتات الزمن ِ ..
عند القـَدَر ِ ..
أن تسقط قطرات الطل ِّ ..
من فوق الوردات الذبـْـلي َ ..
تتحدر كدموع الرجل ِ ..
فوق جبين ٍ قاس ٍ خشن ٍ ..
أصبح من حزن ٍ لا يَبلـَي ..
مثل الصخر ِ ..
فأنا الليلة مثل الطائر ْ ..
قد رقص بقدم ٍ واحدة ٍ ..
قد نثر حبوباً وبشائر ْ ..
في موجة سحب ٍ صاعدة ٍ ..
إذ أني اليوم بدكاني ..
قد داعب نومٌ أجفاني ..
فرأيت التمثال الأسمر ْ ..
يمسح دمعات ٍ تتحدر ْ ..
من فوق جفوني المرخاة ..
ورأيت يد المرأة تدنو ..
تمسح قطرات ٍ من عرقي ..
وترتب لوحات الورق ِ ..
قد بدت اللوحة والفرشاة ..
نجيمات ٍ .. تلمع ُ .. تعلو ..
تاجاً برؤوس المنحوتات ..
قد قالت لي كل اللوحات ..
إنا نبضات ..
تقفز من وتر ٍ للروح ..
كشهاب ٍ قد قرر قدرَه ْ ..
وأفاق وقد ضيّع عمرَه ْ ..
من غير جنون ٍ وجموح ْ ..
من غير خلود ٍ للحظات ..
قفزت ببحيرة ألحان ..
فاهتز لها كل الشجر ..
واتسعت منها العينان ..
ومضي يرشف منها القمر ..
ويضيف لها بعض الألماس ..
من نظراته ْ ..
كي يسكب منها في عينيك ..
بريقاً ..
قد ذاب الصخر بلمحاته ْ ..
فتـَحـُول الصخرة بين يديك ..
عذاباً حلواً مسروقاً ..
من نار النفس المضطرمة ..
من بين خمود نفوس الناس ..
يا مبدعنا ..
إنا نبضات ٌ للخلد ِ ..
للفن ِ ترانا مخلوقات ْ ..
هل تــُبدل بخلود العهد ِ ..
بضع نقود ٍ وريالات ْ ؟ ..

شعر : لمياء مختار

* * *




ومتشكرة لكم قوي يا أصدقائي .. كل شكري وتقديري لكم وأطيب أمنياتي



ودا يا أصدقائي لينك مقالي الجديد بمجلة وسط البلد الإلكترونية بتاريخ الثلاثاء 6 أبريل 2010



المقال بعنوان :

العلاقة بين شكسبير والعجة !





كان طعامنا أنا وأبي على الإفطار شهياً بالأمس .. طبق " عجة معجوجة " كما يقول فريد الأطرش أو في قول آخر قسمة مقسومة .. ما علينا .. كان كل شيء في الطبق ينطق بأنه عجة ما عدا شيئاً واحداً : شكل العجة .. فقد كان أقرب لشكل البيض بالبسطرمة بمعنى أنه " عجة مفتتة " مثل التونة المفتتة .. فقد تفتت مني وأنا أطهوها ولم يعد لها قوام القرص المستدير الشهي بشكله قبل أن يكون شهياً بطعمه .. لكنها كانت شهية بطعمها فقد كان طعم عجة جميلة ولكن ليس شكلها ، تراجع أبي عن تناولها قائلاً : دي مش عجة ، فقلت له بهدوء : بالعكس يا بابا إنها عجة جميلة في جوهرها وكينونتها ولكن شكلها فقط هو المختلف .. ألم يقل شكسبير في روميو وجولييت : ماذا يضير الوردة لو سميت باسم آخر .. فهي في حقيقتها وردة تفوح عطراً مهما أطلق عليها من أسماء مختلفة ، إذن لو أسمينا الوردة فجلة فستبقى كما هي وردة ، وكذلك طبق العجة هذا هو في حقيقته عجة مهما كان شكله بيضاً بالبسطرمة فهو في حقيقته عجة ..

ابتسم بابا وقال يا سلام ع الفلسفة ، وسرحت أنا في شيء آخر .. ففي عصرنا هذا مع الفضائيات والميديا صار الأمر على عكس كلام شكسبير .. فإذا سمينا الوردة فجلة وألححنا على الناس كل يوم بأنها فجلة فسيرسخ في أذهانهم بالفعل أنها فجلة ، وبالعكس إذا سمينا الفجلة وردة فمع الإلحاح الشديد والزن المستمر فسيراها الناس وردة بيضاء متفتحة تضاهي لوحات فان خوخ وسيزان وجوجان وتنافس وردة محمد عبد الوهاب البيضاء التي كان يغني لها منذ ثمانين عاماً أو يزيد .. فالجميع يأخذون ألقاباً أكبر من حجمهم بكثير فهذه هي المطربة ملكة جمال المشرق والمغرب وهذا هو مطرب الشباب الذي لم يأت مثله من قبل ، وهذا هو المفكر الإسلامي الذي يحل كل شيء " بمعني أنه يقول على كل شيء أنه حلال حلال " ، وهذا هو الخبير العالمي وهذه هي خالتي ستيتة المفكرة العالمية التي تقرأ البخت وتحلل الأبراج ، وهذا هو الفنان المبدع الذي أفنى زهرة شبابه وهو يحصل على أجر 5 مليون فقط في الفيلم وهو بهذا يعلم الأجيال درساً في القناعة وأن المال لايهم وإنما الفن لأن حقه هو 50 مليون في الفيلم وليس 5 فقط ولكنه تنازل لأجل الفن والفن وحده .. وكله ماشي وسائح في بعضه لأنه لا أحد يفهم شيئاً من الأصل والناس نوعان إما ناقد خبير يكتم الحق ويمشي مع الموجة وإما غير متخصص ساذج يصدق كل ما يقال .. ويظن أن هذه الألقاب حقيقية وبالتالي تصبح الوردة فجلة والفجلة وردة ..

وبهذه الفكرة تطرد العملة الرديئة العملة الجيدة دائماً .. أليس هذا ما يحدث ؟ .. راحت عليك خلاص يا شكسبير ..

بقلم : لمياء مختار