Monday, March 07, 2011

محمد شمروخ : صرخة مبدع ، ما أكثر صرخات المبدعين في أوساطنا الثقافية والصحفية


أصدقائي الأعزاء

هذه لحظات ضدق وصراحة مع النفس ومع الآخرين .. نبوح فيها بأوضاع ثقافية أدبية وصحفية كانت تؤرقنا وسلبتنا حقوقنا لفترة طويلة وكنا نصمت لأننا كنا نرى طبقات الفساد قد تراكمت كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ، ما أكتبه اليوم هو نوع من الإفضاء بمكنون النفس أو " الفضفضة " كلفظ أسهل ، لقد كتبت هذه " الفضفضة " من قبل في أحد مقالاتي بمجلة " وسط البلد " الإلكترونية ، وهأنذا أعيد هذه الفضفضة اليوم وأضيف عليها من تجاربي وتجارب غيري من المبدعين ما حاولنا تذكره جميعاً كنوع من تداعي الأفكار نرسله كإشارة حمراء نود أن نراقب بها أداء المؤسسات الثقافية والصحفية في الفترة المقبلة لكيلا يتكرر الركود والأوضاع الثقافية الظالمة التي كانت تحدث للكثيرين بل للجميع تقريباً ..

ما أصعب أن يصرخ مبدع مطالباً بمكانته التي يستحقها في المجتمع وأن يشعر بالظلم والغبن وبأن إبداعه الذي يجيء من عصارة روحه يذهب هباء تذروه الرياح حين لا يجد من يقدره .. لا أعني التقدير المادي وإنما المعنوي الذي هو هدف المبدع أو الفنان في المقام الأول وهو الذي يدفعه لإبداع المزيد ويذكي فيه شرارة الإبداع تلك ، أصدقائي .. حين اختليت بنفسي في لحظة صدق حقيقية ، فكرت فيما عساه يكون قد جذبني بشدة إلى قصة حياة العبقري المظلوم موتسارت لأعيد كتابتها برؤيتي الخاصة في مسرحيتي السابقة .. فكرت فوجدت أن كتابتي عن موتسارت كانت رثاء للذات أكثر من كونها رثاء لموتسارت .. عبر ذلك الشعور الغامض القوي الحزين بأني وغيري من المبدعين في مصر الحبيبة " هذا البلد الجميل والقاسي في آن واحد " - كما وصفت فيينا في مسرحيتي - سيؤول مصيرنا جميعاً إلى النسيان والضياع فيه طالما يسيطر حفنة من عديمي المواهب والضمائر على مقدراته في جميع المجالات والقطاعات ، واكتشفت أني ما كتبت مسرحيتي إلا كصرخة تقول من طرف خفي : أعطونا فرصة لنعيش ولا تقتلوا موهبتنا وتضيعونا كما ضيع المجتمع موتسارت في عصره ، وكأن تلك المسرحية كانت مكتوبة بالكامل من أجل جملة واحدة بها : تلك الجملة التي تقول : " قل لي يا أبي ماذا كان علينا أن نفعل أكثر مما فعلنا لننال ما يليق بنا من مكانة ؟ " ، وأظن أن هذا كان لسان حالنا جميعاً في النظام السابق ..

أظن أنه قد آن الأوان ليتراجع كهنة الأدب والصحافة مفسحين الطريق للمواهب الحقيقية .. للزهور التي تود أن تستقبل شعاع الشمس ولكنهم يصدون عنها الماء والهواء ، حكى لي الروائي المبدع والصحفي المجتهد بالأهرام الأستاذ محمد شمروخ عن معاناته في عالم الأدب ، وهأنذا انقل إليكم تجربته هو أولاً وبعدها أسطر تجربتي أنا أيضاً .. وعلى كل من ذاق الأمرين في أثناء تعامله مع المؤسسات الثقافية والصحفية أن يحكي ويرد أيضاً في هذه النوت .. ألم أقل لكم من البداية إنها " فضفضة " ؟ .. فضفضة نرجو أن تكون بناءة لا مجرد فضفضة في الهواء ..

فيما يلي يا أصدقائي " فضفضة " الزميل الأديب والصحفي محمد شمروخ التي أرسلها لي وأنا أشكره على هذه الثقة .. وهأنذا أنقلها إليكم نقلاً أميناً ، يقول الأستاذ الروائي والصحفي محمد شمروخ في رسالته :
حكاية قديمة مع الصاوي وساقيته عن إلغاء ندوة رواية المؤتمر

‏محمد شمروخ‏ February 23 at 10:42am

لا أظن أن أى جريدة من جرائد مصر يمكن أن تنشر هذا المقال لا لسبب سوى أنها بالقطع سوف تتسبب في غضب ساقية الصاوي تلك التي تسقي فكراً وثقافة كما هو شعارها ، ومن أولها أقول لكم إن كلامي لن يكون محايداً لأن لي " تار بايت " مع الساقية من يوم ما أساؤوا الأدب معي بسبب مناقشة رواية المؤتمر واعتبروا أني يمكن أكون صحفياً " نص كم " لا هو يكتب مقالاً ثابتاً في أي جريدة يومية ولا أسبوعية ولا يقدم برنامجاً فضائياً ولا أرضياً ولا حتى من زباين التوك شو ولا من الصحفيين المخبرين المقطوعين للساقية والذين تحسب لهم ألف حساب ولا أخيراً ضمن شلة على صلة ما بالساقية ، المهم أنني في البداية كنت أحترم ذلك المكان وترددت عليه غير مرة تلبية لدعوة بعض الأصدقاء المساهمين في نشاطها ، وحدث أنني ذهبت قبل الموعد المحدد للندوة حسب كلامهم لاستلام الدعوات التي سأوزعها على من هم مزمع حضورهم أو كما قالت الموظفة على التليفون... الإنفتيشنز ... وكانت هذه الكلمة هي أول صدمة لي لأني أرى أن استخدام كلمات إنجليزية في موضع كلمات عربية هو عين النقص الثقافى والاجتماعي وتعبير عن زيف متعمد ، ومن واقع خبرتي الطويلة في الحوادث والقضايا كنت أعرف أن أحرص الناس على ذلك هم من لم يكملوا تعليمهم من الأساس أو المرضي الاجتماعيون ، ولكني عندما توجهت لاستلام الإنفيتيشنز فوجئت بأن نسبة كبيرة من الرواد والعاملين في الساقية هم من طائفة الإنفتيشنز .. وكان نفسي أصرخ بأعلي صوت يا عالم يابشر كلموني عربي لكن وجدت العملية كلها إنفتيشنز في إنفيتشنز ..

والمهم خرجت وقفايا يقمر عيش شمسي من بتاع بلدنا لأني اكتشفت أني واد صحفي بيئة خاصة عندما سألت واحد ماشاء الله طول وعرض وكان سؤالي عادياً جدا : هو فين الآنسة فلانه بتاعة الانفتيشنز؟ ، فإذا به ينظر لي من فوق لتحت بمنتهي الاحتقار ولا يرد وفقط أشار بشفته السفلى ناحية باب مغلق فتجرأت وفتحته فوجدت واحدة لابسة على ما أذكر بنطلون جينز وبدي ونظرت نحوي نظرة ازدراء عندما سألتها إن كانت هي موظفة الانفتيشنز فأجابت بطرف أنفها وفهمت أن لا ، وبدا عليها ضيق من قيامي بفتح الباب بطريقة يبدو أنها رأتها همجية ولكني تعودت منذ أيام الحوادث على رؤية مثل هذه النوعيات التى تعيش في الدور وتصدق نفسها حتي الاختناق ، وبعدها يا سيدي عدت لغرفة تانية وأنا أردد يقطع الانفتيشنز وسنينها السودة فإذا بالأخ العملاق المشار إليه آنفاً يعترض طريقي هذه المرة وينذرني بسبابته أن الوقوف هنا ممنوع فنظرت إليه فوجدته قد أخفى البادج المعلق في رقبته تحت قميصه تماما مثل بلطجية المواقف المعينين من المحافظة فآثرت السلامة وانسحبت من المكان الممنوع الوقوف فيه وأنا أتساءل في - سري طبعاً - عن سبب منع الوقوف ولكن نشطت لدي غريزة البحث عن الجريمة إذ أن الأمور تبدو غريبة من بدايتها فارسلت طرف بصري متفحصاً المكان فوجدتني كنت غافلاً عن أن قدمي الشقيتين قادتاني وأنا اتحدث في المحمول إلي مكان يبدو أنه لا يجوز الدخول إليه في الساقية ولأني أزعم أنني مضطلع على أسرار كثير من المنتديات الثقافية فى أماكن كثيرة فلم استغرب الأوضاع وانسحبت بسرعة لأنني لابد كواحد من المثقفين أو مدعي الثقافة ألا أعترض ولو في نفسي ونحن هنا في مكان وزمان الإنفتيشنز ، وبعدها رحت أبحث عن حد كبير حتي أصل إلى الإنفتيشنز ولكن لم أعثر على أي رجل وعرفت أن صاحب الساقية لا يحضر إليها ولا يكاد يراه فيها أحد في مثل هذا التوقيت تقريباً ولكنهم كانوا يتحدثون عن الدكتور ، ومن هو الدكتور يا ترى ؟ .. لا أظن أنه صاحب الساقية لأنهم صرحوا بأنه لم ولن يأتي ، فقلت في عقل بالي ماشى وماذا يعني وطلبت مقابلة الدكتور لحل مشكلة الإنفتيشنز وطبعا جوبهت من جانب جينز وبدي تانيين باستغراب شديد لمجرد طلب الدكتور الذي لم يصرح أحد باسمه المقدس وأظن أنه ليس أكثر موظف خول لنفسه سلطات صاحب الساقية مستغلاً غيابه شبه الدائم عن الساقية إلا في حضور ضيوف كبار ، وبما أني لست من هؤلاء الكبار فلم يدلني أحد عن الإنفيتيشنز .. وعليها تم إلغاء الندوة ! .. وأخذت الأمر بروح رياضية واعتذرت لمن أخبرتهم بالموعد الذي كان قد تم تأجيله ٤ مرات من قبل .. وشكرت صديقي الفنان ناصر النوبي الذي كان قد سعى لعمل الندوة في ساقية الصاوي و كذلك الناقد المحترم الوحيد الذي قبل مناقشة رواية بطلها ضابط أمن دولة وهو الدكتور صلاح السروي الذي لم يسعفني الحظ ولا الإنفتيشنز أن أراه ولم يفعل مثلما فعل غيره عندما أغلقوا تليفوناتهم بعد ارسال النسخ لهم ..
وظل الأمر طي الكتمان حتى نشر عنه الصحفي الصديق يسري أبوالقاسم في الدستور ونفت الساقية إلغاء الندوة وقالت إنني لم أحضر متعمداً بدون سبب ونشرت الدستور الرد ورد الرد وهو ما رآه الصديقان أبو العباس محمد وأحمد خالد أفضل ألف مرة من ندوة الساقية التى تصادف أنها كانت في موعد مباراة في بطولة الأمم الإفريقية الماضية يعني ولا حد كان سيسأل في ولا في الندوة ولا في الساقية ولكن يظل السؤال المحير : أين ذهبت الإنفيتيشنز؟ .. هذا ما يمكن أن نجيب عنه في الحلقة القادمة ..

الحلقة التالية بقلم محمد شمروخ ( ملحوظة : الروائي والصحفي الأستاذ محمد شمروخ يتحدث عن روايته " المؤتمر " ) :


والضربة جاءتني كما توقعت وفي الرواية من زميل بالأهرام يتفاخر علناً أنه عميل للأمن وعلى صلة بالساقية وهذا ما لم أستطع كتابته خجلاً من موقف الزميل ،
أما الرواية فقد كانت الأسوأ حظاً في الدعاية من أي رواية أخرى لي أو لغيري بسبب جبن كثير من الناشرين والنقاد وتجنبهم الإشارة إليها لحساسية موضوعها إلى درجة حجبها في معارض الكتاب رغم أنها صدرت عام 2008 ، ولكن توزيع الرواية كان عالياً في الدول العربية خاصة في الخليج لدرجة وصول طلبيات للناشر عنها ، ولكنها عموماً نفدت في وقت قياسي برغم التجاهل المتعمد لها ،  لقد طلب مثقفون عرب في كل الدول العربية تقريباً الرواية ووجدوها بصعوبة بالغة فقد منع توزيعها في دول المغرب العربي لأسباب لم أفهمها حتى الآن .. لقد منعت المغرب وتونس والجزائر توزيعها مع أعمال اخرى في معارض الكتب وأخبرني الناشر أن منعها كان لأسباب تخصه هو وليس لموضوعها ، بينما نفدت كل النسخ لدي بعد أن أرسلت آخر نسخه منها لدي إلى الكويت بعد أن توصل أحد المثقفين هناك إليّ بصعوبة للحصول على الرواية ، وبالمناسبة فقد تحدثت عن الرواية في برنامج عصير الكتب ويمكن مشاهدة الفيديو على يوتيوب ..

أما الآن فأنا أبحث عن ناشر شجاع للطبعة الثانية فلم يعد تحت يدي سوى نسخة واحدة .. تخيلي .. أما الرواية القادمة التي تحدثت عنها في حوار على الإنترنت وهي بعنوان " درجة كثافة الضوء " فالإحباط الذي لقيته بسبب رواية " المؤتمر " جعلني لا أسعى لنشر الرواية الجديدة قبل أن أطبع " المؤتمر " مرة أخرى .. حتى أتغلب على الاحباط ..
والموضوع يا أستاذة ليس متعلقا فقط بالإحباط بل هو متعلق بواقع ثقافي مقبض سيطرت عليه مجموعة من المنتفعين ولا يغرنك ما ترينه وتسمعين عنه من أسماء ، لكن الوضع بالنسبة لي كان لأكثر من وجه ، وهو بالفعل يوحي بالإحباط لكني لو أحبطت لما أصدرت أي عمل روائي ولا غيره .. بل ما زلت أكتب ومصراً على الكتابة ولو استسلمت للإحباط لما كتبت سطراً ، ولك أن تتخيلي أنني رسميا أعمل منذ 4 سنوات في صفحة الأدب بالأهرام بعدما انتقلت من عملي كمحررفي صفحة الحوادث مدة 15 سنة وكان الانتقال ليس سوى لالتقاط الأنفاس بعد رحلة طويلة في دهاليز المجتمع المصري ، ولكن لم أكن أعلق آمالاً على صفحة الأدب لأن الاهتمام بالأدب في الصحافة عموماً له قواعد أخرى غير قواعد الإبداع ، عملى الفعلى حالياً في ديسك بوابة الأخبار الإلكترونية ، هل يمكن تخيل أنني أعمل في الوسط الثقافي والأدبي ولم تنشر الأهرام سوى خبر مقتضب عن روايتين لي وعلى سبيل المجاملة ، ولولا الأستاذ سامي فريد أن كتب بعد عامين ونصف من صدور الرواية لما كتب عني أحد في الجريدة التى أعمل بها ! ، هل تصدقينني إذا قلت لك أن زميلة مشرفة على صفحة أدبية في الأهرام اتخذت منى موقفاً غامضاً وصبت عليّ جام غضبها في حديث شفوي مع بعض الزملاء بعد أن أهديت لها نسخة من رواية " المؤتمر " وقالت إنني دخيل على الأدب وبتاع حوادث والعهدة على المصدر الذي لا أستبعد تهويله ، وبالطبع لم تكتب الأهرام شيئاً والغريب أن جرائد خاصة كتبت بل وجرائد عربية وأرسل لك مثالاً على الروابط المرفقة

السياسة::شمروخ: روايتي الجديدة كشفت الفساد في مؤتمراتنا العربية

http://www.al-seyassah.com/AtricleView/tabid/59/smid/438/ArticleID/67549/reftab/92/Default.aspx

حلقة عن رواية " المؤتمر " لمحمد شمروخ في برنامج " عصير الكتب فقرة المختصر المفيد تقديم بلال فضل

http://www.youtube.com/watch?v=K9In2CVc6K4&feature=related

5/8 عصير الكتب 18-4-2010

أما عن مطب دفع تكلفة النشر أولاً فهذا مطب وقعت فيه في كل تجاربي في النشر ، ثم إني بصراحة خلال 4 تجارب ل4 كتب عرفت أن الناشرين طبعات مكررة من بعض ..

أنا لم أكتب ما كتبته عن ساقيه الصاوي انتظاراً لنصرة من جانب النقاد أوالمبدعين المدعين لا سيما النجوم منهم .. والموضوع قديم وسبق إثارته على صفحات الدستور ولكن فقط أردت أن أبين للبعض أنه وراء هذه الدعاية اليومية لساقية الصاوي أسباب أخرى غير سقاية المثقفين أو الذين يريدون أن يوصموا بالثقافة .. وكثير من الصحفيين المتابعين بانبهار نشاط الساقية مخدوعون فيها .. وكثير من المبدعين أو المدعين يرون أن هذا العبث هو مستقبل مصر الحقيقي معتمدين على تراث عتيد من الزيف والادعاء .. وبعض الإخوة والأخوات الأدباء غضوا الطرف وأعرضوا صفحاً بل ويرون أنني متسرع ومفتر ٍ على الناس المحترمين خاصة أن صاحب الساقية رجل دمث الأخلاق وابن ناس وأبوه كان وزيراً وإلي آخر هذه القائمة التى تحكم منظومة أخلاقيات العبيد في مصر .. كما أن الرجل ناجح وهم يحبون الناجحين وهو واصل وهم يريدون الواصلين وهو رجل رصين وهم دائماً مع الرصين ( اقرأ بصوت مسموع ) ،  ولكن كل ما سبق لايهمني في قليل ولا كثير لأن الجلبة التى أحدثها إلغاء الندوة كانت أكثر فاعلية من أي ندوة بإنفتيشنز أو من غير إنفتتتتتتتيشنز ..

ولكن لماذا كل هذا الحنق علي ساقية الصاوي وكأني سأري فيها ملائكة رقاقاً أنقياء ؟ ، فأنا لم أذهب إلي أي مكان رسمي أو شبه رسمي إلا ووجدت مثل ساقية الصاوى بل وأنكى ، هل أحدثكم عما لاحظت وسمعت في اتحاد الكتاب عندما ذهبت لدفع رسوم قبولي عضواً به ؟ .. ولكن لندع هذا جانباً ولنعد إلي الساقية ونرى معا هل هي تعبير عن الواقع الثقافي في مصر ؟ .. نعم وألف نعم فالثقافة في مصر منذ أن أصبحت وزارة على عهد المغفور له صلاح سالم أصابها ما أصابها من تسلط الجهل والعنجهية والعنطزة وقد قرأت بعيني هاتين في مذكرات كاتب صحفي كبير ( الله يرحمه ) كيف كان صلاح سالم يطارد الكتاب والصحفيين في طرقات أخبار اليوم إبان مسئوليته عنها بل ويركلهم !!!!!!! ، والمفزع أن الكاتب الصحفي الكبير يحكي عن ذلك على سبيل التندر والفكاهة لا الاستغراب والاستنكار ، وكثير من الكتاب اليوم على شاكلته ولكنهم يتباهون بالعزومة على الغدا والعشا في مطاعم النجوم الخمس علي خساب صاخب المخل وصاخب صاخب المخل وأنهم رجالة الوزير الفلانى والمسئول العلاني والأظرف تصل لهم فى الموعد وغيره وغيره وغيره وهذه التصرفات التى تجعل من محجوب عبد الدايم أكثر الناس احتراماً لو عاش بيننا اليوم ..

وبالنسبة لعملك في مجلة آخر ساعة يا أستاذة لمياء فكان من الممكن أن يقضي على موهبتك الأدبية لأن العاملين في الصحافة يستغرقهم العمل لدرجة تنسيهم أنفسهم أساؤوا ام أحسنوا وعموماً مجلة آخر ساعة " ما يتبكيش عليها " والأفضل أنك تركتها لأنها دخلت في نفق مظلم منذ سنين لسيطرة الفاسدين في مؤسسة أخبار اليوم على كل شيء كما عندنا في الأهرام ، فهناك مجاملات لا حد لها وتلميع غير مبرر وامتيازات غامضة في واقع أكثر غموضاً تعزف خلف أستاره جوقة من ولاد الـ.... المغتصبين لأماكنهم فى الصحافة والثقافة والإعلام ، أستاذة لمياء : والله أنت إنسانة محترمة جداً وأنا متابع لنشاطك الفيس بوكي منذ زمن ولك تفويض كامل في كتابة أي أخبار لي على الفيس بوك خاصة أنك أديبة متمكنة ، كما أن المفاجأة بأنك عملت بالصحافة تجعلني أثق في أسلوب النشر وشكراً لك ..

محمد شمروخ

كانت هذه هي رسالة الأستاذ المبدع والصحفي محمد شمروخ بنصها ، وهذا يا أصدقائي هو تعليقي :

Lamia Moukhtar February 23 at 12:32pm

نعم يا أستاذ محمد فالوضعان الثقافي والصحفي مترديان للغاية ، وربما كان إلغاء ندوة روايتك " المؤتمر " مقصوداً والله أعلم من أجل تجنب " وجع الدماغ " الذي يمكن أن يجره عليهم مناقشة رواية تفضح الفساد .. فقد كان من مصلحة ساقية الصاوي ألا تعادي النظام وفي نفس الوقت أن تكسب تعاطف الشبان الذين يرونها مكاناً حراً بغض النظر عما إذا كان هذا صحيحاً أم لا .. في رأيي أنا أيضاً لا تقدم ساقية الصاوي ثقافة عميقة وإنما تقدم " تعريفاً بالثقافة " لصغار الشبان الذين يرغبون في التعرف على هذا المفهوم .. وهو أمر جيد لا بأس به ولكن الفارق كبير بين الثقافة الحقيقية والتعريف بالثقافة ..

ولا تحزن يا أستاذ محمد إذا لم يكونوا قد عرفوا مقامك وقيمتك الحقيقية كروائي مبدع جاد وصحفي شريف فالنظام كله في مصر لم يكن يفهم غير لغة المال والسلطة أما المواهب فيلقون بها في سلة القمامة .. ألم يكتبوا في الأهرام - بعد نجاح الثورة طبعاً وليس قبل ذلك - أن أنس الفقي كانت سياسته الإطاحة بالمواهب ؟ .. وليس التليفزيون فقط بل كانت كل مؤسسات الدولة تعمل بهذا الأسلوب .. لقد تعجبت كثيراً من قولك في فيديو برنامج عصير الكتب بأن جمال حمدان لم يتعرف على جثته من عاينوها حين مات بل لم يدروا أصلاً من هو جمال حمدان ولكن هذا هو حظ العباقرة والمبدعين في بلدنا التي لا يفلح فيها غير ممثلي الدرجة العاشرة ولاعبي الكرة .. لقد حولوا مصر إلى عزبة خاصة بهم هم في النظام السابق .. أساساً لم يكن هناك تقريباً سوى أسرة واحدة تحكم مصر يحصل كل الأقارب بها على السلطة في جميع مؤسسات الدولة المختلفة ..

كلنا عانينا من الظلم يا أستاذ محمد في هذه الأوساط الأدبية والصحفية .. أتظنني لم أعان ِ أنا الأخرى ؟ .. إن لي حوالي 250 صفحة منشورة باسمي في القسم الثقافي والأدبي بمجلة آخر ساعة على مدى ما يقرب من ثلاث سنوات بمعدل نشر صفحتين أو أربع صفحات كل أسبوع خلال تلك الفترة التي عملت خلالها بالمجلة ولم أتقاض مليماً واحداً عن كل ما كتبته طوال هذا الوقت وضاع عليّ الجهد والتعب والمشاوير أثناء حضور الندوات الثقافية غير نقود المواصلات التي صرفتها على تلك المشاوير ولم ألق من المجلة سوى التسويف والوعد بقرب تعييني وبالتالي استلام كل ما لي من نقود ولم يحدث هذا أبداً فتركتهم غير آسفة عليهم ، وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير حين تركت المجلة أنني عرفت أن رئيس مجلس الإدارة كان معارضاً لتعييني بحجة سخيفة جداً لا يتصورها عقل هي أنني مهندسة وبالتالي لا أحتاج للتعيين ، الغريب في الأمر أن رئيس مجلس الإدارة هذا هو نفسه مهندس والغريب أن كثيراً من كبار الصحفيين كانوا مهندسين وأطباء بل إن القليل من كبار الصحفيين من كانوا خريجي كلية الإعلام ، وما داموا معترضين على كوني مهندسة أفلم يدركوا هذا إلا بعد أن استنفدوا طاقتي في كتابة مئات الصفحات لهم ؟ .. فلم نشروها إذن ؟ .. استغلوا من جهدي ما استطاعوا ووعدوني بالتعيين وتسلم نقودي طالما ظللت صامتة فلما بدأت أتكلم وأطالب بحقوقي قالوا لي أنت مهندسة لا تطالبي بأي حق لك ! .. عجيب هذا المنطق لا يخطر ببال شعوب نيام نيام كما يقولون .. إن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول ما معناه " أعط الأجير حقه قبل أن يجف عرقه " ، فإذا كان لهم اعتراض على كوني مهندسة فكان من الأحرى ألا ينشروا لي شيئاً من الأساس أما أن ينشروا لي حوالي 250 صفحة ثقافية وأدبية شهد الجميع بتطورها وجودتها وتميزها في ذلك الوقت ثم يجيئون ليقولوا لقد تذكرنا فجأة أنك مهندسة فلا تعيين لك لدينا وإذا أردت أن تكتبي لنا فاكتبي طوال عمرك مجاناً .. فهذا لا يعني سوى أمر واحد ألا وهو أكل الحقوق في بطونهم ، الغريب أنهم خدعونا خدعة لا أعرف كيف انطلت علينا كالأطفال الصغار وأخجل الآن من كونها انطلت عليّ أنا بالذات لكوني مهندسة وقد قالوا لنا في كلية الهندسة إن المهندس لا يستطيع أحد أن يخدعه ولكني خدعت للأسف ، كانت الخدعة أنهم قالوا لي ولزملائي حينئذ إنهم يريدون تجديد دم المجلة بكتابات الشباب وأحضروا لنا جميعاً في بداية عملنا بالمجلة عدداً من العقود المؤقتة واعدين إيانا بالتعيين بعد ستة أشهر على الأكثر .. واكتشفنا فيما بعد أنها كانت عقوداً صورية وهمية لأن رئيس مجلس الإدارة لم يوقعها .. بل إننا نحن فقط من وقعناها بمعنى أننا وقعنا لأنفسنا .. بلا أي قيمة طبعاً ..

إنني أحمد الله على أني مهندسة وعملت بالهندسة وعضوة في نقابة المهندسين فلم أخسر كثيراً ولو أردت العودة للهندسة الآن لعدت ولكني متفرغة للأدب هذه الفترة وأراجع الآن روايتي الجديدة التي انتهيت من كتابتها لتوي .. عرفت الآن قيمة نصيحة والدي حين نصحني بدخول كلية عملية مرموقة كالهندسة أو الطب مع استمراري في الكتابة الأدبية في نفس الوقت لضمان الالتحاق بنقابة جيدة على الأقل وعلى أسوأ الفروض .. أما المأساة الحقيقية فهي للصحفيين الذين ليس أمامهم سوى نقابة الصحفيين والذين يستمر بعضهم 20 عاماً أوأكتر بلا تعيين أو نقود أو التحاق بنقابتهم .. حسبنا الله ونعم الوكيل فيمن أكلوا حقوقهم جميعاً ..

ومما مزق قلبي وحز في نفسي كثيراً أن أحداً من مجلة آخر ساعة لم يحضر العزاء في وفاة أمي رحمها الله رغم أنه كان في مسجد كبير " ما يتوهش " ، ولم يـُكتب حرف عزاء واحد لي في المجلة رغم كتابتي مئات الصفحات لهم بالمجان إلا أنهم استكثروا كتابة سطر واحد كعزاء لي ولو حتى على سبيل الترضية برغم أنني لا أتقاضى أي نقود .. وكان هذا من القشات التي قصمت ظهر البعير أيضاً في علاقتي بالمجلة .. إن أكثر ما يحز في نفسي الآن أنني لم أتفرغ كلياً لرعاية أمي في مرضها بل كنت أرعاها حيناً وأكتب للمجلة حيناً آخر ولو كنت أعلم أنهم بهذا القدر من التشوه النفسي لما ضيعت دقيقة واحدة في الكتابة لهم .. ولكني لم أكن أعلم بأن أمي سترحل عن الحياة بل ظننتها ستشفى .. رحمها الله ..

أما حين نشرت مسرحيتي " ولكنه موتسارت " في كتاب والتي كتب عنها كبار النقاد كالناقد الكبير الشريف الحر د. سيد البحراوي وغيره كما نشرت كثير من الصحف أخباراً عنها ونقلوا بالتفصيل تلك الندوة التي أقيمت حولها .. فإني قد حدث لي في مجلة آخر ساعة مثلما حدث للأستاذ محمد شمروخ حيث لم تنشر المجلة سوى ثلاثة أو أربعة أسطر في خبر صغير مقتضب .. وليس اللوم على الزملاء إحقاقاً للحق ولكنهم يتصرفون كما يملي عليهم رئيس التحرير بالمجلة .. أما عن تعليقات بعض هؤلاء الزملاء – وليس كلهم إحقاقاً للحق أيضاً - فأحدهم قال لي قبل أن يرى نسخة المسرحية لا تظني أن أحداً سيقرأ منها حرفاً فلا أحد لديه الرغبة في قراءة مسرح وعن موتسارت كمان ، واحد آخر قال لي عن نسخته التي أهديتها له : لم أقرأها ولكني وضعت النسخة التي أهديتني إياها في مكتبة قصر ثقافة – لا أذكر أين الآن ولكنه كان في محافظة بعيدة كالوادي الجديد أو شيء كهذا – وهذا خير لك فربما يقرأها أحد ما ! .. وكأني أعطيتها له ليرميها في المكتبة التي رماها فيها كأنه يلقيها في سلة القمامة مثلاً ولم يحترم حتى أنني خصصت له نسخة ليقرأها وليس ليلقي بها والغريب أنه كان يتحدث بلغة الذي يمن علي ولما رأيته يتحدث بهذه اللهجة الواثقة شكرته وأنا في غاية العجب ! .. لم أفهم السبب في هذا التقليل من شأن المسرحية دون أن يقرأوها وكأنها حرب خفية غير معلنة .. وهذا هو ما يحدث للأديب الذي يعمل بالصحافة فزملاؤه دائماً يشككون في موهبته غيرة منه ويحاولون ألا يشيروا إليها من أي طرف بعيد أو قريب .. والحق أنني اكتشفت من تعاملي مع الكثير جداً من نخبة كتاب ونقاد مصر أن أكثرهم لا يهتمون بقراءة إبداعات الشباب فهم منشغلون حتى النخاع في المؤتمرات والاحتفاليات والجوائز والمكاسب الشخصية التي قد يحصلون عليها ، وأستطيع أن أقول بكل صراحة إنني قد أعطيت نسخاً من مسرحيتي لعشرات الكتاب والنقاد ولم يكلف أنفسهم بقراءتها سوى بضعة منهم أذكر منهم د. سيد البحراوي ود. عبد المنعم تليمة ود. محمد عبد المطلب والشاعر محمد بهجت والشاعر عبد المنعم رمضان كما اهتم بحضور الندوة الكاتب مكاوي سعيد والكاتبة سلوى بكر مشكورين جميعاً هذا بالإضافة إلى من قرأوا المسرحية قبل صدورها وكان لهم بعض التوجيهات في كتابتي لها وهما الأستاذ أنيس منصور ود. عبد اللطيف عبد الحليم ، وأشكر بالطبع أيضاً جميع أصدقائي على الفيس بوك الذين أعجبوا بالمسرحية وكتبوا عنها على الفيس بوك أو حضروا الندوة أو أخبروا أصدقاءهم كالكاتب الشاب أحمد علي عيد والكاتب والمصمم والكاتب الشاب حاتم عرفة والفنانة التشكيلية الشابة مريم عمر والكاتب الشاب ماهر عبد الرحمن والكاتب الشاب عمرو الجندي والكاتب الشاب محمد البسيوني والكاتب الشاب محمد شعيب والإعلامية تغريد الصبان والصحفي الأستاذ محمد سعد شعير والصحفية رحاب لؤي ومحمد عبد المنعم وناهد سمير وإسلام فتحي ودنيا وهالة وريهام وغيرهم من الأصدقاء وعذراً إن كنت نسيت أحداً فأنتم كنزي الحقيقي يا أصدقائي ، أما العشرات الآخرون من النقاد والكتاب فقد ألقوا بالنسخة على الأغلب في سلة القمامة قبل أن يقرأوها بدليل أنني التقيت صدفة في أحد المؤتمرات بناقد كبير شهير كنت قد أهديته نسخة من المسرحية من قبل وعندما سألته حضرتك قريتها ؟ قال : أي مسرحية ؟! ، صدمت بالطبع ولكني أجبته : ولكنه موتسارت ، فقال : آه .. هابقى أقراها ( وأنا متأكدة أنه لا يتذكر اسم المسرحية لأنه لم يكلف نفسه النظر إلى غلافها من الأساس ) ، ولم يقرأ شيئاً بالطبع ، أعرف أننا بشر ولا طاقة لنا بقراءة كل الكتب التي تقدم لنا وأعترف أنه توجد على مكتبي عشرات من الكتب التي لم أقرأها بعد .. ولكني لست ناقدة أدبية متخصصة في التعرف على الكتابات الجديدة .. ولو كنت ناقدة أدبية في موقع المسئولية لألزمت نفسي بقراءتها أو على الأقل بقراءة أول صفحتين أو ثلاث منها حتى أتبين ما إذا كانت تستحق القراءة أم لا .. أما الإهمال التام لكثير من الكتابات الجديدة فهو موقف لا يليق بنقادنا وكتابنا الكبار .. والحق أن حركة النقد الأدبي تحتاج لصحوة ونهضة في مقبل الأيام ..

أما عن استغلال وعدم اكتراث كبار الناشرين بكتابات الشباب فهذا موضوع آخر يمكن أن يُكتب عنه نوت أخرى .. والحق أنه لولا دور النشر الجديدة - بغض النظر عن أي عيوب لها - لغرقنا في مستنقع من الركود الثقافي الرهيب القاتل لأي موهبة خاصة أن النشر في الهيئات الثقافية الرسمية التابعة للدولة تشوبه الوساطة والمجاملات بشدة بالإضافة إلى التسويف والمماطلة والتطويل وجعل الكاتب ينتظر خمسة أعوام على الأقل حتى ينشر كتابه ، لقد كان من الصعب أن أجد ناشراً للمسرحية قبل ظهور دور النشر الجديدة خاصة مع كون الموضوع غربياً وكون الكتاب مسرحية .. وكان نشر كتب المسرح في دار نشر خاصة كدار " اكتب " شجاعة بالفعل من الناشر الأستاذ يحيى هاشم أشكره عليها .. لقد أمضيت عامين قبل تعاقدي مع دار " اكتب " أنتظر دوري في النشر في هيئة الكتاب بعد أن أخبرني شفوياً ولس عن طريق عقد مكتوب – أخبرني موظف بها أنهم يرغبون في نشر المسرحية في سلسلة كانت جديدة وقتها أظن اسمها كان إشراقات أو إبداعات جديدة – لا أذكر جيداً ، وانتظرت أي أخبار بعد ذلك على مدى عامين فلم يأتني أي خبر .. إلى أن وفقني الله وتعاقدت مع دار " اكتب " الخاصة ونشرت المسرحية أخيراً ..

لقد لاحظت أيضاً أن لدى الكتاب الكبار نوعاً من الازدواجية فهم تارة يعطفون على الشباب ويودون مساعدتهم وتشجيعهم على إكمال مشوارهم الأدبي ، وتارة أخرى يتجاهلونهم تماماً وكأنهم يقولون في أنفسهم : فليشقوا كما شقينا مالنا ومالهم ؟! ، ولكوني أدركت هذه الحقيقة للأسف فأنا لا أستمع الآن للكلام المحبط وأحاول أن أفعل ما يمليه عليّ عقلي ويعتقد أنه الصواب .. وحتى لو أحبطت قليلاً فقد تعلمت ألا أدع هذا الإحباط يسيطر عليّ إلا فترة قصيرة بعدها أعود لإصراري على النجاح مهما كانت الظروف .. هو طريق صعب طويل ولكني مصممة على المضي فيه للنهاية ، وقد انتهيت لتوي من كتابة رواية جديدة أراجعها الآن وأرجو أن تعجبكم حين تصدر بإذن الله ..

وأعود إلى موضوع مجلة آخر ساعة ، لقد قال لي صحفي قديم بالمجلة وصحفية شابة جملة واحدة في توقيتين مختلفين وعلى غير علم من أحدهما بما قال الآخر ، قالا إنهم في المجلة يفضلون المحرر الذي لا يعرف كيف يكتب جملة واحدة صحيحة على المحرر الجيد لأن المحرر الجيد خطر عليهم لأنه سينافسهم وسيكشف ضعفهم بل وفساد البعض منهم .. هكذا هو الحال في الصحف القومية ..

واحد آخر من مؤسسة أخرى قال إنه يمكنه أن يحاول التوسط لي لدى رئيس التحرير ليتم تعييني على أن أملأ استمارة التحاقي بالحزب الوطني ! .. وفهمت ساعتها أن الالتحاق بالحزب الوطني شرط للتعيين في مؤسسات الدولة خاصة هذه الصحف القومية ومما أكد لي ظني هذا أنني اكتشفت أن بعضاً من الزملاء السابقين لي والمعينين بالمجلة هم أعضاء بالفعل في الحزب الوطني ، شكرت الرجل بأدب ورفضت الفكرة فأنا أرفض أن يملي عليّ أحد رأيه فما بالك إذا كان يريد أن يملي عليّ انتماء حزبياً معيناً ، إنها كارثة تلك التي حدثت في النظام السابق لم تحدث من قبل : أن يكون الانتماء للحزب الحاكم شرطاً للتعيين في مؤسسات الدولة .. هذا هو الفساد بعينه .. رفضت أن أسعى للانتماء للحزب الوطني لعدم اقتناعي به آنذاك وليست هذه بطولة مني ولكني لا أحب أن أفعل شيئاً إلا لو كنت مقتنعة به تماماً .. وفضلت ترك المجلة على تقييد حريتي وأفكاري .. أما رئيس التحرير الذي كان يشيد بكتاباتي الأدبية في المجلة إشادة هائلة فلم يهتم بأن يطلب من رئيس مجلس الإدارة أن يتم تعييني أنا وزملائي خاصة أن بعض الزملاء أخبروني أن الجيل القديم الذي كان مشرفاً على صفحات الثقافة والذي يتكون بالتحديد من صحفيتين كبيرتين – أخبروني أن هاتين الصحفيتين كانتا تقدمان كل أسبوع شكوى في نقابة الصحفيين ضدي بحجة أني مهندسة لم يتم تعييني بعد وعلى هذا  فليس من حقي كتابة حرف واحد في المجلة ! .. ولكن رئيس التحرير قال لي لا تهتمي بشيء من هذا ولا تهتمي بمعارضة رئيس مجلس الإدارة لتعيينك فأنت تكتبين كتابة رائعة وسأقف بجانبك .. وبالطبع حين حان وقت الجد وجاء وقت التعيينات لم يفعل شيئاً ولم يرشح اسمي للتعيين وقتها وعلمت أنه رضخ لرئيس مجلس الإدارة وأراد أن يكسب وده فلم يرد أن يضايق مزاجه الرائق بإضافة اسم يزعجه – والغريب أن اسمي أزعج رئيس مجلس الإدارة هذا بلا أي سبب فهو لا يعرفني ولا أعرفه ولم ألتق به في حياتي وبالتأكيد لم يقرأ لي حرفاً في المجلة – ولما عرفت موقف رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير قررت ترك المجلة فوراً بالطبع .. وأدركت أن رئيس التحرير الذي كان يشيد بكتاباتي بشدة لم يكن في الحقيقة يهمه جودة المادة المكتوبة فكلها مساحات فارغة يجب أن تسوّد بأي كلام والسلام .. والفيصل في تعيين شخص ما أو عدم تعيينه هو الوساطة كما كان يجري في كل قطاعات الدولة ..

لقد احترمت الأستاذ محمد سعد شعير الصحفي بالأهرام حين أصدر كتابه الصريح جداً بعنوان " لا ينشر " وقلب به علينا كل المواجع وفجـّر كل ما كنا نكتمه في أنفسنا.. ولو تعلم شخص واحد فقط درساً ما .. أي درس فإن هذا كاف ٍ ..

لقد كنت أري دائماً أبناء العاملين في الصحف القومية يتم تعيينهم بعد فترة بسيطة من التدريب مهما كانت الدرجة الوظيفية لهؤلاء العاملين في الصحيفة .. ولم أكن أفهم أو أستوعب ما السر في ذلك ؟ .. فهل رؤساء مجالس الإدارة ورؤساء التحرير علي هذه الدرجة من الوفاء ليهتموا بابن موظف عادي لديهم – وأقصد طبعاً أنه عادي في درجته الوظيفية وليس في قيمته الحقيقية فقيمة الناس لا تتحدد بالمركز ولا بالمال - .. إلي أن أتتني الإجابة علي طبق من ذهب في كتاب " لا ينشر " للأستاذ محمد شعير الكاتب الصحفي بالأهرام ، تعالوا نري ما يقول : ( أبناء العاملين في الصحيفة لا شك أن لهم الأسبقية علي غيرهم .. ليس من باب رد الجميل للآباء حتي وإن ارتدى الأمر هذا الثوب ، لكن هذه " المبادرات الإنسانية " من جانب رؤساء التحرير إنما تكون أيضاً بهدف ضمان أصوات الآباء " والأبناء مستقبلاً " في انتخابات نقابة الصحفيين .. ) ، ويمضي محمد سعد شعير في صراحته فيقول : ( عندما ذهبت إلى مكتب رئيس التحرير لمتابعة الطلب الذي تقدم به أحد الكبار متوسطاً لي للعمل بالجريدة ، في أثناء قيام السكرتيرة بالبحث عن طلبي وسط أوراق الطلبات الأخرى العديدة أتيح لي أن أطلع بنفسي علي أسماء من توسطوا لآخرين غيري لكي يعملوا في هذه المهنة ، إنهم جميعاً من الكبار الذين يطلون علينا ليل نهار من خلال هذه الصحف نفسها .. هذه أسماؤهم وهذه توقيعاتهم مقرونة بعبارات المودة والاحترام ، فالعلاقات إذن ممتدة ، والمصالح متبادلة ، ووسط كل هذه الطلبات فإن الفوز بتأشيرة الموافقة علي عبور البوابة الذهبية للصحيفة يرتبط بعوامل عديدة ليس من بينها على الإطلاق الكفاءة أو التدريب المسبق أو حتى الحصول على شهادة دراسية في مجال الإعلام .. فقط يوجد " الحب " بين الكبار والخواطر المتبادلة ! .. أنا أيضاً دلفت إلى هذا العالم بنفس الطريقة ولا أدعي أنني سلكت طريقاً أخرى ، وقبل الخوض في محددات النشر في الصحف القومية بشكل عام نقول هنا إن إحدى الفئات المحظية بالنشر هم رجال الانتخابات أي الصحفيين الذين يقفون إلى جوار مسئول التحرير في الانتخابات ، ومعايير النشر في الصحافة القومية ترتبط كثيراً بقانون الزحام ، ويفوز بالنشر من امتلك القوة أو الدهاء أو الاحتيال ، والقوة هنا تتمثل في مدى قوة المحرر لا قوة وأهمية المادة الصحفية التي يكتبها .. ) ..

وأعود فأعلق على كلام الأستاذ محمد سعد شعير فأقول إنني لا أدري حتى الآن كيف سمح نظام الدولة السابق – فالفساد أيضاً له حدود وقواعد ولكن ما حدث كان بغير حدود في كل شيء – كيف سمح هذا النظام بحدوث مثل مأساة المتدربين على العمل بالصحافة في الصحف القومية وقد كنت واحدة منهم في أحد الأيام .. ويعلم الله أنني عملت كثيراً بدون أجر .. وهذه هي القاعدة التي يسير عليها الجميع حتى كبار الصحفيين الذين يحكون دائماً بعد أن يشتهروا أنهم أمضوا سنين عديدة يعملون بدون أي أجر على الإطلاق في صحفهم .. والنهاية تكون سعيدة عندما يتم تعيين الصحفي أو عندما يشتهر بشدة .. ولكن ليست كل النهايات سعيدة فالواقع مليء بحكايات أليمة .. لقد كادت صحفية كبيرة في إحدى المؤسسات الصحفية القومية الكبرى أن تصرخ وهي تتحدث عن عجبها ودهشتها وغيظها ودماغها التي أوشكت على الانفجار بسبب ما يحدث للشباب الذين يمضون عشرين عاماً من أعمارهم يعملون بدون أجر وبدون نشر أسمائهم حتى لأنهم غير معينين في الجريدة وتتسرب أعمارهم من يدهم يوماً بعد يوم دون أن يدروا ، وأكد لي صحفي وكاتب كبير أيضاً هذه المعلومة وقال بأن البعض يمضون أكثر من عشرين عاماً بدون أجر أو تعيين وأن هذه أوضاع غريبة جداً لا يقبلها أو حتى يتصورها عقل ولكنها تحدث ، وحكت أيضاً هذه الصحفية الكبيرة عن مأساة فتى ظل يعمل في مؤسسة صحفية كبرى خمسة عشر عاماً منذ أن كان في الحادية والعشرين من عمره إلى أن بلغ السادسة والثلاثين .. ظل يعمل بلا أجر وبدون نشر اسمه لأنه غير معين وفي النهاية بعد خمسة عشر عاماً رفضوا تعيينه ! .. وذهب الفتى يبحث له عن أي عمل آخر بعد أن ضاعت خمسة عشر عاماً من عمره دون أن يكون هناك معه أي شهادة خبرة أو أي دليل على انه عمل أصلاً طيلة هذه السنوات ! ، ثم أشارت هذه الصحفية الكبيرة إلى زميل لها وهو صحفي قديم أيضاً مثلها قائلة : زميلي هذا يعمل ابنه معنا منذ ست سنوات ولم يتم تعيينه بعد ولم يحصل على أي أجر بل وتنشر موضوعاته الصحفية بأسماء آخرين لأنه من الممنوع أن ينشر الموضوع باسم شخص غير معين ، وقد تزوج الشاب وأنجب وما زال يقبض مصروفه من أبيه ! ، إنكم محظوظون لنشر الموضوعات بأسمائكم في مجلة آخر ساعة أما لدينا في مؤسستنا فهم يحرمون حتى من هذا الحق البسيط ، والأكتر من ذلك أنني اكتشفت بالصدفة البحتة أن بعض الصحفيين القدامى في مجلة آخر ساعة ممن كانوا يعتبرون رؤساء لنا هم بالأصل غير معينين مع أن لهم حوالي عشرين عاماً بها ولهم مئات المقالات المنشورة بأسمائهم ، تذكرت ُ أيضاً ذلك المذيع اللامع في تلك القناة المعروفة الذي كان يتحدث معنا بعد الانتهاء من تسجيل حلقة برنامج قائلاً : أنا اكتشفت إن فيه ناس كتير شغالة من غير فلوس تحت اسم التدريب ! .. الدولة كلها شغالة ببلاش والا إيه يا جماعة ؟!! ؟؟ ..

نعم .. الدولة كلها " تقص الحشائش مجاناً " .. فقد شاهدت فيلماً أجنبياً ذات مرة تقوم فيه فتاة بقص حشائش حديقة " بيتها " وليس حديقة آخرين ، فسألها صديقها في الفيلم : هل أعطاك والدك نقوداً مقابل قص الحشائش مجاناً ؟ .. فقالت : لا .. هو يقول إن هذا تدريب مفيد لي ! .. فقال الفتى : هذه هي الحجة التي يتذرع بها الجميع حين يريدون أن يسخــّروا الآخرين لخدمتهم دون مقابل !! .. نعم .. هذا ما يحدث في الصحف القومية للأسف ..

وتذكرت فيلماً إنسانياً جميلاً اسمه " دومينيك ويوجين " يحكي قصة أخين توأمين أحدهما طبيب والآخر بطيء الفهم أو شبه متأخر ذهنياً بعض الشيء .. وهي فكرة تكررت في عدة أفلام مثل " رجل المطر " وفي مصر " التوربيني " الذي جاء نسخة مقلدة باهتة لا روح فيها في رأيي – المهم في الفيلم الجميل " دومينيك ويوجين " يفرح دومينيك الأخ المتأخر ذهنياً بعض الشيء والذي يعمل في جمع القمامة – يفرح بشدة بقبعة قديمة أهداها له رئيسه في العمل ، بينما ينبهه زميله إلى أن رئيسهم هذا يخدعهم وأن المقابل المجزي للعمل ليس قبعة وإنما زيادة بنسبة جيدة في الراتب كل عام وتأمينات صحية مناسبة ، ولكن دومينيك الساذج يرد علي زميله بأن كل هذا لا يهمه لأن رئيس العمل هذا طيب والقبعة التي أهداها له جميلة !! .. إذن فنحن جميعاً في سذاجة دومينيك ونحن لا ندري !! ..

سرحت بكم كثيراً كثيراً مع حكاياتي .. وأعود إلي حكايات محمد سعد شعير الذي يقول : ( وتعلمنا وفهمنا أنه لا ينبغي أو لا يجوز أن تظهر شخصية الصحفي في الكتابة حتي إذا كان يعد تحقيقاً متكاملاً حول قضية ما .. " شاهدت .. رأيت .. قلت .. " .. من أنت حتى تستخدم ضمير المتكلم ؟! ، والحق أننا كثيراً ما نشرت لنا موضوعات على مساحات كبيرة وسمعنا كلمات الإطراء عليها من الزملاء .. إلا أن داخلنا كان يغلي بسبب تغيير مدخل الموضوع أو حذف جملة .. ) ..

بس كده يا أستاذ محمد شعير ؟ .. لو على كده بس بسيطة .. فهم لا ينفكون يضيفون أخطاء لغوية ونحوية وإملائية للموضوع المقدم من صاحبه سليماً أصلاً .. ولكن محرر الديسك باعتباره المراجع يظن لجهله أن المحرر كاتب المقال قد أخطأ .. والذنب ليس ذنب محرر الديسك بل ذنب من ولاه هذه المسئولية دون أن يكون مستحقاً لها .. ولكن كل هذا كلام فارغ وهزار ولعب أطفال بالمقارنة لما فعله معي ذات مرة أحد محرري الديسك حين أضاف جملتين لم أكتبهما قط ولا يمكن أن أكتبهما أبداً – أضافهما لحوار كنت قد أجريته مع إحدى الشخصيات الأدبية .. وكنت حريصة علي الحياد التام في صياغتي لهذا الحوار خاصة أن تلك الشخصية كانت في نزاع قضائي وخلاف فكري مع شخصية أخرى فكنت حريصة على الحياد في كتابتي للحوار ، وإذا بمحرر الديسك يقرر أن يضيف جملتين تعتبران سباً صريحاً للشخصية الأخرى المناوئة لصاحب الحوار ، وكادت تحدث مشكلة كبرى لولا أن الله سلم وتم تدارك الأمر ..

لماذا لم يكتب محرر الديسك هذه الجمل في صفحته هو ويوقعها باسمه هو – وكان وقتها يملك صفحة أو صفحتين طويلتين عريضتين بالمجلة ؟ .. لماذا يتخفى وراء اسمي ظلماً وعدواناً في سب الآخرين ؟ .. إنني حتى لو هاجمت شخصاً ما فلن أهاجمه أبداً بنفس الطريقة التي هاجم بها محرر الديسك هذه الشخصية .. فرغم خلافي الفكري مع هذه الشخصية أنا الأخرى أيضاً ولكن للكتابة أصولاً وحدوداً لا ينبغي أن نتعداها وأنا لي أسلوبي الخاص بي حتى في الهجوم ولا أقبل بأي حال أن ينسب لي شخص جملة لم أكتبها .. ولكن هذا ما حدث ..

الغريب والمستفز هو أنني عندما سألت محرر الديسك لماذا أضاف لي هذه الجملة قال ببساطة : دا انا باخدمك ! .. وانتي تطولي إنك يترفع عليك ِ قضايا ؟ ، غاظني هذا الرد لأني ببساطة لست من هواة الشهرة بأية وسيلة فهذا يلجأ إليه من لا يملك الموهبة الأدبية على الإطلاق .. وبما أنني أعتقد أنني أملك قدراً من الموهبة الأدبية فأنا لا أريد أن أشتهر إلا بإبداعاتي .. وليس عن طريق المحاكم والقضايا .. ولماذا لم يخدم نفسه هو أولاً بأن يضيف لمقاله هو هذه الجمل التي كتبها بيده بدلاً من أن يلصقها باسم شخص آخر ؟ ، وبالمناسبة فمحمد سعد شعير في كتابه حكى أيضاً أنه تعرض لشيء شبيه بذلك وإن كان أقل وطأة ربما – حين نشر موضوعاً عن قصص بعض الراقصات والمضيفات في حانات منطقة وسط البلد ، وقام مسئول التحرير بتغيير مقدمة الموضوع الذي كتبه محمد شعير لتأتي متعاطفة تماماً مع بطلة الحلقة ! .. مع تغيير عنوان الموضوع ليصبح " جعلوها مجرمة " ، ويعلق محمد شعير قائلاً : وكان ذلك في حد ذاته كافياً لأن يجعلني أشعر شخصياً بإجرامي في حق القاريء الذي يجد اسمي ممهوراً في النهاية .. على هذه السخافة ! ..

ويضيف محمد سعد شعير في كتابه أيضاً : لا أدري لماذا أتذكر العديد من الزملاء في الصحف القومية والمستقلة الذين يكتبون مواد تنطق كل كلمة فيها لتؤكد شبهة الإعلان .. إلا أنها تعرض على أنها مجرد مواد تحريرية ولا يتم دفع أي مقابل لها .. للصحيفة بالطبع ! ، واختلاط الإعلان بالتحرير وعمل الصحفي في مجال جلب الإعلانات للصحيفة يعد من قبيل البقع السوداء .. التي يعرفها الجميع ويدرك جيداً أماكن وجودها في الصحافة المصرية ..

وفي حوار آخر لفت نظري أورده محمد سعد شعير في كتابه للزميلة رنا جوهر مع المستشرقة الأمريكية الدكتورة سوزان ستيتكفيتش قالت المستشرقة رداً على سؤال " كيف ينظر النقاد الغربيون للأدب العربي الحديث لا الشعر القديم " ، قالت : بصراحة لا أظن أن النقاد الغربيين لديهم أدنى فكرة عن الأدب العربي على الإطلاق .. ربما يكونون قد سمعوا اسم نجيب محفوظ .. لكنهم مهتمون بالأدب الغربي وليس لديهم خلفية عن الأدب العربي أو حتى البلاغة العربية الكلاسيكية ، ويعلق محمد سعد شعير على هذا ذاكراً موقفاً مضحكاً مبكياً رواه إبراهيم أصلان في كتابه " خلوة الغلبان " حيث يحكي فيه قصة إحدى المجلات العربية التي حاولت الحصول على تعليق من جابرييل جارسيا ماركيز بعد وفاة نزار قباني ، حيث كان أول ما قاله ماركيز : هذا شيء مؤسف .. من هو مستر كباني ؟؟!! ، ويتوالى الحوار العجيب المضحك المبكي على هذه الشاكلة ! ، وأقول أنا تعليقاً علي كل ذلك : لماذا نرخص من أنفسنا في حين لا يدرون هم عن جوهر ثقافتنا شيئاً خاصة أننا متفردون بشرقيتنا ولن يجدوا لآدابنا وفنوننا مثيلاً في العالم .. إذن لماذا نسعى لاهثين خلف اعترافهم بنا ؟ .. صحيح أن التواصل الثقافي والفكري بين الشعوب لابد منه ولكن عليهم أولاً أن يتوفر لديهم الاهتمام والتقدير الكافيان قبل أن نلهث نحن وراءهم طالبين كلمة تقدير قد تكون في كثير من الأحيان بلا قيمة حقيقية ..

أما لو أردت الحديث عن الواقع الثقافي وجوائز الدولة التي يفوز بها من يكتب قصيدة عن " الإله الذي يزغط البط " وغير هذا من الجمل التي لو افترضنا الحياد بالنسبة لها من الناحية الدينية فهي من الأساس غير ذات معنى من الناحية الأدبية إلا لو كان " فهمي على قدي " ولا أستطيع إدراك مثل هذه المعاني العميقة والحق إنني لا أزعم أني قد بلغت درجة الرقي الفكري الذي يمكنني من استيعابها بعد .. إن جوائز الدولة قد تراجع مستواها في الفترة الأخيرة – بغض النظر عن هذه القصيدة أو غيرها – وشابتها المجاملات والسياسة فأصبحت هذه الجوائز لا تليق باسم مصر .. فمن المفترض ألا يحصل عليها سوى القمم الكبار .. أهذه هي مصر ؟ .. لا أصدق .. لقد كان الوضع في النظام السابق مهيناً للثقافة كما كان مهيناً للفنون باستقبال الرئيس السابق في قصر الرئاسة للممثل صاحب " حاحا وتفاحه " ولا تعليق أكثر من ذلك بعد أن كان رؤساء الدولة لا يستقبلون سوى فنانين بمكانة عبد الوهاب وأم كلثوم ..

أطلت عليكم كثيراً يا أصدقائي ويكفي هذا حتى الآن .. ما رأيكم في هذه الفضفضة ؟ ..

لمياء مختار

مارس 2011