مذكرات فنان
( قصيدة من قصائد ديواني الشعري المطبوع " ضفائر الورد والندي الباكي )
بقلم : لمياء مختار
كم هي عبث ٌ أعمالي ..
كم هي زَبـَد ٌ آمالي ..
روحي تمتلك جناحين ِ ..
نسـْـجـُهما من قرص الشمس ِ ..
لكنّ الموج يحاصرني ..
يسكب ظلمات ٍ في عيني ..
ويذيبهما في قطراته ْ ..
وإذا نبت لي غيرهما ..
يبتلعهما ..
ويعود القلب لزفراته ْ ..
ويعود الصدر لنفثاته ْ ..
ويعود الحال كما بالأمس ِ ..
* * *
تقول صبية ٌ بضفيرتين عني :
إنني فنان ْ ..
لكنني أرتاب ْ ..
إذ كيف يعاقب بالنسيان ْ ..
من قدم آيات الحسن ِ ..
وتـُغـَلــَّـق ُ دوني الأبواب ْ ..
وتـُـكـَـدَّس ُ أستارُ تراب ْ ..
فوق تماثيلي في الدكان ْ ..
يُثقل سمعي وقع الخطوات ..
تذهب وتجيء بلا وقفة ..
قد تتبعها بعض اللفتات ..
بعيون ٍ طائرة ٍ حيري ..
ووراء زجاج ٍ كضباب ْ ..
تتوافد أشباح ٌ تـتـْـري ..
لكن لا تلمع أعينهم ..
أبداً ببريق الإعجاب ..
ما أنصفني إلا الطفلة ..
أعجبها نحت ٌ لصبي ٍ ..
في الغابة يعزف بالمزمار ْ ..
من تحت الرمش المتثني ..
تبرق عيناها كشقي ٍ ..
تدنو مني ..
يتدفق من وردة فمها ..
عطر الأزهار ْ ..
حين تغني ..
وتدور وفي يدها التمثال ..
أيُّ خيال ..
قد أيقظ روحاً تتبلور ..
في ليلة عيد ..
ولعلكِ يا بنتي خـِلت ِ ..
أن النحت دمية ُ سُـكـّر ْ ..
وأظنك ِ إذ أنت ِ كبرت ِ ..
قد تبتعدين ..
وبعذب القول علي كهل ٍ ..
سوف تضنين ..
كهل ٍ مثلي ..
ما سامره وقت َ الليل ِ ..
إلا التنهيد ..
* * *
أنصفني يوماً آخر طفل ٌ ..
يطفو بؤبؤه المتلون ..
ألواناً زرقاءَ رمادية ..
فوق بحيرات ٍ سحرية ..
من دمع العين ..
ويقول أنا حزن كـُوِّن ْ ..
من زَبـَد بحار ٍ همجية ..
تتعلق عيناه بصورة ..
لامرأة ٍ في نصف العمر ِ ..
ما تلك المقلة بخبيرة ..
لكن َّ بأوتار القلب ِ ..
روحاً تدفعه للسير ِ ..
في وجهة قطرات الحب ِ ..
تتدفق من عين المرأة ..
يلصق طفلي دوماً أنفـَه ْ ..
في كل مساء ْ ..
بزجاج ٍ واللوحة خلفـَه ْ ..
ترتعش ملامحه الشقراء ْ ..
يحمل كل مساء ٍ عبئـَه ْ ..
كان الطفل يتيم الأم ِ ..
أدرك ما فيه من ألم ِ ..
دوماً أتمني أن أمسح ..
من فوق الشعر المتناثر ْ ..
لكن الفرصة لا تسنح ْ ..
فسريعاً ما سوف يغادر ْ ..
من غير كلام ٍ أو سر ِّ ..
إلا نظرات ٍ بالعين ِ ..
لا تعدلها قصص الدهر ِ ..
من رفق ٍ لا يغمض جفني ..
إلا مع نسمات الفجر ِ ..
وضياء أذان ..
يغشي الدكان ..
* * *
من أعجب لفتات الزمن ِ ..
عند القـَدَر ِ ..
أن تسقط قطرات الطل ِّ ..
من فوق الوردات الذبـْـلي َ ..
تتحدر كدموع الرجل ِ ..
فوق جبين ٍ قاس ٍ خشن ٍ ..
أصبح من حزن ٍ لا يَبلـَي ..
مثل الصخر ِ ..
فأنا الليلة مثل الطائر ْ ..
قد رقص بقدم ٍ واحدة ٍ ..
قد نثر حبوباً وبشائر ْ ..
في موجة سحب ٍ صاعدة ٍ ..
إذ أني اليوم بدكاني ..
قد داعب نومٌ أجفاني ..
فرأيت التمثال الأسمر ْ ..
يمسح دمعات ٍ تتحدر ْ ..
من فوق جفوني المرخاة ..
ورأيت يد المرأة تدنو ..
تمسح قطرات ٍ من عرقي ..
وترتب لوحات الورق ِ ..
قد بدت اللوحة والفرشاة ..
نجيمات ٍ .. تلمع ُ .. تعلو ..
تاجاً برؤوس المنحوتات ..
قد قالت لي كل اللوحات ..
إنا نبضات ..
تقفز من وتر ٍ للروح ..
كشهاب ٍ قد قرر قدرَه ْ ..
وأفاق وقد ضيّع عمرَه ْ ..
من غير جنون ٍ وجموح ْ ..
من غير خلود ٍ للحظات ..
قفزت ببحيرة ألحان ..
فاهتز لها كل الشجر ..
واتسعت منها العينان ..
ومضي يرشف منها القمر ..
ويضيف لها بعض الألماس ..
من نظراته ْ ..
كي يسكب منها في عينيك ..
بريقاً ..
قد ذاب الصخر بلمحاته ْ ..
فتـَحـُول الصخرة بين يديك ..
عذاباً حلواً مسروقاً ..
من نار النفس المضطرمة ..
من بين خمود نفوس الناس ..
يا مبدعنا ..
إنا نبضات ٌ للخلد ِ ..
للفن ِ ترانا مخلوقات ْ ..
هل تــُبدل بخلود العهد ِ ..
بضع نقود ٍ وريالات ْ ؟ ..
( تمت )
* * *